تبداً معارضة المقدس بالنكتة الشعبية (البذيئة في معظم الأحيان) وعبارات لعن الآلهة وسب الدين والكفر بالله وبالدنيا والآخرة (وفيها عادة فحش كثير وكبير) في ساعات الغضب والحرج والضيق واليأس صاعدة إلى أرقى أنواع المعارضة الارستقراطية النخبوية التي تحاكي المقدس ساخرة – شعراً ونثراً – وتضاهيه تهكماً وتهجوه ازدراء وتتحداه استخفافاً واستهتارا. هذا كله موجود في الأدب العربي الاسلامي وبغزارة (...). ولا ننسى، بالمناسبة، أن الفرق التي عبدت الشيطان والفرج يمكن أن تقدم إلى عين الأديب ومخيلة الفنان نموذجاً أعلى عن الهجاء الضمني الساخر للمقدس المسيطر والمحاكاة المتهكمة سراً لهيبته ورهبته والمعارضة الهازلة ضمناً لشروط العبودية له وذلك عن طريق قلب الأدوار قلباً جذرياً وفي لحظة البراكسيس الديني اليومي ذاته بكل وقاره الظاهر وجديته الكاملة على السطح. شيء شبيه يمكن أن يقال عن الأثر الأدبي الجميل الذي تركه الجاحظ تحت عنوان "كتاب مفاخرة الجواري والغلمان". أعني مقدرتنا اليوم على قراءة هذا النص قراءة تتلمس تلك المعارضة الساخرة للمقدس المدفونة في أعماقه والمتمثلة في استمداد أصحاب الغلمان وأصحاب الجواري معهم أسانيدهم المتباينة وحججهم المختلفة وبراهينهم المتقابلة كلها من القرآن والسنة والحديث النبوي ومن اجتهادات كبار الفقهاء وتجليات فحول الشعراء.
لنتمعن قليلاً، الآن، في الرواية التراثية القائلة إنه بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب قام ابنه عبيدالله بن عمر بقتل ثلاثة أشخاص ظن فيهم التآمر على مقتل والده وكان أحدهم الهرمزان الذي أسلم وصح إسلامه. ولما لما يثبت الجرم في حق أحد منهم واجه الخليفة عثمان موقفاً حرجاً للغاية لأن المطلوب كان دم عبيدالله بن عمر وفقاً للنص القرآني والأعراف الاجتماعية السائدة وقتها. طلب عثمان من عمرو بن العاص أن يخرجه من المأزق فأفتى له عمرو على النحو التالي: سأل عمرو عثمان: "هل قُتل الهرمزان في ولاية عمر؟" فأجابه عثمان:"لا، كان عمر قد قتل". فسأله ثانية: "وهل قُتل في ولايتك؟" فأجابه عثمان:" لا، لم أكن قد توليت بعد". فقال عمرو:"إذن يتولاه الله".
