تطرق البابا إلى موضوع التعاليم الإسلامية خلال كلمة ألقاها في إحدى الجامعات بألمانيا... ونسب إلى الإسلام ومؤسسه عليه الصلاة والسلام والقرآن الكريم - عن شخص آخر - أموراً لاتمت للحقيقة بأية صلة...
وبهذه الطريقة الماكرة في ذكر أمر ما بلسان شخص آخر يستطيعون أن يقولوا ما يحلو لهم بدون أن ينسب الكلام إليهم...
وبالنظر إلى المكانة التي يحتلها البابا في العالم ما كان لائقاً به أن يتفوه بمثل هذا الكلام... وبالذات في هذه المرحلة التي تثار فيها مشاعر الكراهية والنفور ضد المسلمين في العالم عموماً وفي العالم الغربي على وجه خاص... إن هذه التصريحات التي أدلى بها البابا في هذا الوقت بالذات هي كمن يقوم بسكب الزيت على النار...

كان يجدر به القول أنه على الرغم من أن بعض المنظمات الإسلامية الشريرة قد تبنت موقف العنف والقتل والتزمت... إلا أن تعاليم الإسلام تهدف إلى إرساء دعائم السلام والأمن... ولذلك فلا بد أن نتكاتف ونكثف الجهود حتى ننقذ الإنسانية من المزيد من الدمار والخراب...
وبدلاً من ذلك فقد أوهم البابا بكلامه السالف إلى أتباعه أن هذا هو تعليم الإسلام حقيقة... إن البابا بهذه الأقوال قد أثبت عدم معرفته بالتعاليم الإسلامية الحقيقية...

وأقول لحضرة البابا بأنه كان عليك أن تسعى لإحلال السلام في العالم عملاً بتعاليم المسيح عليه السلام -الذي نحترمه ونحترم رسالته- بما أنك تعتبر نفسك خليفة له... فتعاليم المسيح عليه السلام تحض على الإحسان إلى العدو أيضاً...

لقد أدى كلام البابا ضد النبي عليه الصلاة والسلام وضد الإسلام إلى تجريح مشاعر المسلمين... ونحن نعلم أن هناك فئة من المسلمين لا يمكنها ضبط مشاعرها ولا تستطيع التحكم في نفسها... وهؤلاء سوف يقدمون على أعمال سيستغلها أعداء الإسلام للدعاية ضد الإسلام أكثر... ومن جهة أخرى فإن أتباع البابا وأهل الغرب بشكل عام سوف يعتبرون الإسلام دين العنف والإرهاب وستمتلئ قلوبهم بالنفور والكراهية ضد المسلمين أكثر...

يقول البابا:
في المحادثة السابعة من [المؤلف بعنوان] (داياليكسيس διάλεξις) الذي حرره البروفيسور خوري، يقارب الإمبراطور موضوع الجهاد ،الحرب المقدسة. لابد و أن الإمبراطور قد عرف أن السورة 2 [سورة البقرة]، [الآية] 256 تقول: "لا إكراه في الدين". و طبقاً للخبراء، فإن هذه واحدة من السور التي تنتمي للحقبة المبكرة، حين كان محمد بعد مستضعفاً و مهدداً. لكن من الطبيعي أن الإمبراطور قد عرف أيضاً الإرشادات التي وردت في القرآن ـ التي تطورت لاحقاً حول الحرب المقدسة.

ونسأل حضرة البابا... ما هي هذه التعاليم الإسلامية الخاصة بنشر الدين؟؟ وما هي أسوة الرسول بهذا الخصوص؟؟

ونقول لك يا حضرة البابا بأن الإسلام هو دين الفطرة... والفطرة هي الشيء الوحيد الذي يجمع البشرية كافة.. ولهذا فالإسلام دين عالمي يصلح للبشرية على اختلاف أعراقها وألوانها... والإسلام يا حضرة البابا لم يعلّمنا بأنه من ضربك على خدك فأدِر له الآخر أيضاً... لكننا نتوجه لكم بسؤال بما أنكم أعطيتم هذا التعليم... إلى أي مدى تعملون بحسبه؟؟؟

