{myadvertisements[zone_1]}
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #1
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
يقول الحق عز وجل:
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ. (ص 29)
لابد أن نتأمل في آيات الله عز وجل ونتدبرها. ومن حسن التدبر أن لا نقول في كتاب الله ما ليس فيه. فإن جهلنا أمسكنا ولا نتكلم بغير علم تعظيمًا لذلك الكتاب العظيم.

وقد فتح موضوع الناسخ والمنسوخ الباب واسعًا للطعن في كتاب الله بناءً على الاختلاف الكبير بشأنه بين علماء المسلمين. ومن ثم دعوت الله أن يوفقني لمعالجة هذا الموضوع من جذوره فكان هذا البحث بتوفيق من الله عز وجل.

ربما يسأل سائل: هل قال كثير بعدم وجود ناسخ ومنسوخ في كتاب الله؟
وللإجابة على هذا السؤال. أقول: إن ابن تيمية خالف الأئمة الأربعة في بعض المسائل الفقهية، بل صارت أراؤه هي المشهورة. يقول ابن حزم:

"لقد أخرجنا على أبي حنيفة والشافعي ومالك مئات كثيرة من المسائل، قال فيها كل واحد منهم بقول لا نعلم أحدًا من المسلمين قاله قبله، فاعجبوا لهذا" (الإحكام في أصول الأحكام)

ومعنى هذا أن فهم النص في تغير زمانًا ومكانًا. وفي ظل الحرية يبدع المسلم أيما إبداع. وفي ظل الجهل يُغْلق باب الاجتهاد وإعمال العقل بل ويوسم من يستخدم عقله بالخروج من ملة الإسلام. وقد حرم علماؤنا التقليد وهو الحفظ والترديد دون فهم وإعمال عقل واستعمال المنطق. يقول الإمام ابن حزم:

"إن التقليد حرام، ولا يحل أن يؤخذ قول أحد غير رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بلا برهان" (فتاوى معاصرة. د. يوسف القرضاوي. ج2. ص 113)
لذا قررت تناول موضوع الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل لأثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه وَهْمٌ عَلُقَ بذهن الأمة ردحًا من الزمن وحان الوقت أن تنفضه عن كاهلها.

تعريف النسخ:
النسخ يعني النقل والكتابة والتسجيل. ومثله:
هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (الجاثية 29)

ويعني الإزالة والمحو:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (الحج 52)

والنسخ بالمعنى الذي نعارضه ونثبت زيفه يعني نسخ حكم سابق بحكم لاحق يقع في الأوامر والنواهي (أي الأحكام) ولا يقع في الأخبار وأصول العقيدة وأصول الأخلاق. ويختلف مفهوم النسخ عند الأقدمين عنه عند المحدثين. يقول ابن قيم الجوزية:

"ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى انهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخًا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد. فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه. ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر." (إعلام الموقعين. ابن قيم الجوزية. ج1. ص 39)
وقال بذلك ابن عثيمين إذ رأى أن التخصيص لا يعد من النسخ لأنه ليس رفعًا للحكم، بل هو رفع للحكم عن فرد وهذا ليس بنسخ. ولكن في عرف الأقدمين قد يسمون هذا نسخًا، مثل قوله تعالى: "إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ. (المعارج 30) قالوا نسخها قوله: "وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ" (النساء 23) ومعنى نسخها هنا: خصصها. وقد جاء عن ابن مسعود في قوله: " إِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ." (التوبة 5) أنه نسخ واستثني بقوله: " فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ." (التوبة 5). أي أنه راى النسخ هنا بمعنى الاستثناء والشرط.

وهناك فرق بين النسخ بالمفهوم الحالي والتخصيص.
التخصيص هو إخراج بعض ما يتناوله اللفظ العام. والمخصص إما أن يكون متصلًا لم يفصل فيه بين العام والخاص بفاصل، وإما ان يكون منفصلًا. والمتصل خمسة انواع:

1- الاستثناء: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (النور 4، 5)
2- الصفة: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ. (النساء 23) فقوله: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، صفة لنسائكم.
3- الشرط: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا. (النور 33)
4- الغاية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ. (البقرة 187) وقوله تعالى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ. (البقرة 196)
5- البعض بدل الكل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. (آل عمران 97) فالناس لفظ عام خصصه بعبارة "مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا".

أما المخصص المنفصل فيقع في مكان آخر غير مكان العام. مثل:
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ. (البقرة 228) فهذا عام خصصه بقوله:

وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. (الطلاق 4) .. وقوله:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا. (الأحزاب 49)

الرضعات العشر والخمس:
يرى البعض أن هذه الرضعات مما نسخ لفظه وبقي حكمه. إلا أن جمهور العلماء خالفوا هذا الرأي وقالوا يثبت برضعة واحدة وهو رأي علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس وابن المسيب والحسن والزهري ومجاهد وقتادة ومالك والأوزاعي والنووي وأبي حنيفة. وقد اعترض أصحاب مالك على حديث عائشة لأن القرآن لا يثبت بخبر الواحد. يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:
"إن القول بآيات نسخ لفظها وحكمها معًا وأنسيها الرسول –صلى الله عليه وسلم- وصحابته جميعًا كلام لا وزن له." (نظرات في القرآن. ص 203)