ألا ترون معي أن فتوى عمرو بن العاص تنطوي، أولاً، على تحد ارستقراطي للمقدس محسوب بدقة وبأعصاب باردة، وثانياً، على استهتار هاديء واستخفاف عميق به، وثالثاً، على تحويل له، بكلبية نموذجية، على أداة مسخرة في خدمة السياسة العليا وإلى لعبة من ألاعيب الملك والسلطة؟ تصرف كل من عثمان وعمرو هنا تصرف العارف بهذا كله والمتقن لأساليبه وفنونه ولم يتصرف أي منهما تصرف المصدق البسيط لادعاءات المقدس او يسلك سلوك المستسلم الساذج إلى تعاليمه وإرادته. أما نموذج التحدي الارستقراطي الانفعالي العنيف للمقدس الذي لا يبغي سوى تأكيد الذات وانفلاتها من قيوده وطقوسه فقد تركه لنا الخليفة الأموي الوليد حين رمى المصحف بسهامه وأنشد مخاطباً كتاب الله:
أتوعد كل جبار عنيد
فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر
فقل يا رب خرقني الوليد
في الطرف الاجتماعي المضاد نجد تحدياً للمقدس من نوع آخر، أقصد تحدي الإنسان المعدم والبائس والمسحوق والذي يمكن أن تأخذ معارضته للمقدس الشكل التالي:
تلوم على ترك الصلاة حليلتي
فقلت: اغربي عن ناظري! أنت طالق
فوالله! لا صليت لله مٌفلساً
يصلي له الشيخ الجليل وفائق
وتاش وبكتاش وكنباش بعده
ونصر بن ملك والشيوخ البطارق
وصاحب جيش المشرقين الذي له
سراديب مال حشوها متضايق
ولا عجب إ‘ن كان نوح مصلياً
لأن له قصراً تدين المشارق
لماذا أصلي؟ أين باعي ومنزلي؟
وأين خيولي والحلى والمناطق؟
وأين عبيد كالبدور وجوههم؟
وأين جواري الحسان العوانق؟
أصلّي، لا فتر من الأرض يحتوي
عليه يميني! إنني لمنافق
تركت صلاتي للذين ذكرتهم
فمن عاب فعلي فهو أحمق مائق
بلى، إن علي الله وسع لم أزل
أصلي له ما لاح في الجو بارق
فإن صلاة السيّء الحال كلها
مخارق ليست تحتهن حقائق
وبين البينين نماذج كثيرة عن طبيعة تحدي الفئات الوسطى للمقدس ومعارضته له كما في الأبيات التالية:
يا خليلي قد عطشت وفي الخمـ
ـرة ريّ للحائم العطشان
فاسقياني محض التي نطق الوحـ
ـي بتحريمها من القرآن
والتي ليس للتأوّل فيها
مذهب غير طاعة الشيطان
***
يا رب دعني بلا صلاح
يا رب ذرني بلا فلاح
يدي مدى الدهر فوق ردف
وراحتي تحت كأس وراح
***
افضض الدن واسقني يا نديمي
اسقني من رحيقه المختوم
اسقني الخمرة التي نزلت فيــ
ـها على القوم آية التحريم
اسقني، فإنني أنا والقسـ
ـس جميعاً نبولها في الجحيم
***
مجلس لا يرى الإله به
غير مصل بلا وضوء وطهر
سٌجد للكؤوس من دون تسبيـ
ـح سوى نغمة لعود وزمر
أنا أشهو الأنام في مثل ذا المجـ
ــلس لا مجلس لنهي وأمر
ونجد في بعض مقامات "ابن ناقيا" مثلاً جيداً كذلك على المعارضة الساخرة والمحاكاة الهازلة للمقدس عبر النقد والفكاهة والدعابة والخفة (الهادفة كلها في العمق) وبغرض التحرر – لحظياً على أقل تعديل – من سطوته وهيمنته وقيوده. وكما هو واضح في النص التالي يشمل التقليد الفكاهي للمقدس شكله ومحتواه، قالبه وقلبه، صورته ومادته:
"ويقول: تباً لكم وسحقاً، وبعداً لكم ومحقاً، تحصبون أنبياء الله بالحصى، وتقذفونهم بالنوى، صمت أسماعكم عن الرسالة، وعميت أبصاركم عن واضح الدلالة، تباً لكم وفاها لأفواهكم، لست بأول نبي خذله يومه، وضيعه قومه ... ثم دنوت منه فقلت: يا رسول الله، رجل من أمتك. فقال: لبيك، من كلا جانبيك. قلت: هل لك في المصير إلى نفر من أصحاب اليمين على سرر متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وكأس من معين. فقال: كن أمامي، ومعك زمامي، إليهم أرسلت، وفيهم بعثت فسرت واستتبعته حتى مثل بعقر الدار، فرفع عقيرته وقال:
أنا النبي اليشكري
من جشم أو غير
شفيعكم في المحشر
أسقيكم بالكوثر
أنجيكم من سقر
فتلك إحدى الكبر
لواحة للبشر
أما أتاكم خبري
في محكمات السور
وفي انشقاق القمر
إني قسيم المضري
فرعا نزار الأكبر
أتيتكم بالنذر
ومعجزات السير
أنا نبي معشر
مثل النجوم الزهر
بكم يتم ظفري
اذا اتبعتم أثري
فقلنا سمعنا أطعنا ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ... فقال بعضهم: أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، واصدع بما تؤمر إلى حزبك. فقال: اليوم خمر وغداً أمر. فقالوا: فما قولك في قول محمد صلى الله عليه وسلم: لا نبي بعدي؟ فقال: يعني لا نبي من مضر، هذا تأويل الخبر".
