فطبوليات..
كأس العالم أصبحت طقس,و خاصة و أشدد على خاصة بعد أن تم تشفير بث المباريات الرياضية,و بما أن غالبية جماهير كرة القدم من الرعاع, و هؤلاء عادة لا يملكون شروى نقير, فتزدهر المشاهدات الجماعية,توقيرا للنفقات ,و للمشاهدة الجماعية متعة "طقسية" مختلفة ,و خاصة أذا توفر أنصار بما يكفي لكل فريق , فيحمى الوطيس خارج الشاشة كلما حمي داخلها ,و محبة مني "بالطقوس" سأختار هذه السنة المشاهدة الجماعية و سأنتقي "الشلة" الأكثر صلعكة ,و سيترافق ذلك طبعا بالإمتناع عن كل ما لا يمت لكرة القدم بصلة ,كالمسلسلات المصرية و السورية , قناة ميلودي و فاشيون تي في و ملحقاتها من مثبطات العزم و مجلبات الذنوب و الخطايا, و لا لقناة أقرأ, و لا أكبر منها لقناة أطبخ, فتيمموا ايها الرياضيون القدامى و الهواة صعيدا طيبا, و عليكم بلبس "الشورت" و المساوك, و أعتصموا بأعلام الدول المشاركة , يمنع إقتراب الإناث لأنهن من منقضات المشاهدة, و يسمح لهن بالدخول بين الشوطين أو بين المباراة و التي تليها,و النصيحة الأهم "ألتمس اللعبة الحلوة في العشر الأواخر من المونديال".و من أستطاع منكم البائة فليشترك في "أي آر تي" و يخلصنا من هذا الهم.
ظهر علي الفشل في أن أكون لاعب كرة قدم جيد منذ نعومة أظفاري , لم يتوسم في مدرس الرياضة في المرحلة الإعدادية أي أمل يرتجى في أن أعرف السير بالكرة لعدة أمتار بالشكل الصحيح , فأنتهيت ككل لاعب كرة قدم فاشل الى حارس مرمى, و هذه مهنة منحطة, تثير في النفس الغيرة و السأم,و للذين لا يعرفون فإن حارس المرمى يشرد بذهنه بعيدا جدا عندما تكون الكرة بعيدة عن مرماة و يحلم بأن زملاؤة قد سجلوا أهدافا كثيرة, و قد يحلم بكوؤس و ميداليات , و قد يحلم بحسناوات يطوقن عنقه بالورود و يقدمن له وجناتهن الجميلة,و لا يستفيق إلا و الكرة في مرماة و زملاءة يطوفون حولة يبصقون في وجهه و قد لا يخلو الأمر من " شو كنت نايم يا حمار".
عز علي أن أترك كرة القدم بعد أن فشلت لاعبا و حارس مرمى, فتفتق ذهني عن خطة رهيبة و هي التحول الى حكم,و بهذه الطريقة لا أتخلى عن الملعب الأخر و أستطيع أن أمارس أستعلائي و غروري على اللاعبين ,و نفذت الخطة فورا,تحول اللاعب الفاشل و حارس المرمى الوحيد الذي تلقى أثنا عشر هدفا في شوط واحد الى حكم كرة قدم,و بعد دورة قصيرة نسبيا اصبحت حكم درجة ثالثة,و الحكم في تلك الأيام "ليست المدة طويلة في كل الأحوال",كان يعمل حكم للخطوط أو حكما للساحة , بدأت حكما على الخط, يعني حكما رابعا,أبدل اللاعبين و أزجر المدربين الغاضبين المندفعين, و أتلقى الصفعات عن الحكم الرئيسي الذي ينزعج منه الجمهور.و غالبا أجلس بإسترخاء و كسل و أنا أشاهد مباريات الدرجة الثالثة المملة.
المباراة الأولى "و الأخيرة", التي خضتها حكما للساحة كانت بين شباب نادي الجيش و شباب جيش التحرير الفلسطيني ,الصراحة كان منظر الفريق الفلسطيني مرعبا "جميعهم حالقي الروؤس على الصفر",سمر البشرة من طول التعرض للشمس, و يتخاطبون بلهجة غير مهذبة ابدا "مثل تعال ياحمار..خود يا جحش", بالمقابل كان شباب الجيش في منتهى النعومة و الأناقة يحافظون على وضع فنلاتهم و جواربهم النظيفة ,و يتحركون بخفة و سلاسة , الصرحة "نقزني قلبي" من هذه المباراة,و لكن الأمر الذي كان حاسما فيها عدم توفر حكام للخطوط , و يصعب في هذه الحالة على حكم الساحة ظبط التسلسل, و الرميات الركنية و رميات التماس البعيده عن الحكم,و كان يجب أن تبدأ المباراة بأي شكل..و بدأت..
أنتهت المباراة بأربع أهداف لفريق الجيش قال عنها فريق جيش التحرير بأنها من تسلسل واضح, بالمقابل قال فريق الجيش أني تغاضيت عن ست ضربات جزاء صحيحة ,المهم أن جيش التحرير ,"لزقني بدن نساني كل الأطعمة التي تناولتها و أنا طفل",و لم يتدخل السلفة من نادي الجيش للدفاع عني , فتفنن جيش التحرير في الضرب و الركل, طبعا بعد هذه المعمعة لم يكن لدي خيار إلا أعتزال مزاولة كرة القدم و التفرغ لمشاهدتها تفرغا كاملا...و لذلك قصة أخرى...
هذه سلسلة "علك" كروي و غير كروي سأكتبها بمناسبة كأس العالم..فتحملوني.
|