ماذا لو لم يدخل المسلمون مصر ؟
لن يستطيع أحد أن يعرف كم فكرت في هذا السؤال ...
ماذا لو لم يدخل المسلمون مصر ؟
ماذا لو لم تدخل المسيحية مصر ؟
ماذا لو لم يحارب محمد علي أوربا ؟
ماذا لو لم يحتل الإنجليز مصر ؟
ماذا لو لم يقم ضباط الجيش بإنقلاب يوليو ؟
ماذا لو كان جمال عبد الناصر شبيها لكمال أتاتورك في توجهاته ؟
ماذا لو ... ؟
أنا مغرم بتلك الأسئلة ..
ما علينا ..
للأسف لم أستطع الدخول على الموضوع منذ بدايته لانني كنت مسافرا في عيد الأضحى ..
و لكن لم يفتني الكثير ...
أنا في الحقيقة لم أستطع إلا أن أتفق مع الحكيم الرائي في إستنتاجه ...
تبدو إسما على مسمى يا حكيم ..
أنا بشكل عام أفضل أديان مصر القديمة على الأحدث ..
أفضل الأديان المصرية القديمة على المسيحية على الإسلام ..
و كما قلت قبلا فإن الإسلام لم يكن ديانة مصرية بل هو ديانة عربية آتية من منطقة بدوية قاحلة بلا حضارة مماثلة للحضارة المصرية تحمل قيما متخلفة و همجية و ثقافة حافية.
نحن أبناء مصر كنا عظاما .. كانت لنا دياناتنا الخاصة.
كان لنا آمون و أوزوريس و إيزيس و حورس و ست و ... و ..
المسيحية لم تكن مصرية و لم تكن تناسبنا مثل دياناتنا الأصلية و لكننا إلي حد كبير مصرناها ..
و من لا يصدق فليقارن بين النظام الكهنوتي المصري القديم و الحالي ..
حتى الألحان و تم صياغة كلمات مسيحية على مقاسها ..
الأيقونات المسيحية شديدة السبه بما قبلها ..
و بعد فترة أصبح لمصر مسيحية خاصة بها ظلت تناطح القسطنطينية و روما بها ..
نحن من إخترعنا الكهنوت المسيحي و الرهبنة المسيحية على مستوى العالم ..
نحن من حددنا شكل العقيدة المسيحية على مستوى العالم في المجامع الأولى ..
ثم أخذت المسيحية المصرية كل العادات و الأعياد التي كان يحتفل بها المصريين قديما و مسحتها, في الحقيقة لم يتغير الواقع المصري كثيرا بعد دخول المسيحية ..
هناك بعض المساوئ التي أتت بها المسيحية كديانة ذات منشأ مختلف أصلا و لكن على أي حال قد تم إعادة تشكيلها و تقفيلها هنا في مصر ..
أما الإسلام ...
يا عيني على الإسلام ..
هذا الدين البدوي الوافد عرب مصر تماما ...
تجاهل العرب الغزاة الثقافة المصرية و اللغة المصرية و الحضارة المصرية ليفرضوا ذاتهم علينا ..
فرضوا دينهم و نبيهم و لغتهم و ثقافتهم و قيمهم البدوية المتخلفة على شعبنا المتحضر الجميل.
و مع مرور الأيام إنسلخنا عن ذواتنا .. عن أنفسنا.
بالنسبة لي أنا لا أعتبر نفسي مسيحيا بأي حال من الأحوال ..
و لكني أتعاطف جدا مع ما هو مصري ...
أتعاطف جدا مع دياناتنا الوطنية القديمة ثم الديانة الوطنية المسيحية بعد ذلك ..
كنت أفضل لو لم تدخل المسيحية مصر ..
و كنت أحلم لو يدخل الإسلام مصر ..
فتظل مصر كما هي مثل الصين لم تتطور لغتها أو ثقافتها أو ديناتها إلا بما هو طبيعي ..
مصر و الصين هما أقدم الحضارات البشرية, حافظت الصين على نفسها بينما لم تفعل مصر.
لهذا أتعاطف جدا مع الصين و أتابع أخبارها و أتمنى لها النهوض و الرفعة.
و لكن أرجع للموضوع الذي فلت مني ..
أنا أصدق جدا أنه لولا الإسلام لكان لمعظم الأمم في المنطقة شأنا آخر ..
تركيا كانت ستظل مسيحية و جزءا لا يتجزأ من أوربا و دولة ناهضة عظيمة ..
إيران كانت ستظل فارس القوية عسكريا صاحبة الحضارة و النفوذ ..
العراق .. آشور القديمة كانت ستحتفظ بعنفوانها ...
الشام كله كان سيحيا كجزء من ثقافة البحر الأبيض المتوسط ..
ثم عرب شبة الجزيرة أنفسهم كانوا سسيندمجون إما عاجلا أو آجلا مع العالم و بسهولة شديدة ..
أما مصر الحبيبة ... مصر العزيزة
لولا الإسلام لكان لها شأنا آخر.
أعتقد أنها كانت ستظل ولاية رومانية إلي أن تنهار الإمبراطورية الرومانية ..
و لربما إحتلتها مملكة فارس أو مملكة آشور كالعادة و لكنهم سينسحبون إن عاجلا أو آجلا ..
لم تستطع الحضارات الأسيوية الإحتفاظ بمصر طويلا ( ماعدا العرب الملاعين ), هذا ما أثبته التاريخ.
الحضارات الأوربية هي التي ظلت تتلاقف مصر طويلا ..
و لذلك أنا أثق أنه بمجرد إنهيار الحضارة الرومانية و دخول أوربا عصورها المظلمة كانت مصر ستتخلص من كل تهديداتها العسكرية بسهولة ثم ...
قيام دولة وطنية في مصر يكون حاكمها مصريا أو حتى أوربيا متمصرا مثل الحكام الأغريق لمصر, كفيل بأن يجعل مصر قوة إقليمية لا قبل لأي حضارة أخرى بالمنطقة بها ..
لو كانت مصر إستقلت و أقامت مملكة وطنية في هذا الزمن السحيق أدعي أن النهضة الثقافية و التنويرية و الصناعية كان من الممكن أن تنشأ بها هي و ليست بريطانيا أو أي دولة أوربية أخرى ..
طبعا أنا أثق أن سلطان كنيسة الإسكندرية كان سيزيد كثيرا و كان سيحاول التأثير على السلطة و لكنني أكاد أجزم أنه لولا الإسلام لكانت مصر الآن قوة عظمى عالميا تمتلك من المقومات الصناعية و الإقتصادية و العسكرية ما لا يقل عن أمريكا مثلا ..
أتراني مبالغا .. أبدا.
مصر دائما كان يعيبها عدة أشياء ..
ضعفها العسكري الدائم (فيما عدا أوقات النهضة العسكرية أوقات الأسرات المتوسطة و الحديثة) لأنها حضارة زراعية أساسا لم تعتاد القتال و الفلاح المصري ظل متفرجا على محتليه و حكامه بلا ثورة أو تمرد قوي و حتى الآن .... و نظام مبارك يشهد بذلك.
تدينها الشديد .. إلا أن الدين لو كان مصريا أصيلا ما كان سيواجه صعوبة في الإندماج عالميا بل أنه كان سينسحب تلقائيا أمام المد العلمي و المعرفي للمصريين.
نظامها كان دائما شموليا ... منذ أن كان فرعون هو إله و إبن إله و كل أرض مصر ملكا له.

على العموم لا يمكن أن ينكر منصف كيف كانت مصر عظيمة و قوية بحضارتها و ثقافتها و قيمها و أديانها القديمة ... و لا أظنها كانت ستحيد عن تلك العظمة التليدة إلا بالإنسلاخ عن هويتها و ذاتها عن طريق قوة إستعمارية غاشمة باطشة مهلكة مخربة تسلبنا كل ما لنا و تجعلنا ندعو انفسنا عربا بعد أن كنا مصريين.
لو كان الإسلام ديانة مصرية نشأت في مصر منبثقة من ثقافتها و حضارتها و أديانها القديمة لكنت أحترمه.
لو كان الإسلام قد ترك منشأه الحضاري خارج أرض مصر و تمصر كما فعلت المسيحية لربما كنت إحترمته أكثر ..
لو لم يكن الإسلام و الإحتلال العربي قد مسخ الشخصية المصرية الجميلة بهذا الشكل لكنت إعتبرته مثل بقية الأديان المنتشرة في الأرض.
و لكن ماذا أقول و التاريخ لا يعيد نفسه ...
و لا أريد من التاريخ أن يعيد نفسه ...
دخل الإسلام مصر و حدث ما حدث .. لن نبكي على اللبن المسكوب.
و لكن علينا الآن أن نعرف أنفسنا حقا .. لنعرف من نحن حقا.
حقا قالها سقراط " إعرف نفسك "
علينا ان نعرف انفسنا حقا ..
علينا ان نفهم أنفسنا أكثر ..
علينا ان نحب أنفسنا أكثر ..
علينا ان ننتمي لأنفسنا اكثر ..
التاريخ لم ينس أن شمولية إسبرطة هزمت ديموقراطية أثينا ..
التاريخ لم ينس أن المغول قد إكتسحوا الجميع و لم يفرقوا بين متحضر و عربي ..
و التاريخ لم ينسى أن البدو العرب المتخلفين إستطاعوا إحتلال مملكة فارس العظيمة و العراق و الشام و مصر العظيمة الحبيبة المستكينة و كل شمال أفريقيا بل و تجرأوا على أوربا و إحتلوا أسبانيا و تركيا فعلا ..
و لربما لو لم يكن هؤلاء الهمج قد سيطروا على تلك الأجزاء الكبيرة من العالم القديم لكن همج آخرين هم المغول قد غزوا كل تلك المساحة التي إحتلها العرب ...
و لربما صارت مصر جزءا من الدولة المغولية ..
و لربما قام شباب من إحدى الدول المغولية بتحطيم برجي التجارة العالمي في أمريكا لتقرر أمريكا أنه قد آن أوان تحطيم الثقافة المغولية المتعصبة المتخلفة الرافضة للتحديث و النهضة و الآخر ..
لربما كان هذا ما حدث ..
لربما إنتصرت الهمجية العربية قديما ..
و لربما لو لم تكن الهمجية العربية قد إنتصرت لكانت الهمجية المغولية قد إنتصرت ..
و لربما كانت إحدى الحضارات المسلحة في المنطقة قد إنتصرت ..
و ربما و ربما ...
هو درس علمنا إياه التاريخ قديما ..
تحتاج الحضارة القوة كي تحميها ..
و لكي لا تصير الغلبة للهمجية و الرجعية و التخلف في شريعة الغاب الأرضية ..
و حتى يتحضر البشر كلهم ... كلهم
يحتاج التحضر لقوة تحميه من الغوغائية ...
فيا أمريكا و يا أوربا و يا أيها الغرب المتحضر و يا أيها العالم المتحضر و البشر المتحضرين ..
إحذروا القوة الغاشمة الباطشة الهمجية ..
إحذروا القوة الرجعية المتخلفة الهدامة ..
إحذروا مغول العصر الحديث ..
إحذروا العرب ..
لكيلا لا يكون مصيركم مماثلا لمصير مصير العظيمة الجميلة ..
و لكي لا تصبح نيويورك هي عاصمة الخلافة الآتية ..
و لكي لا تبدل الإنجليزية و الثقافة الأمريكية الحضارية بالعروبية الآتية من المستنقع العربي ..
إحذروا ..
إحذروا قبل أن يفوت الأوان ..
إحذروا قبل تصيروا مثلنا عربا ..
إحذروا قبل أن تصبح أمريكا هي "جمهورية امريكا العربية"

و تحياتي للجميع.