أسامينا...

الله يا ست.. أقولها بالطريقه الشامية للسيدة فيروز وقد شدت بأغنية معبرة تذكر فيها معاناة أهالينا باختيار أسامينا، ولديها كل الحق، فقد استغرق صديقي وزوجته ثلاثة أشهر كاملة ليستقرا على اسم لمولودتهما الجديدة، وقد كان كل يوم يحضر لي قائمة بأربع أو خمسة أسماء ويعددها أمامي لأختار واحدا فأتظاهر بالاهتمام وأزم عيني وشفتي وأدقق وأمقق في اللائحة وأكرر قراءة الأسماء لأسمع جرسها الموسيقي ثم أنتقي واحدا ليعود في اليوم التالي مع قائمة جديدة بحجة أن زوجته لم يعجبها الاسم الذي انتقيته. نصحته أن يشتري قاموس الأسماء العربية ففعل واعتكف في بيته أسبوعا، ولكنه عاد يائسا بعد أن فشل في اختيار الاسم. صديقي كان يخاف أن يطلق على ابنته اسما لا يليق بها فتسوء حالتها النفسية وتفقد ثقتها بنفسها لأن الاسم كما يدعي صديقي مرآة الشخصية، ثم عرفت أن هذه العبارة من ابتكار زوجته. صديقي بعد الأشهر الثلاثة سمى ابنته ناريمان وبعد ايام قليلة ندم على فعلته ورفض موظف قيد السجل المدني تغييره، فاتفق مع زوجته على مناداتها هناء.

حالة صديقي المذكور أعلاه ليست الحالة العامة بالطبع فهناك عائلات فيها سبعة أو ثمانية وأحيانا عشرة وتسمية هؤلاء في منتهى السهولة لأنها من قبيل "شاكر وشكرية وسعيد وسعديه.. وهكذا", وقد يختار عاشقان أو خطيبان مولهان اسما لولي عهدهما قبل الزواج، وهكذا فعل أحد أصدقائي فقد اتفق مع خطيبته على تسمية الولد الأول هاني وكان صديقي قد عاش وخطيبته قصة حب ملتهبة حرقت الأخضر واليابس، وأصبحا مضرب المثل بالعشق والهيام تزوج صديقي حبيبته وكان أكثر حديثما خلال فترة الحمل يدور عن هاني وكيف سينام وكيف سيأكل، وعندما شرف "الأخ" فوجئت الزوجة بأن زوجها سمى ابنهما "يوسف" على اسم أبيه، فثارت ثائرتها وكادت أن تصاب بحمى النفاس من شدة الغيظ بعد أن اغتال زوجها وحبيبها السابق حبهما بهذا الاسم الذي لا يليق بعاشقين من طرازهما.

معظم الأسماء المتداولة نعوت مثل صادق وواثق وقد قرأت وسمعت أسماء هي في الواقع أفعال ولا أعرف إن كان يصح أن نقول عنها أسماء, أعرف شخصا يدعى "يسير" قد يكون بمعنى القليل أو الضئيل، وقد يكون بمعنى السير سار يسير، وتابعت أحد مسلسلات الممثلة سمية الألفي تمثل دور الأميرة "أشرقت"، وكذلك شاهدت فيلما طريفا لمحمود عبد العزيز ويمثل فيه دورا لشخص يدعى "عايش سعيد", أما أطرف ما وقع لدي من أسماء شخص قدم طلبا للسلطات المحلية بتغيير اسمه لأنه يسبب له حرجا شديدا واسم هذا الشخص الثلاثي "هاتف عطية عطلان".

المنتديات على الأنترنت أعطتنا فرصة "تسمية أنفسنا" و قد حرمنا من هذا الأمر فلا تسمح الحكومة بأكثر من أسبوع واحد لتسجيل المولود باسم يختاره أهله, وهكذا تغلب بعضنا على ضيم وصفه باسم قد لا يرغب به الطريف أننا نحب أسماءنا رغم أننا كنا بعيدين جدا عن اختيارها والبعض يفضل أن يسجل بمنتدى باسمه الحقيقي, والبعض الآخر يفضل لقبا فخما من قبيل "قلب الأسد أو مخلب النسر" و تجد أحدهم سمى نفسه نكاية بهؤلاء "فشة الخاروف", ويدعي "الخبراء" ان الاسم فيه شيء من شخصية المسمى فقد يكون من سمى نفسه "القلب الشجاع" مجرد رعديد والملقب بالطريف صاحب الرقم القياسي بثقل الدم.

كنت مرة أحاول أن "أتقرب" من شخص فأذهلني عندما صدني بشدة قائلا أنت "واوي" ماكر بألف لون, نظرت إلى نفسي في المرآة فوجدت عينين وفم وأنف وجبهة .. وبعض الماء.