[SIZE=5]من القصة القصيرة الى الرواية الى القصيدة النثرية الى المسرحية فالمقالة...ينتكب الادب السوري برائديه الاثنين العلامات الفارقة في تحد النثر العربي


بين ثلاثة شعراء سوريين كانوا أنموذجا للشعر العربي المعاصر بجوار الفلسطيني الكبير درويش كان الماغوط متفردا بالقصيدة النثرية فمن تحت عباءته المتميزة المتفردة بزغ الشعراء السوريين او على الاقل مروا من تحتها و بينهم اسماء كبيرة متداولة في صفحات الادب السوري و العربي المعاصر ...

طبيب في الريف وصعلوك العواصم يموتان في نفس اليوم .. هل هناك اجتماع عاجل و ضروري لاتحاد كتاب السماء؟؟؟هل هو اجتماع بحضور الله شخصيا ؟؟؟

بين ادونيس من قصابين و نزار قباني من ساروجة الشام اقدم العواصم الى ماغوط السلمية عاصمة الحشاشين السورية "هنا تعود التسمية الى طائفة الحشاشين التاريخية المعروفة التي يقال ان عاصمتها كانت في قلعة القدموس في وسط سوريا"...
بين هؤلاء الثلاثة تشكلت ثلاث مدارس ميزت الشعر العربي الحديث كان مؤسسها و اباها الروحي هو واحد من هؤلاء الثلاثة ... و هل هناك احد من شعراء العرب المحدثين لم يقع يوما في مطب ظلالهم الوارفة قبل ان يتلظى بلهيب لغته الخاصة؟؟؟

وحده الماغوط سحب الشعر الى منزلة النثر فسما بذلك الشعر نفسه الى علياء الحياة بادخال طاقات نثر اللغة اليومية للحياة الى مصاف الشعر الذي كان مؤطرا بكونه ديوان العرب.. كان تميزه بتفرده و لغته الخاصة فانت حين تقرأ جملة شعرية نثرية ما تعرف مباشرة ان كاتبها هو الماغوط ..هذا الرائد النثري الذي تميز بانعتاقه من مؤثرات النثر الغربي التي صبغت الكثير من كتاب الشعر النثري منهم من عاصر الماغوط ومنهم من كتب الشعر النثري قبله... هذا من ناحية الشكل اما ناحية المضمون فقد استطاع الماغوط ان يفتح افاق اوسع في مضمون القصيدة و موضوعاتها الجديدة التي ابتعدت عن ابراج الشعر العاجية وقضاياه الروحية او الروحانية وبتفس الوقت تجاوز العاطفي المباشر والجمالي الرومانسي المعهود..
الوطن و العسكر.. الازمات اليومية للمواطن العربي.. الهزائم التاريخية التي صاغت التاريخ العربي المعاصر... انكسارات الحلم النهضوي وتفسخ القومي في خلافات الاخوة الاعداء وثارات القبائل... التشرد في عواصم القهر التسكع على ابواب الحلم والدهشة القاصمة...
هذا الانطباق المعرفي المفصلي مابين الشكل و المضمون في التعبير الشعري عن الحياة هو الذي منح الماغوط هذه الريادة على قصيدة النثر

العجيلي نشر اول مجموعاته القصصية عام 1948 .. عبد السلام العجيلي الذي كان من اوائل النواب السوريين و السياسين اللذين صاغوا المرحلة المزهرة من تاريخ النهضة السورية قبل ان تلجمها سنوات الديكتاتورية لاكثر من ثلث قرن مسحت خلالها هذه الطغمة العسكرية التاريخ السياسي للبلاد...
الواقعية الريفية المشحونة بالصورة الشعرية التي تحاكي الطبيعة والطبع البشري بأدق تفاصيلهما هي هويته الاساسية التي ابدع فيها..
كتب في الرواية.. فكان راوي الريف السوري بلا منازع و كذلك قرض من الشعر ديوانا واحدا اضافة الى المقالة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر نموذجا للادب السياسي اذا صحت التسمية
تمييز نثره بلغة شعرية عالية الحس لا تتناقض ابدا مع موضوعاته الواقعية و عالمه الريفي الغني فكان ناثر الشعر عبر الرواية والقصة القصيرة التي لازمته كتابة حتى آخر أيامه:

لم أكن في حاجة الى دعوتها كي أعود الى احتضانها والتهام شفتيها الممتلئتين من جديد. أهي هذه الدعوة
لي بلسانها أم أن تلذذها بقبلي لها هو ما جعل لشفتيها هذه الطراوة ولرضابها هذه الحلاوة؟

وسمعتها وهي تبعد وجهها عني وفي أنفاسها لهاث وعلى صوتها أثر بحة سمعتها تقول: احتملني. احتمل غمزاتي ولمزاتي ومداعباتي. سأنسى حياتي وأنسى معه كل الشؤون الأخرى في حياتي. لن أذكر ألا أني جنية ساحرة تريد أن تعيد حبيبها الذي جعد الزمن تقاطيع وجهه الى سن الشباب... تريد أن تعيده فتى ابن عشرين عاما. تذكر أني أحبك! *


العجيلي الذي سحب النثر الى الشعر يموت في تفس اليوم مع زميله الشاعر الماغوط الذي سحب الشعر الى النثر
اي خسارة هذه لسوريا و للادب العربي في جنازة الكلمة ...







* من كتاب العجيلي الأخير : حب أول وحب أخير 2003