أيمن، ابن اختي، طفل غاية في الوسامة، حاد الذكاء، مفرط الحساسية، لم يكمل التاسعة بعد!
قرر في سن السادسة ألا يحضر حصص القرآن لأنها عنيفة وفيها الكثير من العذابات..
في الثامنة من عمره قرر - هو وأصدقاؤه في العمارة والحي والمدرسة - أن يشكلوا فريقا لكرة القدم، أتذكر مرة أنهم هزموا بـ 23 هدفاً مقابل لا شيء :D.. يومها لم يتوقف أيمن دقيقة عن فضح ألاعيب الفريق الآخر، وعن الإشادة بفنية وتقنيات فريقهم المهزوم، بل المسحوق سحقاً.. ههههههههه..

عبد الله، ابن عمي الصغير المدلل، لم يكمل الخامسة عشرة بعد، مهووس باقتناء أحدث موديلات الموبايلات، ويحب الكمبيوتر! كذلك يحب السباحة ولبس الجينز والـ Black Street Boys.. وله في البلاي ستاشون صولات وجولات.

صغار آخرون، أبناء لأصدقاء اخي أو أختي يتقاتلون على شراء قمصان الفريق البرازيلي، ويطربون ويأنسون لأخبار رونالدينو، كارلوس، رينالدو وغيرهم، بل وينسجون حولها الأساطير الطفولية البرئية..

في البارحة، حضرت خالتي لزيارتنا، حضرت هي وجمع لابأس به من بناتها وبنات أبنائها، كانت أكبرهن لا تتعدى السادسة عشر، ثم، بدأت المباراة بين البرازيل وغانا، وفجاة انبرى الكل.. جميعهن.. هذه المرة بنون النسوة في آخر الجمع.. جميعهن أصطففن كلؤلؤ منضود يدعين ويتوسلن لله بحركات غنجة ورقيقة؛ أن انصر – يا الله - البرازيل..

اتذكر نفسي حتى العام 1998م، كان قلبي يخفق بشدة للبرازيل.. كانت البرازيل عندي أكثر من هوية لهوس شعبي اسمه كرة القدم، بل كانت رمزاً للقوة المتحدية المنتقمة لشعوبنا الثالثية ضد الامبريالية والتقدم الغربي!

ثم كبرت، فتغيرت عندي المقاييس والمعايير.. كذلك حالي وحال أكثر اخوتي وأصدقائي.. كنا نهتف للبرازيل.. ونقرأ لماركس.. ونتوشح الأحمر.. ونلصق صور جيفارا.. ثم، ماركس أصبح فيلسوفاً، وسياسي.. والأحمر أصبح لوناً للدم.. وجيفارا مات وقابل للانتقاد..

أعتقد أن للعمر والبرازيل وهبة الماركسية لون واحد..