أما المعارضة العقلانية النقدية العلمية المستنيرة للمقدس في التاريخ العربي الاسلامي فقد أخذت أشكالاً كثيرة منها الأبيات التالية المنسوبة إلى أبي العلاء المعري:
عجبت لكسرى وأتباعه
وغسل الوجوه ببول البقر
وقيصر لما سوى ساجداً
لما صنعته أكف البشر
وعجب اليهود برب يبـ
ـر بسفك الدماء وسم القتر
وقوم أتوا من أقاصي البلا
د لحلق الرؤوس ولثم الحجر
وهناك رفض ابن الراوندي عقيدة إعجاز القرآن لجهتي النظم والمعنى بتأكيده:"نجد في كلام بن صيفي أحسن من "إنا أعطيناك الكوثر" وقوله في القرآن: "إنه لا يمتنع أن تكون قبيلة من العرب أفصح من القبائل كلها، وتكون عدة من تلك القبيلة أفصح من تلك القبيلة. ويكون واحد من تلك العدة أفصح من تلك العدة ... وهب أن باع فصاحته طالت على العرب، فما حكمه على العجم الذين لا يعرفون اللسان وما حجته عليهم".
ومفيد هنا استذكار رأيه بالنبوة القائل "أن الانبياء وقعوا بطلسمات تجذب كما أن المغناطيس يجذب" وقوله في قول النبي لعمار:"تقتلك الفئة الباغية"، "فإن المنجم لا يقول هذا". كذلك تحليله العقلاني التالي لمسألة الاعتقاد بالنبوة وموجباتها:
"إن البراهمة يقولون إنه قد ثبت عندنا وعند خصومنا أن العقل أعظم نعم الله سبحانه على خلقه، وانه هو الذي يعرف به الرب نعمه، ومن أجله صح الأمر والنهي والترغيب والترهيب. فإن كان الرسول يأتي مؤكداً لما فيه من التحسين والتقبيح والإيجاب والحظر، فساقط عنا النظر في حجته، وإجابة دعوته إذ قد غنينا بما في العقل عنه. والإرسال على هذا الوجه خطأ. وإن كان بخلاف ما في العقل من التحسين والتقبيح والاطلاق و الحظر، فحينئذ يسقط عنا الإقرار بنبوته".
أما استهزاؤه بالإعجاز والمعجزات فمعروف:
"إن الملائكة الذين أنزلهم الله في يوم بدر لنصرة النبي (صلى الله عليه وآله) بزعمكم، كانوا مفلولي الشوكة قليلي البطشة على كثرة عددهم، واجتماع أيديهم وأيدي المسلمين. فلم يقدروا على أن يقتلوا زيادة على سبعين رجلاً". وقال بعد ذلك:"أين كانت الملائكة في يوم أحد لما توارى النبي (صلى الله عليه وآله) ما بين القتلى فزعاً، وما بالهم لم ينصروه في ذلك المقام"؟
(...) هنا أقدم للقاريء النص التالي لأبي بكر الرازي لأنه أكثر تقدماً وتقدمية في تناول المقدس والأوصياء عليه من النقاد والمعلقين المعنيين كلهم في يومنا هذا:
"إن أهل الشرائع أخذوا الدين عن رؤسائهم بالتقليد. ودفعوا النظر والبحث عن الأصول، وشددوا فيه ونهوا عنه، ورووا عن رؤسائهم أخباراً توجب عليهم ترك النظر ديانة، وتوجب الكفر على من خالف الأخبار التي رووها. من ذلك ما رووه عن أسلافهم أن:الجدل في الدين والمراء فيه كفر، ومن عرّض دينه للقياس لم يزل الدهر في التباس؛ ولا تتفكروا في الله وتفكروا في خلقه؛ والقدر سر الله فلا تخوضوا فيه؛ وإياكم والتعمق فإن من كان قبلكم هلك بالتعمق. إن سئل أهل هذه الدعوى عن الدليل على صحة دعواهم، استطاروا غضباً، وهدروا دم من يطالبهم بذلك، ونهوا