{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5)
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #1
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5)


عندما خضعت المجتمعات الاسلامية المنتمية للعالم الثالث لاحتلال القوى العسكرية الغربية نهاية القرن التاسع عشر أوائل القرن العشرين واجهة العقلانية المسلمة تحديا أساسيا ذلك أن الغرب خلال القرون الأخيرة بعيد حملته العسكرية تحت اسم الحملات الصليبية قد تغير كليا.
لقد طور الغرب مستقلا كل نظمه الثقافية والحضارية ، لذا كان تحدي العقلانية المسلمة يتمثل في مواجهة التصادم بين النظم الغربية التي انتجت وطورت في جدلية تاريخية أوربية خاصة ومنفصلة و بين التراث الثقافي الاسلامي المتناغم نصا وروحا مع الايديولوجيا والنصوص الدينية.
كانت الثقافة الاسلامية قد توقفت عن الابداع قبل ذلك بقرون ، ولم يكن صعبا علينا أن نلاحظ أن منطقة المسلمين لازالت تعيش في القرون الوسطى .
بدأ المسلمون انفتاحهم على المدنية الغربية تحت تأثير ادراكهم التام لتخلفهم ، ولكن مع رغبة قوية بالدفاع عن هويتهم الاسلامية وحمايتها ، رغبتهم هذه فهمت كنتيجة طبيعية لتحدي المدنية الغربية ، هذه الرغبة التي نسميها اتجاه المحافظة كرد فعل على حركة الانفتاح .
في الواقع إن لدينا اتجاهين اساسيين داخل حركة الانفتاح على المدنية الغربية هما :
الإتجاه التغريبي والذي يعتقد أنه لا فائدة من محاولة التوفيق بين المدنية الحديثة والتراث الاسلامي ، ويرجع معظمهم ذلك إلى تباين خلفيات الثقافتين ، لذا آمنوا أن أفضل طريق للتقدم والتطور هو اتباع الأنظمة والقواعد الغربية كما هي والقطع مع التراث، وتجربة كل من أتاتورك في تركيا والحبيب بورقيبا في تونس أفضل مثالين على هذا الاتجاه.
الأتجاه الثاني هو الاتجاه التوفيقي وهو الاتجاه الرئيس في الدول المسلمة ، ويعتقد اتباعه بإمكانية الوصول إلى حل توفيقي .
معظم المثقفين المسلمين كما سبق أن ذكرنا لديهم رغبة قوية في حماية هويتهم الاسلامية والدفاع عنها ، فهم يعتقدون أن الاسلام دين مرن يمكنه أن يستوعب عناصر المدنية الحديثة ، فالإسلام في معتقدات المسلمين دين يحتوي قواعد نظام حياة مناسبة لكل العصور ، لذلك ليس من السهل أن يقبل المسلمون القطع مع معتقداتهم ، في الواقع العديد من الأشياء تغذي هذه الفكرة ، والدفاع عن هويتهم هو الشيء الرئيس خصوصا وهم يعتقدون أنهم
أصحاب حضارة عظيمة ، ولديهم شعور قوي بكونهم ضحايا للحركة الاستعمارية الغربية ، التي جاءت لتستغل ثرواتهم ، وكنتيجة منطقية لتحدي المدنية قرروا أن يجدوا الحل التوفيقي الذي يحفظ لهم هويتهم الخاصة وفي نفس الوقت يلبي الحاجات المدنية الحديثة .
لأن الاقتصاد هو عصب الوجود الانساني فقد تنبه العديد من المسلميين المختصين إلى أهمية دراسة النظام الاقتصادي الليبرالي الغربي كونه نظام اقتصادي متقدم ومتطور ، وحاولوا اخضاعه للقانون الاسلامي \"الشريعة\" ، أو وضع بدائل اسلامية تستطيع أن تلبي الحاجات المدنية دون أن تخرق الشريعة الاسلامية ، كان ناتج أو مخرج جهودهم موادا تراكمت بالدرس والبحث لتصبح حقلا علميا يعرف بالاقتصاد الاسلامي.

لا أحد يستطيع أن يثبت أن الاقتصاد الاسلامي هو علم مستقل أو جزء من التراث التاريخي الاسلامي ، ذلك أن الاقتصاد كعلم ونظريات إنما ظهر وتطور بعد اكتمال التراث الاسلامي بقرون ، أكثر من ذلك إن مصطلح الاقتصاد والذي يستعمل كترجمة لمصطلح \"Economy or Economics\" له معنى مختلف تماما في اللغة العربية الفصحى ، فهو في العربية الفصحى إنما يعني الاعتدال أو التوفير في الانفاق أو في أي شيء آخر ، كذلك من المهم جدا التمييز بين النتائج النظرية التي خرج بها واضعو علم الاقتصاد الاسلامي و الاسلام كدين ، حتى وإن كان الأول مشتق من الثاني وذلك لسببين :

الأول : إن علم الاقتصاد الاسلامي – كما يوصف من قبل واضعيه – هو قراءة تفسيرية للنصوص التراثية الاسلامية في محاولة لإعادة انتاج النظريات الاقتصادية مع الاحترام للمبادئ العامة في الشريعة الاسلامية والتي يتمكنون من ايجادها في النصوص الاسلامية وبخاصة القرآن والسنة أهم المصادر واقدسها.

الثاني : وهو نتيجة للأول ، ذلك أن أي قراءة تفسيرية للنصوص الاسلامية لا تعكس بالضرورة الاسلام نفسه والاسلام ليس لديه سلطة دينية مخولة تقف كمؤسسة لها الحق بالحديث باسم الدين ، ولذلك فإن أي قراءة تفسيرية أو اجتهادية لها وجهان الخطأ والصواب ، وهذه نتيجة منطقية للطبيعة المرنة للنصوص الدينية .
في المدارس الاسلامية جميعا نجد أن الفقهاء أو المختصون القانونيون المسلمون متفقين على أن الثبات في الاسلام للعقيدة والعبادة ومبادئ الأخلاق ، وأي شيء عدا ذلك يمكن أن يكون موضعا للتأويل والاجتهاد ، على أي حال فإن الاجتهاد الاسلامي تطور بسعة خلال قرون المد الاسلامي ، وتحت ضغط الحاجة .
لقد كانت ثقافة العرب قبل الاسلام ثقافة مستمدة من ومنسجمة مع بيئتهم الصحراوية ، بعد الاسلام وفي ما بين القرنين السابع والثامن وخلال أقل من قرن سيطر المسلمون على مناطق شاسعة ، في نفس الوقت الذي كانت فيه لغتهم غير مناسبة للكتابة والتأليف ، ذلك أن حروف الأبجدية العربية كان يمكن قراءتها بأكثر من طريقة ، ولم تصبح اللغة العربية لغة مناسبة للتأليف إلا بعد نصف قرن من وفات النبي على الأقل ، ولذا فإن معظم المختصيين التاريخيين العرب يعتبرون القرآن نقطة الانطلاق للعقلانية العربية ، وفي الحقيقة القرآن هو اقدم ما نعرف ككتاب خط بأبجدية عربية .
تحت ضغط المناطق المفتوحة والتي لها تاريخ ثقافي عريض وجد القادمون الجدد انفسهم في مواجهة تحد ثقافي كبير ذلك أن عليهم أن يهضموا كل الموروث الثقافي الذي وجدوه ، لم يكن ذلك تحديا سهلا ويمكننا أن نتخيل وضعهم لقد كانوا في مواجهة موروث ثقافي هائل لمجتمعات أخرى في الوقت الذي لم تكن فيه حتى ابجديتهم مناسبة للتأليف ، لا شيء عدا الإيمان القوي والولاء القبلي أهلهم لهذه المهمة .

