السبت 22/1/2005 : محطة أخيرة .. بقلم : ساطع نور الدين



طلبت سوريا رسمياً من اميركا وقف تدخلها في لبنان. والأرجح ان واشنطن ستستجيب لهذا الطلب، وستعهد الى دمشق باستكمال رعايتها للشأن الداخلي اللبناني، حتى لو اقتضى الامر تأجيل الانتخابات النيابية المقررة بعد ثلاثة اشهر.. إذا تعذر التوصل الى قانون انتخابي جديد. ‏

ليست مزحة، او قراءة مقلوبة للموقفين الاميركي والسوري، تتعارض مع القراءات اللبنانية المتطرفة التي راهنت على قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 أو ارتعبت منه، وكادت تؤدي الى حمل السلاح والعودة الى خطوط التماس التي لا تزال حاضرة في الاذهان كما في المؤسسات. ‏

الطلب السوري ورد على لسان اكثر من مسؤول سوري، وأبلغ الى زوار العاصمة السورية، الاميركيين وغير الاميركيين، ولم يثر الضحك كما شاع مؤخرا، بل تلقته واشنطن باهتمام شديد، نجم عن مستوى التعاون الذي تبديه سوريا في العراق ومساهمتها الجوهرية في مكافحة الارهاب في المنطقة كلها، لا سيما لبنان. ‏

وليس من المستبعد ان يكون السفير الاميركي جيفري فيلتمان الموجود حاليا في واشنطن سيتلقى تعليمات جديدة من رؤسائه، تقضي بسحب القرار 1559 من التداول، وإبطاء الحملة الاميركية الواسعة من أجل ضمان إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة في لبنان من دون تدخل سوري او اميركي، والاكتفاء بالنصح والتوجيه العام الذي يؤكد حرص أميركا على التجربة الديموقراطية اللبنانية من دون ان يغضب أحدا في لبنان. ‏

ولن تكون هذه التعليمات متناقضة مع ما قالته وزيرة الخارجية الاميركية الجديدة كونداليسا رايس في شهادتها امام الكونغرس هذا الاسبوع، والتي لم تتضمن تحذيرا لدمشق، بقدر ما كانت تعكس تمنيا بأن تدخل دمشق المزيد من التغيير على سياستها، لكي لا تسوء علاقاتها على المدى البعيد مع واشنطن.. ولكي لا تصبح سوريا احدى دول الطغيان التي يتشكل منها الشرق الاوسط الكبير. ‏

كما لن تكون هذه التعليمات متعاكسة مع التوجه المقبل للسياسة الاميركية الذي يبنى على الخشية من ان ترفع سوريا فجأة يدها عن لبنان، فتجد واشنطن والاسرة الدولية نفسها مضطرة الى التدخل الواسع الذي قد يتطلب ارسال قوات حفظ سلام دولية الى مختلف الاراضي اللبنانية، والمضي قدما في فكرة عقد مؤتمر لبناني تأسيسي على غرار ذلك الذي دعا العماد ميشال عون إليه في باريس، ولن يحضره احد. ‏

ثمة ما يوحي بأن الاميركيين باتوا اقرب من اي وقت مضى إلى الاستجابة الضمنية للطلب السوري بوقف التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، او على الاقل الحد من هذا التدخل الى ادنى مستوى ممكن.. والتمني على دمشق ان تساهم اكثر من ذي قبل، ولو بشكل مختلف، في حفظ الاستقرار اللبناني. ‏

قانون الانتخاب هو الاختبار الاول لهذا التحول: اعتماد القضاء دائرة انتخابية هو حتى الآن مجرد بالون اختبار يمهد لانقلاب جذري في الحياة السياسية اللبنانية، لا يحتاج الى تدخل السفير فيلتمان. ‏

‏

السفير