عن النظر، وحرضوا على قتل مخالفيهم. فمن أجل ذل اندفن الحق أشد اندفان، وانكتم أشد انكتام ... وإنما أتوا من هذا الباب من طول الإلف لمذهبهم، ومر الأيام، والعادة واغترارهم بلحى التيوس المتصدرين في المجالس: يمزقون حلوقهم بالأكاذيب والخرافات، وحدثنا فلان عن فلان بالزور والبهتان؛ وبرواياتهم الأخبار المتناقضة: من ذلك آثار توجب خلق القرآن القرآن وأخرى تنفي ذلك، وأخبار في تقديم علي وأخرى في تقديم غيره، وآثار تنفي القدر وأخرى تنفي الإجبار، وآثار في التشبيه ...".
ويعارض الرازي المقدس المتمثل في عقيدة إعجاز القرآن معارضة نقدية شديدة لاذعة ومتهكمة، مستخدماً البرهان العقلي والحجة المحسوسة على النحو التالي:"قد والله تعجبنا من قولكم القرآن مُعجز وهو مملوء من التناقض، وهو أساطير الأولين – وهي خرافات ... إنكم تدعون أن المعجزة قائمة موجودة – وهي القرآن – وتقولون:" من أنكر ذلك فليأت بمثله". إن أردتم بمثله في الوجوه التي يتفاضل بها الكلام فعلينا أن نأتيكم بألف مثله من كلام البلغاء والفصحاء والشعراء وما هو أَطلَق منه ألفاظا، واشد اختصاراً في المعاني، وأبلغ أداء وعبارة وأشكل (أي أنضج) سجعاً؛ فإن لم ترضوا بذلك فإنا نطالبكم بالمثل الذي تطالبوننا به ... وأيم الله لو وجب أن يكون كتاب حجة، لكانت كتب الهندسة، والمجسطي الذي يؤدي إلى معرفة حركات الأفلاك والكواكب، ونحو كتب المنطق، وكتب الطب الذي فيه علوم مصلحة للأبدان أولى بالحجة مما لا يفيد نفعاً ولا ضراً ولا يكشف مستوراً ... ومن ذا يعجز عن تأويل الخرافات بلا بيان ولا برهان إلا دعاوي أن ذلك حجة؟ وهذا باب إذا دعا إليه الخصم سلمناه وتركناه وما قد حل به من سُكر الهوى والغفلة مع ما إنا نأتيه بأفضل منه من الشعر الجيد والخطب البليغة والرسائل البديعة مما هو أفصح وأطلق وأسجع منه. وهذه معاني تَفاضُل الكلام في ذاته. فأما تفاضل الكلام على الكتاب فلأمور كثيرة فيها منافع كثيرة، وليس في القرآن شيء من ذلك الفضل، غنما هو في باب الكلام، والقرآن خلو من هذه التي ذكرناها".
معروف كذلك أن كلاً من مسيلمة الكذاب وابن المقفع وابن الراوندي والمتنبي وأبي العلاء المعري ( على سبيل المثال لا الحصر) قد عارض القرآن أدبياً على طريقته الخاصة. أخذت معارضة مسيلمة شكل المحاكاة الفكاهية الساخرة للسجع القرآني كما في الأسجاع التالية التي حفظتها لنا بعض كتب التراث (...):
"لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، بين صفاق وحشى" و"والليل الأطحم، والذئب الأدلم، والجذع الأزلم، ما انتهكت أسيد من محرم" و"يا ضفدع نقي كم تنقين؛ نصفك في الماء ونصفك في الطين! لا الماء تدركين ولا الشارب تمنعين". و"إن بني تميم قوم طهر لقاح، لا مكروه عليهم ولا أتاوة، نجاورهم ما حيينا بإحسان، نمنعهم من كل إنسان، فإذا متنا فأمرهم إلى الرحمن". و " المبذرات زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والباغي فناوئوه".
أما موقف المعري من المقدس (والدين عموماً) فمعروف للقاصي والداني ولا حاجة إلى تكرار شرحه أو التعليق عليه. يكفي التمعن هنا بالهجاء النقدي المرهف المتضمن إجابته على تساؤل معين كما جاء في الرواية التالية:"ويرى عن أبي العلاء المعري أنه عارض القرآن بكتاب عنونه بـ"الفصول والغايات في محاذات السور والآيات"؛ وقد حفظ لنا الباخرزي مؤرخ الأدب قطعة من كتاب أبي العلاء هذا، وهي جيدة في صنعها، بحيث لا تدرك السخرية فيها إلا بمشقة. وقد قيل لأبي العلاء: "ما هذا إلا جيد، إلا أنه ليس عليه طلاوة القرآن، فقال: دعوه حتى تصقله الألسن في المحاريب أربعمائة سنة، وعند ذلك انظروا كيف يكون".
أخيراً لا بد من إشارة إلى ابن المقفع لنمعن النظر قليلاً بالاستهزاء النقدي المبطن (والراقي جداً في نعومته ورهافته) بالمقدس الذي تنطوي عليه الرواية القائلة أنه ظل (أي ابن المقفع) يستعمل زمزمة المجوس أثناء طعام العشاء ليلة اليوم السابق لإعلان إسلامه، فسأله عيسى بن علي:"أتزمزم وأنت على عزم الإسلام؟" فأجاب:"كرهت أن أبيت على غير دين". ومعروف كذلك انه عارض القرآن ليس على سبيل المضاهاة التهكمية للشكل والأسلوب والسجع والفخامة والبلاغة فحسب، بل على سبيل نقد مادته وتعاليمه أيضاً. واستيفاء لهذا الغرض أسمى أحد كتبه بـ"الدرة اليتيمة". وفيما يلي بعض نماذج مما حفظته لنا كتب التراث:
"بسم النور الرحمن الرحيم ... ومُسبح ومُقدس النور الذي مَن جهله لم يعرف شيئاص غيره ومن شك فيه لم يستيقن بشيء بعده ... إن ربهم على كرسيه قاعد، وانه تدلى فكان قاب قوسين أو أدنى".
ويقول في الله مستهزئاً:
"انقلب عليه خلقه الذين هم عمل يديه ودعا كلمته ونفخة روحه فعادوه وسبّوه وآسفوه وأنشأ تعالى يقاتل بعضهم في الأرض ويحترس من بعضهم في السماء بمقاذفة النجوم ويبعث لمقاتلتهم ملائكته وجنوده ... وأنزل ملائكته فإذا غلبوا عدواً قال أنا غلبته أو غُلب له قال أنا ابتليته ... فما باله جزع في غير كنهه من عمل يديه ... ابتدع الأشياء فأخرج الأشياء ... ويجاوز رضاه إلى سخطه ومحابه إلى مكارهه والخير لعباده إلى الشر لهم والرحمة لهم إلى العذاب عليهم. ثم افتخر وامتدح بأنه غلبهم وقهرهم وإنما هم لا شيء ومن لا شيء".
كما يقول في الشيطان متهكماً:
"إن الشيطان قد بنى على كل صنف من أهل الأديان حائطاً حصيناً وسوراً شديداً حصرهم فيه ووكل بهم شيطاناً من شياطينه وجعله عليهم، فإن كان الوكيل حفظ السور فهذه أمانة، وإن لم يحفظه وكانت لموكله فيه خيانة، كان السور كما لم يكن ولم يبق فيه أحد ممن سجن".
د. صادق جلال العظم
عن "مجلة جسور الثقافية"
http://www.josor.net/article_details.php?t...d=1649&catid=36