لربما البعض لايفهم تعبير العقوبة وانما تعبير الحلال والحرام، ولربما كان من الافضل التساؤل بالصيغة الدينية" هل إغتصاب الزوجة حلال" لكي تلائم الوعي الديني السائد، في بلداننا ، ولكن الموضوع مطروح من الجهة الحقوقية وله بعض الجوانب الدولية كما سترون، فكيف سيكون الموقف بالمقارنة بين الحقوق والتشريع المدني وبين وعي التشريع الديني ؟

امس قرأت في احدى الجرائد قضية غريبة ومثيرة للغاية، إذ ان محكمة إستئناف سويدية حكمت على سويدي من اصل تونسي بالبراءة من تهمة إغتصاب زوجته التي رفعتها عليه زوجته نفسها. وسبب البراءة ان " الجريمة" جرت في تونس وبالتالي قررت المحكمة مقاضاته حسب القوانين التونسية (في حد ذاتها مثيرة للعجب).
وحيث ان القوانين التونسية ( وتونس متهمة من قبل السلفيين بأنها دولة علمانية) لاتعترف بوجود إغتصاب للزوجة، فالجريمة بالتالي " غير موجودة" في القوانين التونسية ولاعقوبة عليها، هل يعقل هذا؟

محاكم الدول الاسلامية لاتفهم إمكانية إغتصاب الزوج لزوجته، على الارجح بسبب ان موروثنا الديني لايحتوي مثل هذا المفهوم ولتذهب الزوجات ومشاعرهم الى الجحيم. إن الزوجات متروكات لرحمة الازواج، إما ان يعاملون ا " قواريرهم" بالتي هي احسن وإلا فالاحول ولاقوة إلا بالله. هذا اقصى ماسيواجهونه. اي ان حقوق الزوجات ليست بأكثر من حقوق الجواري، فالزوجة ليست شخصا حقوقيا موازيا للرجل، فهل يمكن ان تلتزم المحاكم السويدية بهذا المنطق؟

ونعود الى المحكمة السويدية، حيث اعترضت " الزوجة" قائلة بأن ذلك غير صحيح بأعتبارها انها " ليست" زوجته وانما تعاشره معاشرة الازواج، وبالتالي يجب الحكم عليه بماتحكم المحاكم التونسية على حالات الاغتصاب.
والمحاكم التونسية تحكم بالسجن المؤبد على الاغتصاب، مما اوقع المحكمة السويدية بورطة، إذ ان السجن المؤبد عقوبة صارمة للغاية على جريمة من هذا النوع.
المحكمة السويدية خرجت من ورطتها بالقول ان " المعاشرة" من هذا النوع تعتبر مثل الزواج العرفي في تونس وهي بالتالي كالزواج، لتصبح " جريمة " الازواج الجنسية ضد نسائهم ليست بمستوى جريمة الزوجات ضد رجالهم. مما يشكل محنة جديدة للمحكمة السويدية، ولتخرج المحكمة من ورطة نفي الجريمة عن " الجريمة" لاسباب دينية وبسبب العقوبة الغير متلاءمة مع الفعل، اقرت الاساءة النفسية " المستمرة" وبالتالي فهذه جريمة تمتد الى الاراضي السويدية، ليصبح بالامكان استخدام العقوبات السويدية، ومن هنا حكمت المحكمة على " الجاني" بالسجن لمدة تسعة اشهر.
لقد سببت المحكمة تشهيرا بالدين الاسلامي والمجتمعات الاسلامية المتواطئة مع الرجل ضد المرأة محولتها الى " جارية " لاغير.
مارأيكم بهذه المعمعة والخلط بين الحقوق الاوروبية واللاحقوق الاسلامية، على اساس التعايش الثقافي؟