والواقع أن هذه الأمور من التعاليم المسيحية قد أصبحت بمنزلة عيوب أدت إلى هجر المسيحيين لدينهم... فلا أحد يحضر الكنائس ولو مرة واحدة في الأسبوع سوى العجائز.. حتى أنهم بدأوا يؤجرون الكنائس للاحتفالات والمناسبات الأخرى... وهناك لافتات معلقة على واجهات الكنائس كتب عليها: "برسم البيع"...

ويتابع البابا:
الإيمان وليد الروح، لا الجسد. [و] أياً كان من يقود شخصاً إلى الإيمان، فإنه سيحتاج إلى قدرة الكلام بشكل سليم و التفكر بشكل ملائم، من دون عنف أو تهديدات... كي يتم إقناع روح عقلانية، فإن المرء لا يحتاج إلى ذراع قوية، أو [إلى] أسلحة من أي نوع، أو [إلى] أي وسائل تهديد أخرى للشخص بالموت...".
ونقول لك يا حضرة البابا أن هذا كلام صحيح... إلا أن قواكم الكبرى تتدخل في أمور الآخرين حتى ولو كانوا يبعدون ألاف الأميال... فلماذا هي تستخدم القوة؟؟؟؟ أليس من واجبك يا حضرة البابا توجيه النصح لأفراد أمتك وملتك وأن تخبرهم بأنهم يخطئون في هذا ولا يصيبون؟؟؟
ولماذا لا تنظر يا حضرة البابا إلى ما حدث في التاريخ المسيحي... فالمسيحية قبل قرون لم تكن سوى عقبة في طريق التقدم والحضارة. وقد مارست الكنيسة ممارسات أدت إلى إبقاء أوروبا ترزح تحت سبات عميق لم تفق منه إلا قبل بضعة قرون وذلك عندما تمردت على سلطة الكنيسة وعلى تعاليم المسيحية التي ظهر أثرها على امتداد تلك القرون. إن ما تعيشه الدول الغربية في هذا الوقت من تقدم وحضارة لا يرجع إلى التعاليم المسيحية مطلقا، بل هو ناتج عن ثورة ضدها....

يقول البابا:
كان الإمبراطور يعلم بأحكام القرآن...

ونقول لك يا حضرة البابا ماذا يقول القرآن بهذا الصدد؟؟؟ يقول تعالى: وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ (29) الكهف
لقد أمر الله تعالى هنا نبيه عليه الصلاة والسلام أن يخبر العالم أن الإسلام حق... وأن هذا الحق من ربكم... لكنكم مخيرون في قبوله أو رفضه... فمن أراد قبوله فليؤمن ومن أراد رفضه فليكفر.. لأنه قد صدر قرار رباني من قبل بأنه لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ (256) البقرة

وقال تعالى أيضاً:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (108) يونس

ويقول تعالى أيضاً يا حضرة البابا:
وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران

هذه هي الأحكام الإسلامية... والآية الأخيرة قد نزلت بعد فتح مكة... فبدلاً من توجيه الاعتراضات التافهة يجب أن يتعقلوا ويلتزموا بالعدل... لا يوجد في الإسلام ولا مثال واحد على الإكراه في الدين... إنها افتراءات على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مارس الإكراه في حين أنه كان لا يقبل أن يدخل أحد الإسلام نفاقاً... ولقد ورد في رواية أن أسيراً كافراً عُرض عليه صلى الله عليه وسلم... فقال الأسير: لماذا أسرتموني؟؟ فإني قد أسلمت... فقال عليه الصلاة والسلام: لو أسلمت قبل ذلك لكان مقبولاً.. أما الآن فتسلم خوفاً وتتقول ذلك ليُفكّ أسرك... ثم أطلق عليه الصلاة والسلام سراحه لقاء إطلاق أسرى المسلمين...

سلام