كالقرابين نحن..
أجل نحن هكذا..
عندما تلد الأم رضيعها, تكون هي المدرسة الأولى في حياته , و حبه الأول و شمسه الساطعة و قمره الذي لا يغيب , و جسدها أول جسد سيسستشعره بطفولته البريئة , ستصبح هي السيدة الأولى في حياته , لا يمكن أن تقنع صبيّاً بأن هناك إمرأة ما أروع من أمه , هي من علمته الصلاة , و علمته الحب , و قبلته على جبهته و احتضنته بلا خجل , كذلك أيضاً تكون هي..
هي أول من ستحتضنه بخجل , أول من ستعلّمه طقوس الحب و شريعته , هي أول جسد سيستشعره برجولته النابضة , ستصبح هي السيدة الأولى , ستكون المعشوقة الأولى و عيده السعيد و قدره المجهول , لا تستطيع أن تقنع عاشقاً بأن هناك من هي أجمل و أنقى و أروع من معشوقته..
عندما تأتي الطفلة الرضيعة التي ستحمل أسمه , سينظر لها بسعادة غامرة , سيشعر بأنه قد وصل لمرحلة جديدة من العمر , لقد أصبح أباً , شعور لا يوصف , القبلة الأولى على خد طفلته البريئة , فالإحتضان , فالنظر لها حالماً في مستقبلها , فالخوف الشديد عليها عندما تبكي , لا يمكن أن تقنع أي أب بأن هناك من هي أكثر براءة و جمالاً من طفلته..
يتحمل تعاليمه الصعبة من الأولى , و أنين الفراق و اللوعة من الثانية , و بكاء الثالثة و همومها , و كأن القدر لا يعطيه سوى ما يعذبه , و كأن القدر جعل من عمره قرباناً يقدم لثلاثتهما , فتارة يبكي ليسترضي الأولى , و تارة أخرى يكاد يُجن ليقنع الثانية , و تارة ثالثة ليلبي كل ما تحتاجه الثالثة , لا شأن له بالإختيار , لقد خلق لكي يكون قرباناً يقدم للألهة العظيمة التي تسمى الأنثى .
تكمن المشكلة الحقيقية في أنه بعد أن يصل إلى فترة عمرية و يستجمع ذكرياته بكل ما بها فتبرز عيناه للخارج قليلاً , و يكف عن التفكير , و يضحك بصوت مرتفع جداً جداً لا يسمعه سواه... و يرحل القربان , بعد أن كان خير قربان للألهة العظيمة التي تسمى الأنثى .
كالقرابين نحن..
Guru (f) .
|