الجيل التوفيقي الجديد بشكل ما أو بآخر يواجه مشكلة مشابهة ، لكن لا يمكن أن نتجاهل مشكلتهم الكبرى وهي أن بنية العقلانية العربية كانت قد اكتملت فعلا في القرون الوسطى ، وفي الغالب يعتبر سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر نقطة انعطاف في تاريخ العقلانية العربية ، ذلك أنها توقفت عن الابداع ، العديد من المختصين يقولون أن ذلك كان أبكر من هذا التاريخ ، وعلى أي حال فمنذ ذلك التاريخ تعتبر العقلانية العربية بنية ثابتة ، وأي محاولة لإعادة بعث أنظمتها بالنسبة للوضع الجديد يتطلب عملية تفكيك لكل قواعد هذه العقلانية ، ليس فقط لفهمها وإنما أيضا لإعادة تأسيسها ، تلك بالضبط المهمة الرئيسة في تحدي النهضة .

\" هل من الممكن أن نبني نهضة بدون عقل ناهض ؟ عقل يجري مراجعة شاملة لكل آلياته\" (1)

بعد انهيار الاتحاد السوفيني ظهرت عدة دراسات في الولايات المتحدة وعدة بلدان أوربية أخرى تحاول أن تتخيل خطر آخر محتمل بعد الشيوعية ، وربما يكون أبرز مثال في الفلسفة السياسية صموايل هنتغتون في كتابه الأشهر \"صراع الحضارات\"(2) وقد استنتج هنتغتون أن الاسلام هو البديل الرئيس الذي يمكن أن يشكل تحد للثقافة الغربية والنظام الليبرالي ، في اليد الأخرى تلميذه فرانسوا فوكاياما كمحلل جدلي للتاريخ يرفض هذه النتيجة في كتابه \"نهاية التاريخ والإنسان الأخير\" (3) فهو يعد الاسلام كجزء من التاريخ الانساني ويستنتج أنه لا شيء غير النظام الليبرالي يمكن أن يكون المرحلة الأخيرة في تاريخ النوع الإنساني ، فوكياما يضع المرحلة الليبرالية في نفس موضع المرحلة الشيوعية في نموذج مراحل التاريخ في النظرية المادية الديالكتيكية لماركس ، وعلى أي حال سواء اتفقنا مع هنتغتون أو مع فوكاياما يظل من المهم أن ندرس ونقيم نتاج واضعي الاقتصاد الاسلامي خصوصا أن هناك من ينادي به كبديل للنظام الاقتصادي الليبرالي الغربي ._ يتبع _

*(هذا جزء من رسالتي للماجستير ارتأيت ترجمته إلى العربية ونشره لما أظنه فيه من أهمية تكتنف المضوع لمعاصرته وقلة المعرفة به وأرجو أن تعم به الفائدة أما العنوان الأصلي للرسالة فهو
The Islamic banks between theory and practice)
(1) الجابري ، محمد عابد – ثلاثية نقد العقل العربي – الجزء الثاني – بنية العقل العربي – دار الفكر العربي 89- ص 7 وما يليها
(2) هنتغتون – صموايل - صدام الحضارات أو صراع الحضارات الترجمة العربية – ط1
(3) فوكاياما – فرانسوا – نهاية التاريخ والانسان الأخير بالاجليزية – ط3 – نيويورك 1998
omar_jo_1@hotmail.com
04-26-2006, 07:30 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - بواسطة عمر أبو رصاع - 04-26-2006, 07:30 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  دراسة ( السم بالدسم ) - قراءة فى فكر اللعين جون لافين - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 565 05-02-2012, 04:18 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  (( السم بالدسم ))- قراءة فى فكر اللعين لافين - بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 647 05-02-2012, 07:43 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  انكماش الرأي حسب تغير الدافع.."قراءة في جدلية الإخوان والولايات المتحدة" فارس اللواء 4 1,287 03-11-2012, 03:04 PM
آخر رد: فارس اللواء
  دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري فارس اللواء 3 1,151 03-02-2012, 09:09 PM
آخر رد: فارس اللواء
  عن العقلانية .. الــورّاق 0 737 12-22-2011, 04:57 PM
آخر رد: الــورّاق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS