الرفيقة.."أم عادل"
الرفيقثة .."أم عادل".
أم عادل سيدة اقتربت من الستين و هناك روايات تقول أنها تجاوزت الستين و لكنها مصرة على أنها دون الخمسة و الخمسيمن و تشتشهد على ذلك بنشاطها الزائد و حركتها الدؤوب التي لا تهدأ, مازالت مرتبطة بالحزب تحضر أجتماعاته الأسبوعية بكل أنتظام و تشارك في فعاليات الحوار المختلفة و يستهويها " الوضع السياسي" فتتحدث عن الأحداث السياسية كما سمعهتا من الراديو أو التلفزيون و تطنب في حكمة الرئيس الذي يتولى حل كل هذ المعضلات بلمح البصر لذلك استحقت بجدارة لقب "الرفيقة", تبتسم ابتسامة النصر عندما تسمع كلمة الرفيقة مقرونة باسمها و كانه وسام او وشاح شرف تختبىء خلفة من اعوامها الستين.
تصدق الرفيقة "أم عادل" كل نشرات الأخبار و خاصة الأخبار المحلية و تنقطع بأحساس كامل الى المشاهد القصيرة التي يبثها التلفزيون للرئيس و هو يستقبل أو يودع ضيوفه و تتابع بشغف أكبر خطواته و هو يتقدم لإقتتاح مؤتمرا أو مركزا أو حفلة و لا ينقص شغفها حبة خردل وهي تراقب الرئيس و هو يضع أحجار الأساس لمشاريع وطنية ,النشرات الحكومية لا يأتيها الباطل في نظر أم عادل فهي مطلقة الصحة, و كذلك النشرات الجوية التي يتناوب على إذاعتها شخصان في منتهى السماجة و الغلاظة,و كذلك نشرات أسعار الخضار و الفواكة التي تبثها وزارة التموين,تثق هذه السيدة بالحكومة ثقة مطلقة و تحب شخص الرئيس بشكل لا يوصف و لعل كل وطنيتها نابع من تعلقها بشخص الرئيس.
الرفيقه أم عادل قصيرة القامة جدا يطنها منفوخة بشكل مضحك كالمنطاط رأسها يندمج مع جذعها بدون المرور برقبة تجد صعوبة و هي تدير رأسها يمينا و شمالا,شكلها كله بالوني الهيئة و لكن حماستها الوطنية تغلفها بوقار ويزيح شيئا من شكلها المستدير,شديدة السمرة مع بضع بقع سوداء كبيرة تلطخ خدها و رقبتها و كأن وجهها مرقوع أو مستعار و لكنك لا تشعر ببشاعة شكلها فحماسه حديثها و ايمانة تعطيها منظرا مختلفا أما بعد أن تعتاد عليها فتختفي تلك الرقع السوداء التي تلطخ وجهها و يبقى أمامك وجه بتعبير ساذج يتحدث بحماس عن أحلام الحكومة و مقدار حكمتها و أن خلفها ملهما يكاد يقترب من مرتبة الأنبياء.
أبو عادل جندي قديم متقاعد لا يكاد يرفع رأسة عن "دق المحيوسة" إلا ليكيل الإنتقادات الى شخص زوجته أم عادل أو الى الحكومة,يبتسم بسخرية و هو يراقبها تتابع نشرات الأخبار و يحرص على أن يرفع صوته و هو يقول "أي.خراي.... على هيك حكومة",تمتنع أم عادل عن الرد بذات اللغة نتيجة لتربية قاسية تلقتها و هي صغيرة على أحترام الزوج فتكتفي بنظرة نارية توجهها أليه و جملة مغتاظة تسمعه أياها "أنت خليك بالمحبوسة تبعك",حتى يبرهن أبو عادل لزوجته أنه ليس شخصا فارغا و هو أكبر قليلا من مجرد عسكري سابق و لا عب محبوسة حالي فيستدير نحوها بعد أن يلقي النرد من يده و يقول لها" تفرجي على حالك تفرجي على حالنا..لكن أنا خدمت الدولة تلاتين سنة و حاربت عاجبهة خمس مرات ,راتب التقاعد تبعي بيخلص بخمسه الشهر.اي يلعن ابوهن واحد يقول للتاني..شلة سرسرية".الوحيد الذي ينجو من سخرية و تهكم أبو عادل هو الرئيس,و كان يقول عند أي ذكر له في أحاديث أن عادل أو سواها: "آخ..بس لوعنا تنين من هالفريق" و كان يسمي الرئيس الفريق,لتربية العسكرية السابقة,كان يستمع الى خطب الرئيس وزوجته أم عادل و هو الوقت الوةحيد الذي يتخلاى فيه عن المحبوسة فيهز رأسه أستحسانا و يردد بين التصفيق و الآخر "يا أخي..رهيب هالفريق...رهيب" ينتبه أبو عادل الى أنه يردد كلمة رهيب كثيرا فيغير النغمة قائلا "يا أخي..فظيع هالفريق..فظيع".
أستيقظت أم عادل باكرا و بحثت عن حذائها الرياضي القديم فوجدته و لكن الفئران أكلت مقدمته البلاستيكية اللذيذه,طرقت جميع الأبواب الجيران الذين تعرفهم بحثا عن حذاء بقياس قدمها الصغيرة,فقد كلفتها الفرقة الحزبية بقياة القسم النسائي للمسيرة الحاشدة التي يقيمها الحزب بمناسبة عيد تأسيسة,أخذها الحماس فكانت تلهث و هي تسأل بلهفة عن حذاء "دخيلك يا أم هيثم..عندك بوط رياضة قياس 35 اليوم عنا "موسيره","معقول يا أم اسماعين..ما عندك بوط شوفيلي منيح لأنو تأخرت عالموسيرة",حصلت أم عادل أخيرا على حذائها فأنتعلته بفخر الجنود و لبست بنطالا بلون عسكري و قميصا يظهر ساعديهاالمترهلين,كان أبو عادل يراقبها مبتسما و هو يقول بين الحين و الآخر "بدي شوف شو رح تنفعك ...هالموسيرة..قال موسيره قال",لم تلتفت أم عادل الى كلماته و مضت في تجهيز نفسها و كأنها تتحضر لليلة زفافها.أنتهت أم عادل من تحضير نفسها فألتفتت الى أبو عادل و قالت له و كأنها تنتقم لكل ما قاله في حقها "الرئيس..بدو يحضر الموسيرة..و بدو يلقي خطاب كمان".
أنزوت أم عادل جانبا و أخرجت من جيبها ورقة و قلما و كتبت فيها خطابا الى الر ئيس وضعته داخل مضوف و أغلقته بعناية ثم دسته في جيبها,أنطلقت الرفيقه أم عادل الى مكان التجمع و بدا يترتيب السيدات و توزيع اللافتات و الهتافات عليهم.
يتبع....
|