ما نسخ رسمه وبقي حكمه:
مثل آية الرجم التي استنكر الشيخ ابن العثيمين أن تكون مما كان يتلى من القرآن. يقول:
"وقد اشتهر لفظ الآية المنسوخة "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم." ولكن هذا لا يصح لأن هذا النص مخالف لهذا الحديث إذ أن النص ربط الحكم بالشيخوخة والحديث الصحيح ربط الحكم بالإحصان. ثم إنك تستشعر بركاكة اللفظ، والقرآن كما نعلم لفظه بليغ جدًا فهو بعيد عن أن يكون كلام الله باعتبار لفظه وهو لا يمكن أن يكون الحكم الذي نزل ونسخ لفظه باعتبار مدلوله ومعناه، إذن فاللفظ منكر حتى لو فرض أن السند لا بأس به او حسن أو حتى صحيح فلا يمنع أن يكون شاذًا." (ابن عثيمين. شرح الأصول من علم الأصول. ص 387، 388)
ومن هنا نعلم أن لفظة "آية" لا يقصد بها آية قرآنية، وإنما هي حكم ارتضاه الله.

قوله:
يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ. (إبراهيم 39)
مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (البقرة 106)
والآية تعني أن الله لا يمحو آية بمعنى معجزة آتاها نبيًّا من انبيائه أو ينساها الناس لطول العهد بها إلا ورزق الناس معجزة تماثلها أو تفوقها لأنه عز وجل على كل شيئ قدير. وقد وصف الله نفسه هنا بالقدرة وقال بعد الآية مباشرة:
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ. (البقرة 107)
ليمكن أن نفهم أن المقصود هو الآيات الكونية أي معجزات الأنبياء والمرسلين. ويزيد هذا المعنى وضوحًا الآية الثالثة مباشرة:
أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُوَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ. (البقرة 108)

ولو كان معنى "مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا" هو الناسخ والمنسوخ، فإن الله لم يصرح لنا أنه سينسخ اللفظ ويبقي الحكم أو يسنخ الحكم ويبقي اللفظ، وإنما صرح بنسخ الآية المنزلة أي لفظًا وحكمًا. وهذا ضد من يقول بوجود الناسخ والمنسوخ في كتاب الله.

أما قوله:
وَإِذَا بَدَّلْنَا ءَايَةً مَكَانَ ءَايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. (النحل 101)
فالآية في سورة النحل وهي مكية ولم ينزل في مكة أحكام لتنسخ. ونلاحظ أن توجه الرسول إلى بيت المقدس في صلاته ثم توجهه إلى البيت الحرام كان في مكة. والآية تأتي بمعنى "الحكم". أي أنه وقع تبديل لآية (حكم) التوجه لقبلة بيت المقدس بآية (بحكم) اتخاذ بيت الله الحرام قبلة للمسلمين. أضف إلى أن القرآن الكريم كان ينزل متفرقًا، فكان سيدنا جبريل يأمر سيدنا محمد أن يضع هذه الآية لتكون في مكان كذا، فيكون هناك تبديل لأمكنة الآيات فيتقدم بعضها أو يتأخر. فالآية (النحل 101) تتسع لهذه المعاني.
ومن هنا فلا دليل في يد القائلين بوجود الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها". فصرح الرسول بأنه نسخ حكم سابق بحكم لاحق. وهذا لا نجده ولو في آية واحدة في القرآن الكريم. فإذا وجدنا اختلافًا بين العلماء في نسخ آية وأمكن الجمع بين الآيتين فالقول بعدم وقوع النسخ أوْلَى لأنه الأصل. يقول الإمام الرازي:
"النسخ خلاف الأصل فوجب المصير إلى عدمه قدر الإمكان." (التفسير الكبير)

وسأتناول بالتفصيل بعون الله جميع الآيات التي يزعم الزاعمون وقوع النسخ بمعناه الحالي فيها لأثبت أن كل آيات القرآن الكريم محكم.

يتبع
09-23-2006, 11:34 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم - بواسطة zaidgalal - 09-23-2006, 11:34 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  منهج الحوار في القرآن الكريم فارس اللواء 12 2,508 02-23-2012, 10:32 PM
آخر رد: فارس اللواء
  الإعجاز في تحريف القرأن الكريم تمهيد مؤمن مصلح 117 29,616 11-16-2011, 10:51 PM
آخر رد: الفكر الحر
  تفسيرالقرآن الكريم والحقيقة العلمية السيد مهدي الحسيني 4 1,774 11-12-2011, 01:54 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  لفلم الوثائقى الألمانى الذى حطم أسطورة المسيح ابن الله الجواهري 0 773 09-29-2011, 05:59 PM
آخر رد: الجواهري
  التفسيرات الحرفية للقرآن الكريم …بقلم د.عبد الوهاب المسيري فارس اللواء 0 1,173 09-18-2011, 08:38 PM
آخر رد: فارس اللواء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS