حزب الله فقد صواريخه البعيدة المدى
2006 الثلائاء 29 أغسطس
الأنفاق في الجنوب كلفت 4 مليارات دولار
"حزب الله" فقد صواريخه البعيدة المدى
إيلي الحاج من بيروت: أعرب مرجع سياسي في بيروت عن اعتقاده بناء على تقارير موثوق بها بأن ما نسبته 90 في المئة من الصواريخ البعيدة المدى في ترسانة ميليشيا "حزب الله" قد دمر بالغارات الجوية الإسرائيلية خلال الحرب. وأوضح المرجع ل "إيلاف" أنه بناء على الصور التي تضمنها بعض التقارير، كان معظم الصواريخ البعيدة المدى التي في حوزة الحزب من نوع "فروغ"، وقد أخضع إلى تعديلات. وأضاف أن إطلاق صاروخ من هذا النوع الذي يحتاج إلى منصة ويسير بالوقود السائل يستلزم تحضيراً لا تقل مدته عن 90 دقيقة ، فترة قاتلة في بلاد يراقب كل متر فيها قمران اصطناعيان إسرائيليان فائقا التطور ، فضلاً عن المراقبة التي توفرها الطائرات الإستطلاعية 24 ساعة على 24 ، الأمر الذي جعل كل محاولة إطلاق عملية انتحارية.
وعاد المرجع بالذاكرة إلى ما حصل بعد ظهر 17 تموز الماضي في وادي كفرشيما على مشارف الضاحية الجنوبية، حيث حاول مسلحو الحزب إطلاق صاروخ بعيد المدى على عمق إسرائيل فكشفتهم وسائل المراقبة الإسرائيلية وقصفتهم مقاتلة جوية مرتين على التوالي مما أدى إلى تدمير أربعة صواريخ وسقوط عشرات الضحايا. ورجح أن يكون الصاروخ الذي انطلق في شكل لولبي ثم هوى في المنطقة قد أصيب بشظية في الغارة أشعلت وقوده السائل ، مذكراً بأن بعضهم في الضاحية الجنوبية أطلق أسهما نارية لاعتقاده أن الحزب أسقط طائرة حربية إسرائيلية، في حين التزمت قناة "المنار" الصمت على الموضوع بعد 5 دقائق من إعلانها إسقاط طائرة.
ولم يكن أي موقع للجيش اللبناني حتى ذلك اليوم قد تعرض لهجوم إسرائيلي، مما حمل المعنيين في "حزب الله"، الذي نفى خبر تدمير الصواريخ، على الظن أن الجيش يمكنه نقل تلك الصواريخ المضروبة من وادي كفرشيما إلى مكان آخر لئلا تنكشف الحادثة. وبالفعل حضرت وحدة فوج الأشغال التابع لسلاح الهندسة في الجيش اللبناني وقامت بالمهمة ، ولكن للأسف كانت الكاميرات الإسرائيلية تراقب من الفضاء. وعند منتصف ليل بدأ الطيران الحربي الإسرائيلي بشن غارات على ثكنة فوج الأشغال في الجمهور فدمرها ، وكانت حصيلة الخسائر البشرية كارثية: 14 شهيداً بينهم ضابطان، و25 جريحاً.
وأعطى المرجع "إيلاف" صورة تبين عسكريين يرفعون أحد صواريخ "حزب الله" المقصوفة" في وادي كفرشيما، مشدداً على عدم ذكر المصدر. وتوقف عند الحديث التلفزيوني الأخير للأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فقال أن أكثر ما لفته فيه ذكره "المشيئة الإلهية" في معرض تفنيده أسباب اندلاع الحرب ، وقال إن ذلك يمكن اعتباره طبيعيا في أمور الحياة العادية، خصوصاً لكونه صادراً عن رجل دين، أما في مسائل اتخاذ قرار بالحرب أو السلم فهو خطر لأنه يقفل الباب على إمكانات الأخذ والرد. وذكّر كذلك بقول نصرالله في إحدى إطلالاته خلال الحرب أن عناصر "المقاومة الإسلامية" يطلقون الصواريخ والله هو الذي يسدّد، وتصريحه بعيد اندلاع المواجهة العسكرية أن ما فعله عناصر الحزب في 12 تموز(يوليو) الماضي هو نصب الكمين، بعد "الخط الأزرق، والله هو الذي تلطّف وأرسل الدورية الإسرائيلية التي قُتل ثمانية من جنودها وأسر الحزب اثنين.
وأبدى خشيته أن تكون الحسابات التي استند إليها نصرالله للتأكيد أن لا جولة حرب ثانية بين إسرائيل والحزب هي أيضاً خاطئة، مشيراً إلى قول الأمين العام أنه لو كان لديه شك بنسبة واحد في المئة بأن يكون الرد الإسرائيلي بهذا الحجم لما قبل بتنفيذ عملية 12 /تموز يوليو . واستغرب إهمال "حزب الله" التحذيرات التي تلقاها عبر قيادات لبنانية بعد التوصل الى وقف للنار أواخر أيار / مايو الماضي، تحذيرات مفادها ان المسؤولين الاميركيين جزموا أنها المرة الأخيرة يتمكنون فيها من لجم اسرائيل عن ممارسة تصعيد نوعي ومؤلم ضد كل لبنان إذا أقدم "حزب الله "على خرق" الخط الأزرق".
وأسف لما تبين من معلومات موثقة أوردها المحلل الإقتصادي مروان إسكندر في مقاله الأحد الماضي ( "النهار" البيروتية) ، مختصرها أن "حزب الله" أنفق خلال خمس سنوات أربعة مليارات دولار على بناء 11 مليون متر مكعب من الأسمنت المسلح لإنجاز ملاجىء ودهاليز وأنفاق محصنة تحت الأرض مجهزة بمستلزمات المحافظة على طاقة المقاتلين ، وذلك بكفاية هندسية وتنظيمية عالية. وقال إن أنصار الحزب وعناصر بيئته والعائلات في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع فقراء وكان يمكن رفع مستواهم الإقتصادي، وفي كل المجالات لو استخدم المبلغ الضخم ( ال4 مليارات ونصف مليار دولار) لأغراض الحياة والتقدم، ولو قبل الحزب بحل لمسألة سلاحه من الحلول المغرية التي عرضت عليه منذ خروج الجيش السوري من لبنان، وكلها كانت أفضل من الوضع الذي رسا عليه سلاح الحزب حالياً بنتيجة الحرب، حيث هو في الجنوب معرض للصدأ، أو للتحول في الداخل سلاح ميليشيا بلا ذريعة ولا مبرر ولا غطاء وخلافاً للقانون.
وختم المرجع بإشارة إلى قول السفير السابق جوني عبده في حديث إذاعي الأحد الماضي أن البرنامج الخاص الذي بثته قناة "الجزيرة" القطرية عن الأنفاق والدهاليز المترابطة التي أنشأها "حزب الله" تحت المنازل والأحياء في الجنوب يعطي إسرائيل العذر لتدمير منازل اللبنانيين على رؤوس سكانها، وسأل عما تناله الجهة الممولة ( إيران) من "حزب الله" لقاء المبالغ الطائلة التي أنفقتها وتنفقها عليه، نافياً أن يعطي أحد أحداً شيئاًُ في سياسات الدول لوجه الله الكريم .