{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
إنجراحات
بسمة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 681
الانضمام: May 2003
مشاركة: #1
إنجراحات
أناجيكَ أبي.

(حالةٌ أولى)
تَسكُنني مائة رواية
وألفُ ألفِ قصيدة نثر
وحين يَرتكزُ عليَّ القلمُ
أتناثرُ، أتبعثر بين:
)نعم)،
و(آه)،
و(لا)،
و(كبرياء)...






أكتُبُكَ أبي وأكتبُني معلّقةً متعلِّقةً بكَ، أكتبُنا هنا في سيرةِ نصٍ ذائبٍ ممزوجٍ منذ الأزلِ في دمي/دمِنا يا أبي. وأستحلفُ الكلمات أن تنسابَ رقراقةً غيرَ عابئةٍ بظنِّ الوشايةِ، وخِفِّةِ الكلامِ، ورجسِ التآويلِ، ووشوشةِ الطيرِ، ولزوجةِ الماء، وتربُّص الزوايا، ومَكر الغيمِ، وطيشِ الريح!
أكتبُنا أبي وأعترفُ بحضرَتِكَ أن الأيامَ تختلطُ عليّ، فأُفتِّشُ عن وطنِ الأطفالِ وقوسِ قزح، عن زهرةٍ بيضاءَ تُزيِّن شعري تعطِّرُه بأريجٍ أبديّ، عن أُرجوحةٍ تلامِسُني والغيمةَ المُغيثةَ دونَ أن تَفصلَني عنها مجدّداً، أُفتِّشُ أبي عن وطنِ الطيورِ، أتعلَّمُ منه كتابةَ النُّوتةِ الموسيقةِ وتراتيلِ اللَّحنِ الأول، أٌفتِّشُ أبي عن قصيدةٍ أُخرى، تُخبِرني و"السَّيابَ" فيها أنَّ النَّهارَ لم يرحلْ، وقبلَ أيِّ شيءٍ ساعِدني أبي -أرجوك، فَتِّشْ معي عن وِسادةٍ لا تَجرحْ وَجنِتي حين أَدَّعي النومَ وحين يَفرُشُ الليلُ أسمالَهُ على وجهِ السّماء.
غنِّ لي أبي، خُذني في صدرِكَ طفلةً تهجسُ بالأمانِ، آوي رأسي وأَسكِِنهُ بين شهيقِكَ وزفيرِكَ، علِّقني في صدرك تميمةً حين يضيقُ صدري ولا ينطقُ لساني، خذني إلى صدرِكَ وأَعِدني طفلتَك الأثيرة، واطلِق أصابعكَ مراجيحَ أِمْنٍ تلاعبُ خُصلَ شعري وتُهدّئ روعَ جنونه، واسكب حنانَكَ خمراً في دمي قطرةً قطرة، ارشُقني بالضحكاتِ المكرورةِ العذبةِ، واقصص عليّ أوائِلَ الحَكايا، دعني أعبثُ بتفاصيلِها كما أشتهي أثناءَ إتمامي لها عليكَ، وسأغضُّ طرفي –بخبثٍ بريء- عن دهشةِ عينيكَ الصادحتين حبوراً وأملاً، خُذني في صدرِكَ، خذني إليه أبي، كَلّلني بكَ جميعَك، ودعني أقطفُ زهرةً بريئةً من مرجِ خدِّك الأرحم. خذني إلى صدركَ أبي، وغنِّ لي، إذ لا أعذبُ من صوتِكَ غير صوتِكَ نفسه، ودعني أركضُ، أصهلُ، أتكركرُ، أقفزُ، أصفِّق، أشهقُ، أموجُ، أرقصُ أرقصُ أرقصُ أرقصُ في رخامته....
***
يا أَبي
في اللَّيلِ تتوسَّدُ الشمسُ قلبي،
تَنفُضُ غبارَها في عيني،
وتملؤني ظمأً، وسَهَراً، وفوضى مرهونةً للفشل،
وتسكبُ على لِساني العَيّي قصائدَ رديئة
فاغفِرْها لي يا أبي
اغفِرها لي!
***

