لاأدري إن كان علي أن أبدأ أو أموت الآن ولكني أحس بحاجة ماسة ليديك كي ترسمان لي ملامح وجهي وتعطيان لنبضات قلبي معناها .. لاأدري إن كان ينبغي علي الآن أن أصرخ أو أقطع حبالي الصوتية ولكني أحس بحاجة ماسة لصوتك يرسل ذبذباته إلى أذني فأحس بوجود حاسة سمعي .. هل هو الإشتياق ؟ ولكني فارقتك منذ دقائق فحسب .. هل هو إحساس فجائي بهول ماأنتهينا إليه ؟ إنني لاأملك أي أجوبة بينما تحولت كل الذرات في كياني إلى علامات إستفهام .. لماذا كان عليك أن تودعني هذا المساء ؟ كان يمكنك تأجيل ذلك يومآ آخر .. كان يمكنك بالتأكيد فلم لم تفعل ؟ لماذا أمسكت بيدك اليوم بالسكين وطعنتني بكامل إرادتك ؟ لماذا كان علينا أن نفترق ؟ هل تظن إن يدي ترتعش الآن وهي تكتب لك ؟ أظنك لست مخطئآ في ظنك .. هل أحببتك ؟ إنني أحس بك في دمي وألمحك في أفكاري وأحلامي وأكتشف صوتك في أحاديثي .. لا لم يكن ذلك حبآ ..كان إمتزاجآ .. قل لي كيف سيكون بإمكانك إخراجي من شرايينك ونبضات قلبك ونظرة عينيك ؟ قلت لي بصوت قاس :

- هذا هو الحل وسنستطيعه .

من أعطاك الحق في الحديث بالنيابة عني غير أنانية فيك لم أستطع إذابتها ؟ الساعة الآن الواحدة وخمس دقائق .. هل تراك تنام الآن ؟ هل تستطيع أن تنام وقد إغتلت نصفك ؟ إنني أحس بأنفاسك الهادئة وهي تلفح وجهي .. إنني أحس بالأحلام وهي تغزو نومك الهاديء .. لقد إستطعت أن تنام أما أنا فلاأنام والبدر ينظر إلي .. أبتسم له كما علمتني ولكنه لايبادلني إبتسامتي بل يرنو لي حزينآ وهو يلمح دموع عيني المختفية ولايدري كيف يعزيني فهو يراك نائمآ وقد قررت أن تتركني وتتركه دون أن تعلمنا كيف نفعل نحن أيضآ ذلك .. أنا لاأبكي .. نحن نبكي فقط على الأشياء التي نفقدها للأبد ولكنك لم تمت في .. إنني لاأبكيك .. إنني أنزف ولكنني لاأبكي قطعآ .. سوف أكتب لك رسالة أقول لك فيها إن قتيلتك لم تمت لأنك لم تغادرها بعد ولأنك ستنزعج من كلماتي لن أبعث بها إليك بل سأقرأها وحدي وأفترض إنك لابد تشعر بي وإنه من المستحيل أن تنام حقآ في مثل هذه اللحظات .. قلت إنه يجب أن نفترق فأفترقنا وأندهشت لأن براكينآ لم تنفجر .. لأن زلازلآ لم تدمر الأرض ومافيها بل إن البدر كان الليلة بدرآ .. أريد أن أصرخ الآن ..أصرخ بأعلى صوتي وأقول :

- لا .. أنا لاأريد أن نفترق .. لاأريد أن تتركني .

ولكنني أعلم إن أذنيك قد كفتا عن سماعي وإن صراخي سيكون بلا جدوى .. فقط قد يعطيني لقبآ ( مجنونة) .. هل يمكن أن أكون حقآ مجنونة ؟ هل تعرف ماذا يقول لي القمر الآن ؟ يقول لي إنني حقآ مجنونة لأنني لم أصرخ منذ وقت طويل .. أريد أن أصرخ لكنني لاأستطيع .. هل أخذت حبالي الصوتية معك ؟ لقد تعودت دائمآ أن تأخذ دون أن تطلب مني أن أسمح لك .. تأخذ ماتريد وأنت تثق بأنك تأخذ ( حقوقك ) ولم تتذكر قط إنني أنسانة مثلك بالضبط وإن لي مثلك ( حقوقي) ولكنك لاتثق في كوني إنسانة حقيقية مثلك وتظن أحيانآ إنني لاأحس وإن قلبي لايدق وليس لدي ذاكرة .. لدي ذاكرة ياعمري .. إنها من يتذكرك الآن فلم لم تأخذها معك ؟ لم تركت لي أسوأ مالدي ؟ يجب أن نفترق .. ليس هناك من حل آخر .. إذا كانت حساباتنا دقيقة وإذا خضعنا للعقل والمنطق فأنه يجب أن نفترق ولكن مامعنى هذه الكلمة ؟ أن نفترق يعني أن نسلخ جلدي عن جلدك وأن نفصل دمي عن دمك فهل تستطيع أن تعرف كريات دمي من كريات دمك كي تفصلهما ؟ غدآ سوف تؤنبني أمي لأنني لم أنم وتركت نفسي للسهر والإرهاق .. لن تعرف إن النوم في هذه الليلة مستحيل.. لعلك أخذت قدرتي على النوم معك .. لنر ماذا تبقى لدي : قلب يتألم وذاكرة تزرع العذاب وأنت .. أنت مازلت موجودآ .. موجودآ في كل مافي .. هل ستشرق الشمس غدآ رغم إنك لن تتلفن لي صباحآ لتقول لي والنوم لايزال يسكن صوتك ( صباح الخير ) ؟ .. كيف يمكن أن تتحمل رؤيتنا غدآ وأنا لاأسكنك ؟ لابد إنها لن تأتي .. كيف تشرق في يوم مليء بالأحزان ؟ تغزوني رغبة شديدة في أن أكون الآن بجوارك وقد سقط من الأيام هذا اليوم الذي قلت لي فيه ( يجب أن نفترق ) .. أجلس بجوارك وأمسد شعرك بينما تغفو أنت سعيدآ هانئآ ممتلئآ بوجودي قيك ولكنني أحلم .. قلت لي اليوم ( يجب أن نفترق) وأعلنت مسبقآ قتلك لرغبتي هذه حتى قبل ولادتها .. أتذكر فجأة الهاتف فأسرع إليه .. سأتلفن لك لأرى إن كنت تنام حقآ في هذه الليلة الإستثنائية أم لا .. أصل إليه ولكنني أعجز عن الإتصال بك .. أعرف إنك لن ترد أبدآ فأنت لم تعد تسمعني وسوف يوقظ رنين هاتفك كل النائمين على سطح الكرة الأرضية لكنه لن يوقظك أنت وأعرف الآن لماذا لاأنام فأنت الليلة ولأول مرة منذ ثمانية أشهر لاتتلفن لي قبل أن تنام لتقول لي ( تصبحين على خير) ويطبع صوتك الدافيء قبلة على جبيني فأنام .. هل نظرت إلى الهاتف الليلة قبل أن تنام ؟ هل حاول أصبعك أن يتمرد عليك ويطلبني ؟ هل .. ؟ وهل ..؟ وهل ..؟ لماذا لاتجيب الليلة على أسئلتي ؟ لماذا قلت لي اليوم ( يجب أن نفترق ) ؟ ماالعقل؟ ماالمنطق؟ ماالحسابات ؟ إنني ساكنة فيك فبأي حق تنتزعني منك وتتركني أرتجف في صقيع الوحدة ؟ قبلتك الليلة ستكون مستحيلة والنوم الليلة سيكون مستحيلآ والحياة ذاتها صارت الليلة مستحيلة ومع ذلك فأنا أعلم إنك الليلة نائم تتنفس بهدوء وتغرق في أحلام سعيدة .. لعلك لم تفهم بعد ماحدث .. لم تدرك بعد بشاعة الجريمة التي إرتكبتها أما غدآ .. حين تعجز الشمس عن المجيء .. حين تعجز أنت عن سماع صوتي لأنك قطعت حبالي الصوتية ستعلم إنك قد قتلتني وإنك قد أخترت لنفسك أن تكون الجلاد والسيف ..... والضحية .