{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
في "الضاد" و"الظاء" ...
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #1
في "الضاد" و"الظاء" ...
(1)

تعرف "العربية" بلغة "الضاد". فهذا الحرف الذي لا نجده في جميع اللغات "الهندو-أوروبية"، قد لا نجده أيضاً في اللغات القريبة للعربية المتفرعة من العائلة السامية (العبرية مثلاً).

"الضاد" إذاً هو هذا الحرف "الممتاز" التي استند إليه أبناء "يعرب بن قحطان" و"مضر بن عدنان" في تمييز لغتهم. وله في العربية ما يشابهه في النطق ويقاربه في المخرج وانقباض اللسان مثل "الدال" و"الظاء". وإن كان "الأعاجم"، على الأعم الأغلب، لا يستطيعون لفظ "الضاد" إلا بإبدالها "دالاً"، فإن عدداً كبيراً من أبناء العرب يضعون حرفاًً منهما مكان الآخر. فتراهم يقولون "انظم" مكان "انضم" و"يلفض" مكان "يلفظ" وهلم جراً ...

(2)

في العصر العباسي، كان الشعر، أو ما يعرف "بالكلام الموزون المُقفى"، هو "عامود الأدب". فالنثر لم يكن قد عرف بعد طريقه إلى آداب العربية إلا من خلال بعض الخطب المسجوعة والنوادر القصيرة. فالعربية كانت في بداية تدوينها، والنثر لا يستطيع أن يشتد عوده بدون "القلم والمحبرة" – كما تقول عامتنا-.

في ذلك العصر (بداية من القرن الثامن الميلادي) كان العرب يديرون امبراطورية عظيمة، وكانوا بأمس الحاجة إلى أدوات سهلة للتدوين، يستعينون بها على إدارة الدولة. وقتها اكتشف العرب "الورق الصيني" وسهولة استعماله في "التدوين"، فقاموا باستيراده واستعماله بل وتصديره إلى خارج حدود امبراطوريتهم. في ذلك الوقت أيضاُ، ابتدأ العرب بالاعتناء بالشؤون الفكرية بجانب الأدب، فقاموا بترجمة ونقل التراث الشرقي القديم وإيداعه في "طروس مسطورة". ولكن هذه الحركة المحمومة في مجال "النثر" لم تقتصر فقط على المجالين "الإداري والفكري"، بل امتدت كي تدس أنفها في المجالات الأدبية.

على الصعيد الأدبي، كانت النقلة الأولى "للنثر" مع "الكتاب" في الدواوين. فهذا "عبدالحميد الكاتب" في آخر العصر الأموي، يخرج من عباءة "قس بن ساعدة الإيادي" و"أكثم بن صيفي" بل و"الحجاج بن يوسف" و"خالد بن صفوان" و"شبيب بن شيبة" ويستقل بأسلوب خاص اعتمده الكثيرون من الكتاب بعده. ولكن "النقلة النوعية" – برأينا – كانت مع مصنفات "ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ"، وما احتواه اسلوبه من طلاوة وحلاوة ورونق و"سهل ممتنع"؛ فالجاحظ هو "شيخ الأدب العربي" بدون منازع في العصر القديم.

مع هذا فإن الغلبة بقيت للشعر على النثر طوال هذا العصر وما تلاه من عصور. فالأذن العربية كانت تبحث دائماً عن "الكلام الموزون المقفى" ولا تجد نفسها إلا عندما تجد الوزن والقافية. هنا، رأينا العرب يطورون فناً أدبياً جديداً لا يتنكر للشعر ولا للنثر ولا للخطب ولا للنوادر، بل يأخذ من جميع هذه الفنون بطرف. هذا الفن هو "فن المقامة" الذي ابتدعه "الهمذاني" وسار في ركبه "السعدي" و"ابن تاقيا" حتى "الحريري"؛ رابعهم وأشهرهم.

"مقامات الحريري" عبارة عن خمسين "قصة ظريفة" تجمع الكثير من فنون العربية وعلومها، راويها "الحارث بن همام" وبطلها "أبو زيد السروجي". وهذا الأخير هو شخصية حقيقية جاء إلى "البصرة" يوماً ينشد المساعدة في فك ابنته من سبي الروم، فاجتمع حوله الناس في "مسجد بن حرام" ، فلقوا من حسن بيانه عجبا ومن ذكاء جنانه طربا. وتناهى خبره إلى "الحريري" فصنع مقامته "الحرامية". فلما شاعت وذاعت ووجد من نفسه قدرة على ترسم هذا الدرب، أكمل طريقه بنجاح باهر.

"المقامة" عبارة عن "فن أدبي" يعتمد على "الزخرف والوشي وصناعة الألفاظ"، يسوق كاتبها من خلال "نوادر بطلها" بعض النكت اللغوية والأبيات الحكمية والشذرات الأدبية.
لا تبحث في "المقامة" عن "العفوية" و"عمق المعنى"، ولا تطلب منها أن تسبر أعماق المؤلف ولا أن تبني عالماً و تقوض آخر كما هو الحال عند تعاملك مع الشعر. فالمقامة فن قائم على "البهرجة اللغوية والطرافة وبعض الحكم القصيرة الدارجة". أما قيمتها اليوم فهي "قيمة تاريخية أدبية" بشكل أساسي. وإن كان "الشيخ ناصيف اليازجي" قد حاول بعثها من رقادها في "مجمع البحرين"، فإن عصرنا لم يأخذ بنهج "اليازجي" الذي كان قد تأثر في "مشروعه" بأدب "عصر الانحطاط".

(3)

تكمن قيمة المقامات في تاريخيتها إذاً، ولكنها قد تفيدنا أيضاً في "تحصين لغتنا" وإكسابها ضروباً من الجزالة والمتانة. بل قد تساعد، في هذا الإطار، على بث الحياة في بعض التعابير والألفاظ المتروكة؛ فالعربية لغة لا يتقادم لفظها حتى لو تم العزوف عنه دهراً، فكل لفظ متروك مهمل قد يعود إلى لغة الحياة اليومية لو تم وضعه في إطار مناسب يفي بحاجة أو بأخرى من حاجات الأديب العربي.

نستطيع أن نستفيد من المقامات أيضاً ما يحسن لساننا ويقوم اعوجاجه. "فالحريري"، مثلاً، قد جمع بين دفتي مؤلفه الكثير من علوم اللغة النافعة، التي من شأنها أن تمد لنا يد المساعدة في عصرنا اليوم، كما هو الأمر في "المقامة الحلبية"، عندما فصل القول في أنواع "الصاد والسين" و"الضاد والظاء" ... وها قد عدنا، والعود أحمد ..

في هذه "المقامة الحلبية" ينتبه "الحريري" إلى مشكلة "الضاد والظاء" والخلط بينهما على لسان المتحدثين باللسان العربي. لذلك تراه يعمد إلى تمييزهما وإحصاء ألفاظهما، بل يذهب في تيسير ذلك إلى أبعد من الإحصاء عندما يجمع "الظاءات" في بضعة أبيات شعرية تدرأ عن حافظها خطر الخلط بين الحرفين.

يجمع "الحريري"، في الأبيات التالية المقتبسة من مقامته "الحلبية"، الألفاظ العربية التي تشتمل على حرف "الظاء". ولكنه لا يفعل الأمر نفسه مع "حرف الضاد". فكل لفط "مُلتَبَس" على "العربي"، في هذا الباب، إن لم يكن "ظاء" فهو "ضاد" لا محالة.

بقي أخيراً، أن نعرض على القاريء هذه الأبيات "المصنوعة"، عله يستفيد منها في التفريق بين "الضاد والظاء" ... يقول الحريري:


أيها السائلي عنِ الضّـادِ والـظّـا
ء لكَـيْلا تُـضِـلّـهُ الألْـفـاظُ

إنّ حِفظَ الظّاءات يُغنيكَ فاسـمـع
ها استِماعَ امرِئٍ لهُ اسـتـيقـاظُ

هيَ ظَمْياءُ والـمـظـالِـمُ والإظْ
لامُ والظَّلْمُ والظُّبَى والـلَّـحـاظُ

والعَظا والظّليمُ والظبيُ والـشّـيْ
ظَمُ والظّلُّ واللّظـى والـشّـواظُ

والتّظَنّي واللّفْظُ والنّظـمُ والـتـق
ريظُ والقَيظُ والظّما والـلَّـمـاظُ

والحِظا والنّظيرُ والظّئرُ والـجـا
حِظُ والـنّـاظِـرونَ والأيْقــاظُ

والتّشظّي والظِّلفُ والعظمُ والظّـن
بوبُ والظَّهْرُ والشّظا والشِّظـاظُ

والأظافيرُ والمظَـفَّـرُ والـمـحْ
ظورُ والحافِظـونَ والإحْـفـاظُ

والحَظيراتُ والمَظِـنّةُ والـظِّـنّ
ةُ والكاظِمـونَ والـمُـغْـتـاظُ

والوَظيفاتُ والمُواظِـبُ والـكِـظّ
ةُ والإنـتِـظـارُ والإلْـظــاظُ

ووَظـيفٌ وظـالِـعٌ وعـظــيمٌ
وظَـهـيرٌ والـفَـظُّ والإغْـلاظُ

ونَظيفٌ والظَّرْفُ والظّلَفُ الـظّـا
هِرُ ثمّ الـفَـظـيعُ والـوُعّـاظُ

وعُكاظٌ والظَّعْنُ والمَظُّ والـحـنْ
ظَلُ والـقـارِظـانِ والأوْشـاظُ

وظِرابُ الظِّرّانِ والشّظَفُ الـبـا
هِظُ والجعْـظَـريُّ والـجَـوّاظُ

والظَّرابينُ والحَناظِـبُ والـعُـنْ
ظُبُ ثـمّ الـظّـيّانُ والأرْعـاظُ

والشَّناظِي والدَّلْظُ والظّأبُ والظَّبْ
ظابُ والعُنظُوانُ والـجِـنْـعـاظُ

والشّناظيرُ والتّعـاظُـلُ والـعِـظْ
لِمُ والبَظْـرُ بـعْـدُ والإنْـعـاظُ

هيَ هذي سِوى النّوادِرِ فاحـفَـظْ
ها لتَقْـفـو آثـارَكَ الـحُـفّـاظُ

واقضِ في ما صرّفتَ منها كما تق
ضيهِ في أصْلِهِ كقَيْظٍ وقـاظـوا


واسلموا لي
العلماني
02-17-2006, 03:32 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
في "الضاد" و"الظاء" ... - بواسطة العلماني - 02-17-2006, 03:32 PM
في "الضاد" و"الظاء" ... - بواسطة تصحيح - 02-17-2006, 04:22 PM,
في "الضاد" و"الظاء" ... - بواسطة بسمة - 02-18-2006, 11:51 PM,
في "الضاد" و"الظاء" ... - بواسطة العلماني - 02-20-2006, 02:11 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  بين الضاد والظاء السلام الروحي 11 2,225 04-27-2009, 01:20 AM
آخر رد: المروءة والشهامة
  " إتقابلنا " من وحى قصيدة " عاشق " قطقط 1 1,645 04-01-2009, 11:58 PM
آخر رد: قطقط
  تعرّف على الفرق بين استخدام "إذاً" ، و استخدام و"إذن" Awarfie 10 3,360 03-13-2009, 05:54 PM
آخر رد: Awarfie
  قصيدة "صفي الدين الحلي" Basic 2 1,768 11-10-2008, 11:19 PM
آخر رد: عادل نايف البعيني
  " قاع البئر " bzlol 3 1,362 10-20-2008, 09:09 PM
آخر رد: coco

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS