عتبرت صحف فرنسية أن تصفية أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم قاعدة الجهاد بالعراق جاءت متأخرة، وأنه مات بعد أن أنهى مهامه.
وذكرت جريدة "لوموند" أن اغتيال الزرقاوي هو بمثابة "انتصار له"، بينما ذهبت بعض المصادر الفرنسية إلى التنصيص على وجود "خلل واختراقات للتنظيم؛ وهو ما أدى إلى مقتل الزرقاوي".
فتحت عنوان "الزرقاوي انتصر"، كتبت "لوموند" في افتتاحيتها السبت 10-6-2006 أنه إذا اعتبرنا أن تصفية "أبو مصعب الزرقاوي بغارة جوية يوم 7-6-2006 تعد نصرا للولايات المتحدة والحكومة العراقية المشكلة حديثا ولأجهزتها الأمنية وللشعب العراقي بغالبيته العظمى، سواء أكان قريبا أو معاديا للأمريكيين لأنه كان أحد المستهدفين الأساسيين من جانب الزرقاوي، فإنه يجب الاعتراف بأن المنتصر الأول هو الزرقاوي ذاته".
وذهبت الصحيفة إلى أن الزرقاوي "حقق كل الأهداف التي رسمها قبل رحيله"، حيث استطاع طيلة ثلاث سنوات فرض برنامجه على المشهد العراقي ككل.
وأوضحت أنه "تمكن من طرد الأمم المتحدة من العراق عن طريق ضرب مقرها في بغداد، ثم تبعها بعمليات اختطاف شملت كل الأجانب المنتمين للمنظمات الدولية، فضلا عن ممثلي القنصليات والسفارات".
وأضافت "لوموند" أنه بالرغم من أن غالبية العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية تشن من قبل مجموعات مسلحة إسلامية وبعثية سابقة وجماعات سنية أخرى فإن "بصمات الزرقاوي" ظلت واضحة على هذه العمليات العسكرية، وفي حالة الرعب التي دفعت الأمريكيين إلى عدم المجازفة بالخروج إلى المثلث السني". وهي تسمية تطلق على منطقة في وسط العراق تقع شمالي غرب بغداد، وتمتد أطرافها من بغداد شرقا والأنبار غربا ومحافظة صلاح الدين شمالا.
الاعتبار الثالث الذي جعل "الزرقاوي ينتصر"، بحسب "لوموند"، أنه بخلاف زعيمه أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي اتجه نحو حرب ضد الغرب والمملكة العربية السعودية، عمل على تركيز اتجاه جديد للعمليات العسكرية نحو الشيعة والأكراد في العراق، أي إلى تحفيز معطى الحرب الأهلية، وهي الوضعية الحالية في العراق".
واختتمت الصحيفة الفرنسية افتتاحيتها بالقول: "إن غياب الزرقاوي لن يغير على الأرجح من المعطيات الحالية ومن التحديات التي يواجهها العراقيون، ونحن بانتظار بقية مسلسل العنف الذي لن ينتهي إلا بحل مشكلة سيادة الحكومة العراقية، ومشكلة الاحتلال الأمريكي، وإيجاد حلول لحالة التدمير الاقتصادي".
"اختراقات"
وحول ما تعكسه تصفية الزرقاوي نسبت صحيفة "ليبراسيون" الجمعة 9-6-2006 إلى خبير فرنسي في شئون الإرهاب أن العملية التي نفذتها القوات الأمريكية أثبتت أن هناك "اختراقات" في تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين.
وقال الخبير: "إن ظهور الزرقاوي في شريط مصور قبل اغتياله بفترة سهّل من مهمة تحديد مكانه في بلاد شاسعة نسبيا كالعراق، فبالرغم من حرص الزرقاوي على اعتماد التمويه بالتصوير في ميدان خال تماما من أي علامة، فإنه أخطأ حتما في التعتيم الكامل".
وشدد الخبير الفرنسي على "أن تحديد مكان الزرقاوي بهذه الدقة في منزل ناء ومعزول لا يمكن أن يكون محض صدفة، فهو بترتيب ومعلومات دقيقة من دوائر الزرقاوي الخاصة والقريبة منه، وهو أمر ليس صعبا بل هو ممكن عن طريق زرع عملاء، خاصة عن طريق المتطوعين الأجانب الذين يتوافدون على العراق من كل حدب".
وذكّرت "ليبراسيون" بمشاركة العديد من الفرنسيين المسلمين في الحرب التي تخوضها المجموعات المسلحة في العراق، حيث يقدر عدد المتطوعين الفرنسيين المسلمين هناك بحوالي 50 شخصا، مات بعضهم في عمليات ضد القوات الأمريكية، بحسب الصحيفة.