بشار الأسد و حمدي قنديل..
بشار الأسد و حمدي قنديل...
قبل أيام أجرت شبكة أمريكية لقاء مع الرئيس أميل لحود , مارس الصحفي الذي أجرى اللقاء دور المحقق ,حجر ملامحه و تلبس نظرة قاسية ووجه أسئلة قصيرة حادة أثار بعضها الرءيس لحود , و أصر على سوأل محدد كرره أكثر من عشر مرات , أضطر الرئيس لحود بعدها أن يتهم الصحفي بالتحيز ,هذا النوع من اللقاءا و الذي يوظف فيه الصحفي قدراته الإيحائية و الشخصية لا تخرج بنائج حقيقية عن مواقف الشخص موضوع المقابلة , و لكنها تزفر مادة إعلامية فاقعة , في لقاء الرئيس بشار الأسد مع الصحفي المصري حمدي قنديل جرت الأمور بشكل معاكس تماما ,لم تفارق إبتسامة الإعجاب وجه حمدي قنديل و حافظ على نبرة صوته الهادئة القريبة من التوسل , لم يمارس ألحاحا أو حثا للرئيس بشار الأسد لينتزع منه "إعترافا" رغم بعض الإجابات الغامضة و البعيدة عن مناخ السؤال المطروح ,ركزت معظم الأسئلة على الخطاب الأخير للرئيس الأسد و الذي أثار اللغط داخل الدهاليز و اللوبيات فحركت بعض روؤساء تحرير بعض الصحف, و حاول الأسد "بمساعدة قنديل" تهدئة الزوبعة الصغيرة التي أثارها ذلك الخطاب,بطرح نسخة مخففة منه ,كان حمدي قنديل متعاونا مع الرئيس الأسد في ايصال ما يريد أيصاله , و قدم خدمة إعلانية للرئيس الأسد بإحاطة البرنامج بمجموعة مختارة بعناية منص ور الرئيس الأسد و هو يمارس مهامة و حياته ,و تعمد إظهار الود و الطيبة ببذلته ذات الألوان الفاتحة "للشهية" , و الأهم تخليه عن ربطة العنق الرسمية مما يوحي بأريحية اللقاء و خلوه من العقد الكبيرة التي تحيط بالرقاب.
رغم مضي ما يقرب من سنوات ست على بشار الأسد كرئيس لسوريا , لم يبد انه أعتاد على الكاميرات , كان أميل الى العصبية , بتمللة المتكرر على مقعدة غير المريح , حاول أن يقلد جلسة والدة "الغرانيتيه" , فنجح مضمونا و فشل شكلا ,جملة كانت قصيرة شابها الكثير من اللهاث , كلامه كان سريعا متلاحقا ,ضاعت نهايات بعض الكلمات , لم يكن مركزا فلم يعط الكثير من المواضيع ما تستحقق من توضيح , بالغ في إستخدام يديه , وشرد أكثر من مره محاولا البحث في ذاكرته عن سؤال فقده أو إجابة مناسبة ,مظهره العصري ,و شعره المصفف بعناية , و كذلك ضحكته البرئية , أعطته شكل الرجل الصادق المسالم .
أعاد هذا اللقاء إكتشاف الخطاب "الناري" الذي ألقاه قبل ايام و هاجم فيه جهات لبنانية و عربية ,برىء السنيورة من تهمة "الصناعة الإسرائيليلة" , و لم يشر مباشرة الى أنه قصد جعجع و لكن ذلك كان واضحا , ثم وقف على مسافة حذرة من جنبلاط و أكتفى بالقول بأنه يرى رأي إسرائيل و ليس بالضرورة أنه يلتقيها وجها لوجه ,و محى بشكل قاطع أتهاماته لمصر و السعودية , و بالطبع أبقى إعجابة بحزب الله و المقاومة اللبنانية على ما هي عليه و لم يخف إعجابة بهذا النموذج , و لمح الى إمكانية اللجوء أليه إذا "حزت الحزة" على جبهة الجولان ,و لم ينسى أن يقول بأن الإعداد لهذا الأمر يتطلب وقتا و جهدا و تحضيرا جيدا,و كأنه يحث المعنيين بالإسراع في عملية سلام إن كانوا راغبين قبل أن يغير رأية و يحرك "الجماد", برأ حمدي قنديل نفسه و طرح على بشار الأسد سؤالا حول الطيران الذي حلق فوق الأجواء السورية و لكنه دمجه بسؤال آخر حول دخول الحرب , أجاب بشار على الشق الثاني و ذكر الإستعداد و التحضير و توقف قبل أن يجيب على الشق الأول , و مرقها حمدي له على عادة قدامى الأصدقاء.
لم يوجع حمدي قنديل رأس الأسد بأسئلة كثيرة عن الوضع الداخلي و الحريات ,أكتفى بالإشارة الى أن الأسد طرح نفسه ,كمردتي "للتي شيرت" و كسائق مااهر "للدراجات الهوائية", ابتسم الأسد و طور إبتسامته الى ضحكة سعيدة , و أخبر حمدي قنديل بأنه مازال حتى تاريخة يرتدي "نفس" التي شيرت و يقود الدراجة الهوائية ,أقتنع حمدي قنديل بهذا الجواب و لكني لا أظن أن مشاهدا واحدا أقتنع بالأمر .كان حمدي قنديل في قمة الكياسة , عندما أكتفى بهذا القدر , الأسد أراد أن يبدو كريما و صريحا عندما قال "نحن لم نحقق كل شيء و لكننا حققنا بعض الأشياء" ثم وعد حمدي قنديل بأن يطلق له بعض المعتقلين أن لم يكن هناك موانع "وطنيه".
في نهاية الحديث لم يخف الأسد رغبته بالسلام و تعجله في إنجازه , و كأنه يريد القول لديكم بضعة اسابيع فإن لم تتحركوا , فقد لا استطيع "السيطرة" على القطاعات "الشعبية" التي تريد أن تقاوم على طريقة حزب الله , و أوضح رغبته بمؤتمر على شاكلة مؤتمر مدريد .
|