حبيبي
يسألونَ في "الغيابِ"
أقُول –وأنا في هيئةِ نقيعِ بكاء-
"الغيابُ: نَصلٌ مَغروسٌ في العينِ
وخُلاصَةُ عذاب".
ومبتورةٌ أنا بعافيةِ البُعدِ
والخرائطُ تٌحاصِرُ أفقَ الحُلم،
والغدُ لا يعرفُ رسماً غير طيفِكَ
فأُرسِلُ ذراعيّ طيوراً
تُعانِقُ فتنةَ وجهكَ
***

إلهـي
زرَعتَ كل هذا الكون
بيني وبينه،
وألهَمتَهُ الغيابَ
ولم تُعلِّمه أنه معصِيةٌ
فعصى!
ودَسَسْتَ شوكَ الغيابِ في مَسامي كلّها
ولم تُغرِني بثوابِ الصابرين
فتَنَهَّدتُ مِن سؤالِ الليل،
الذي يَطِنُّ في كُلّي دفعةً واحدة:
"حبيبي، أيُّهما
شَرَخَ قلبي أكثر:
قُدرتُكَ على الغيابِ
أم غيابُكَ نفسه؟"
***

(حالة مباغتة)
اقتحمت الريحُ غرفتي
لم تَجد شيئاً غريباً:
الستائرُ ترقصُ عزلاء
وأنا في الزاوية
أرتجف!
***

مُنشَغلينَ أبي
بالتَّصفيقِ لِهَيأتي
لم أفعلْ شيئاً سوى أنني:
- ابتسمتُ لفرشاةِ الأسنان،
- خَطَفتُ بعضَ الشّمسِ
وخَبَّأتُه بين أمواج شعري
- وصافَحَتْ عينايَ النهارَ
دونَ وساطةِ النظارة!
.. .. .. ..
.. .. .. ..
كنتُ سأصدِّق أعينَهم
وأصفِّقُ معَهم
لولا..
صوتُ سعالكَ
نَبَّهني بضرورة الصَّراخ
دخان يصعدُ من داخلي... إنه يحترق!
***

يُصَفِّقون أبي
فأغلِّقُ الأبوابَ، أُطفِئ عينَ النوّرِ، وأُلَبِّي هيتَ لكِ الخوف. في فراشي يرتعشُ مني الدَّمُ، يَسْتقوي صراخي عليّ وحدي، أستحيلُ كرةً ملفوفةً بسُمْكِ غطاء، وينغمسُ وجهي في نعومةِ الوسادة وأغني لحناً ليِّناً لا أتبيّنه وأصيرُ نقيعَ دمعي.
***

أبي
قَبل شَهقةِ الفجرِ الأولى
بلحظاتْ
تَمثَّل لي خوفي بَشراً سَوِيّاً
رَصَد في دفترهِ:
ارْتجافاتي، شَهَقاتي، وكوابيسي المُتْقَنة
.. .. .. ..
.. .. .. ..
ابتسمَ قبل أن يُصفِّقَ بحرارة:
"براااااااافو"!
***

حبيبي
أَحلُمُ أنني
أَمشي بقدمٍ حافيةٍ
وبالأخرى فردة حذاءٍ صغيرٍ جداً
حَسْبه يَضمّ رؤوسَ أصابعي.
صوتي بعيدٌ تائهٌ لا يَصِلني
والطريقُ لزجٌ يفضي إلى سَديمٍ أعمى
.. .. .. ..
.. .. .. ..
وحين الصّحوِ، أنشجُ في البكاء
لا لسببٍ سوى أنكَ لستَ بجانبي!
***

أبـي
كَفاني أن أَبكي –قليلاً
على كتفِ الحُلُم
لأصدق كم هو
باااارد!
***

... وحَبيبي الذي هناك
ومِكرُ الأيامِ تسكبُ
على رأسهِ –المُشَوِّشِ-
صنوفَ العذابِ
كأنَّها حُكمٌ غيرُ قابلٍ للنقضِ
أو أمانةٌ مُستعجَلةُ لصاحبٍ مجهولٍ
يُغادِرُ كل محطة
-ويَستَمِرُّ الطَّوافُ والانسكابُ-

وأنا على ناصيةِ الحُلُمِ
-على الجهةِ المقابلةِ
تماماً هناك-
أُسَيِّرُ طيفي معهُ يَتَلقَّفُ آهاتَه
واحدةً واحدة
يَزُمّها إليّ في حُزمةٍ
تسكنُ بعدها أوسَطَ روحي
أزرعُ كَفّي في خَدّي
وأغرقُ في قلقٍ مُربِكٍ مرتَبِكٍ
وبكاءٍ محمومٍ يُزاوِجُ شوقاً كتيماً
ويصطفيني العجزُ خليلَتهُ!

حبيبي الذي هناك
-وَيحي وأنا العارفةُ-
أظلمه أيضاً بِتُهَمِ
"الإهمالِ، والتجاهلِ، والتَّركِ، و..."
اُعلِّقُها أمامَهُ تُهمةً تُهمة
وتسبِقُها شَهَقاتي ومدامعي

وَسواسُ العشقِ كلَّما
كسرتُ نابَهُ
نبتَ من فورهِ مشحوذاً

وأكادُ أرى وجهَهُ يبتَسمُ لي
-ابتسامةٌ أعرفها وحدي-
: "حتى أنتِ أيتها الـ...؟!"
ويأخذني إلى صدرهِ
- الحزينِ جداً-
وتَعلقُ في ثوبي من صدرهِ
آهات جديدة غرستُها بيديِّ
ويمضي بعد تهدِئة خوفي
ليَرتَوي من دمي بعدها
غولُ النَّدم

Ctrl+Z
-Undo-
ليسَ خللاً في القصيدةِ
أو عبثاً في أصولِها
- أبداً!-
هي الحياةُ الباخِلةُ في منحِ
صلاحيةِ العملِ لمفتاح
"التراجُع عن / Undo”

هي الحياةُ نفسها
تتركني عروسةً باذِخةً
شهيّةً لشبقِ النَّدم.
***

يَجْتَرُّني الضّجرُ
يَلوكُني التَّرقبُ باسترخاء
يَتَملّقُني الصبرُ بأمانيَّ مستحيلة
يَسْتِحيي النحيبُ كبريائي
دونما حياء..!
وبخشوعِ خاضعٍ ينتصبُ العجزُ أمامي
***

أبي
كِلانا مؤمنٌ:
إن الشَّقاءَ بدأ
ليس هناكَ كابحٌ لطَيشِه..!

كِلانا مؤمنٌ :
إن شُقِيَ عليَّ
أدلُقُ بكائي بين يديكَ
تحميني من ارتدادِ
شهقاتي إليّ
باحتِباسها في صدرك
صدىً مُدوِّياً...

كِلانا مؤمنٌ:
إن شُقِيَ عليكَ
تَرجمني صمتاً يحاول الابتسام،
يجلدني تأنيباً أنني:
كَتِفٌ شائِكٌ
لا يزيدُ الجرحَ إلا عمقاً.

آسفةٌ أبي
ولكن كِلانا مؤمنٌ
-أيضاً:
أنني ظالمة
وأنت كذلك..!
***

حبيبي
تسألُني مصدرَ صمتي
كيف أُقنعكَ أن قسوتَكَ عليّ
أكثرُ من براءةِ طفل
وأن حزنيَ المندلقَ حولي
ما هو إلا عصير يديكَ!
***

"الحبيبةُ الراحمةُ الرؤوم"
-على حَدِّ قولهِ-
وأُقِرُّ أيضاً: عروسةٌ متروكةٌ
حالِفةٌ ناكِثةٌ
عهدَ العقابِ والعتابِ.

وحبيبي المظلومِ جداً
-وعن جدارةٍ-
يُضحِّكُ عليَّ المسافة،
يُعفِّر على وجهي التيهَ،
يَقصِم ظهرَ الأمنياتِ،
يَحكُمُ لهاثَ الوقتِ،
يمواعيدَ رجراجةٍ دائخةٍ
تُرَشِّحُ الوحدةَ من أطرافِ ثوبي!

حبيبي
على أجندةِ أولوياتِكَ
تقابلنا ورقةُ خريفٍ وأنا
افترشت الدّهشة وجهي
حين أكَّدتْ أحقيّتها
وبقيتُ وعُري الدهشة
متلاصقتين!

في انفضاح السَّهو أتلو:
"... وأنا؟!"
أنا المُعلَّقةُ بذيلِ (و)،
المعطوفةُ غير المعطوفِ عليّ.
حزينةٌ وحزني
لا يَغبطني عليه أحدٌ:
وافرٌ، وارفٌ، ظليلٌ، شَرِهُ حياةٍ، وارِثُ قلقٍ، وَفيُّ صُحبةٍ،
مَأخوذٌ بي يُقبِلُ عليّ بكلِّه غير منقوص
ولا يعرفُ وسادةً لرأسهِ
غير صدري!

حبيبي باختصار:
طعمُ حرائِقكَ في دمي
علقمٌ معتَّقٌ
وأحبُّـكَ!
***

أبي
يُبشِّرونَ بالنورِ
فتَشقُّ جيبيَ النارُ!
***

حبيبي
ويسألونَ –أيضاً- في "الشوق"
أقولُ –وأنا في هيئةِ ساعة حائط ناعسة:
"الشوق: أملٌ كسول"
ومُستباحةٌ أنا لقهرِ الوقت
والليلُ كله لا يرحم،
يلبس وجهةَ الشوق!
فتخلو يدي من الحيلة/أي حيلة
فأجُسُّ الساعةَ بروحي، بأنفاسي
تُؤكد بعد شَكّي بصدقها، أنها:
"الثالثة والنصف صباحاً"
لا غرابة..
الجميع نيام:
(أبي، وأمي، ودُميَتي، والستائر، ومنفضة سيجارتي التي لم أدخِّنها، وعتبة البيتِ، والقمر، وأزهار الحديقة، وشجرة الدُّراق، والنور في بيت الجيران، وحتى قطة جارتنا الجميلة)
عدا شوقي إليكَ
مُتَيقِّظاً، مُرفرِفاً فوق النعاس
مُبَلِّلاً إسفنجة قلبي
من أمل الانتظار!
***

افتح عيني أبي:
لا أُجيدُ الصراخَ
وأعرف أن الصوتَ الواطئ لا يُسمع!

تقولُ:"حرري أنفاسكِ واصرخي. يبدأُ الصراخ واطئاً مكتوماً ثم يكبر يكبر ويعلو، كذلك النار –يا طفلتي، وكذلك الإنسان، حرري أنفاسكِ واصرخي!".

أحبكَ أبي، وأعلمُ تسمعني وإن وطِئَ صوتي!
***
02-25-2006, 03:53 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
إنجراحات - بواسطة بسمة - 02-25-2006, 03:53 PM
إنجراحات - بواسطة تموز المديني - 02-25-2006, 08:49 PM,
إنجراحات - بواسطة عادل نايف البعيني - 02-25-2006, 11:03 PM,
إنجراحات - بواسطة بسمة - 02-27-2006, 06:51 PM,
إنجراحات - بواسطة تموز المديني - 02-27-2006, 07:28 PM,
إنجراحات - بواسطة ابن حوران - 02-27-2006, 08:50 PM,
إنجراحات - بواسطة بسمة - 02-28-2006, 10:08 AM,
إنجراحات - بواسطة ابن الشام - 03-03-2006, 10:04 PM,
إنجراحات - بواسطة عبد الرزاق صبح - 03-04-2006, 12:39 PM,
إنجراحات - بواسطة ابن حوران - 03-04-2006, 06:28 PM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS