الذكاء الثقافي
إن الحركات والإيماءات وأنماط الكلام التي يواجهها المرء في بيئة تضم جنسيات مختلفة يمكن أن تحمل في طياتها مجالاً واسعاً من التأويلات , بما فيها تلك التي تفتح الطريق لاحتمال إساءة الفهم , وتجعل التعاون بالتالي مستحيلاً .
إلا أن المرقب المحايد يملك أحياناً مقدرة فطرية على تفسير ما لا عهد به من إشارات شخص ما تماما بالطريقة ذاتها التي يدرك فيها مواطنو ذلك الشخص وأقرانه تلك الإشارات .
إن هذا هو ما نسميه الذكاء الثقافي . في عالم أصبح الانتقال فيه عبر الحدود أمراً مألوفا , يتحول الذكاء الثقافي إلى ملكة ومهارة بالغة الأهمية وفي كافة مجالات الحياة .
إن للمنظمات أيضاً ثقافتها الخاصة , التي غالباً ما تكون مفرطة في الخصوصية , أذ ينفق كل قادم إلى هذه المنظمات بضعة الأسابيع الأولى في محاولة فك شيفرتها الثقافية .
إن لكل جماعة ووحدة ومهنة ومنطقة جغرافية . . . لها مجموعة من الآداب والمعاني والخلفيات التاريخية والقيم التي تسبب إرباكاً للوافد الجديد , وتكون حجر عثرة في طريقه ما لم يتحل بقدر عال من الذكاء الثقافي .
إن هناك علاقة بين الذكاء الثقافي والذكاء العاطفي , ومع ذلك فدور الذكاء الثقافي يبدأ من حيث ينتهي دور الذكاء العاطفي , إذ يمتلك أي شخص يتمتع بقدر عال من الذكاء العاطفي السمات المشتركة بين البشر والسمات التي تميز الفرد عن الآخرين .
أما الشخص الذي يتمتع بقدر عال من الذكاء الثقافي فيستطيع أن يستخلص من سلوك الفرد أو الجماعة تلك الخصائص التي تشكل قاسما مشتركا بين الأفراد والجماعات , وتلك الخصائص غير العامة وغير الخاصة في الوقت نفسه , إن البون الشاسع ما بين هذين القطبين من الذكاء هو الثقافة .

يتبع