ليست الانهيارات دوماً جسدية أو معنوية، وليست كلها سلبية. بعضها يعيد ترتيب الداخل مما لا بد منه أيضاً.
بعض الانهيارات ضرورية لإعادة البناء.

[U] انهيار الدماء

رأيت الكثير من الدماء، دم دجاجة تموت لنأكلها، كلنا أو أغلبيتنا تعودت على أكل الدجاجة بنهم، لكن كم منا رآها وهي تسلم الروح وتطلق النزع الأخير وتنزف آخر الدماء.
وكم من شخص وضع السكين على عنقها، فداء لرغبة الإنسان وجوعه الإنساني؛ الإنسان الذي سيمر بعد قليل ويشتري وجبة العشاء؟
أخبرت البعض عن فترة عشتها أعمل في محل لبيع "الفروج" (الدجاج المذبوح) فاستغرب، وتفاجأ وأخبرني بأنه لا يتخيل كيف من الممكن رؤية دماء أي دماء، واستغربت أنا كيف نستغرب ونحن نأكل كلنا الجسد الخالي من الروح والدماء، دون أن نفكر للحظة بأن هناك من قام بالمهمة القذرة : قتل هذا المخلوق سابقاً.

الأصعب مع كل هذا هو لون دمك، شكل يديك المضرجتين بالدماء.
حينها فقط تحس بــ "انهيار الدمِّ".

[U]انهيار القيم
كل قيمة تكتسبها خلال حياتك الطويلة، قد تعاني منها، من أجلها، أو أحياناً للتخلص منها.
فليست كلِّ القيم إيجابية، هناك قيم لا بد من أن تنهار لتعود إنساناً متناسقاً مع ذاتك.
من الصعب عدم الإحساس بآلام كآلام النفاس والولادة عند انهيار القيم القديمة.

[U]انهيار الأحلام
لا توجد حياة إنسانية، إلا ويرافقها أحلام. لذلك ليس مستغرباً أن يكون أحد أهم كتب القرن العشرين مثلاً عمل فرويد حول تفسير الأحلام.
الأحلام بالنسبة لي كانت متداخلة بالواقع في الطفولة، وأتساءل أساساً هل هناك فرق بين عالمي الأحلام والواقع في هذه الفترة.
أما في المراهقة فإنها أحلام ثورية، نؤمن بها كما لو أنها ما سيتحقق، كذلك فهي هواجس كثيراً ما تأخذ أشكالاً عاطفية أو جنسية، أو كليهما معا.
ثم تأتي فترة الشباب الأولى وتكون على شكل طموحات نسعى لها.
الآن أحلامي هي استجرار، وأحياناً كثيرة هروبٌ من واقع متعب خانق.
كثيراً ما أسأل نفسي هل هذه أحلامٌ أصلاً، ألست أشهد سقوط أحلامي وانهيارها؟

[U]انهيار الحب
كثيراً ما آمنت بأن الحب، هو نوعاً ما هدف الحياة الأسمى، لم أؤمن بشيء كإيماني بالحب. هو ربي ونبيي والأئمة والصالحون والتابعون ليوم الدين أيضاً. هو الله والدين، هو القيم والغرائز معا.
لكني أسجل منذ فترة لدي:
انهيار الحب. ومع انهياره أسجل انهياراً للكثير الآخر في داخلي، وربما لإعادة تركيب المفاهيم ذاتها بطرق جديدة مختلفة. أبهى وأنقى وأروع.

(f)