أكراد العراق، وازالة المتفجرات من جنوب لبنان
كاتيا أدلر
مراسلة بي بي سي - النبطية


قٌامت منظمة خيرية بريطانية تعمل في مجال ازالة الألغام والمتفجرات باستقدام خبراء من أكراد العراق الى جنوب لبنان للمساعدة في ازالة المتفجرات والقنابل الموجودة هناك منذ الصراع الأخير بين حزب الله واسرائيل.

المنظمة تسمى "منظمة الوعي بالألغام"، وهي الوحيدة التي تعمل في مجال ازالة المتفجرات في لبنان حاليا.

وتقوم المنظمة بممارسة مهمتها بدعم من الأمم المتحدة، والهيئة الاستشارية اللبنانية لازالة المتفجرات.

وقال نيك غاست المدير التنفيذي بالمنظمة ان مئات الألوف من المدنيين اللبنانيين يعيشون في خطر بسبب تلك المتفجرات الكامنة بينهم.

وأضاف غاست أن أهم خطوة بعد انتهاء أي صراع في العالم، هو استحضار الخبراء في مجال المفرقعات لابطال مفعول أي متفجرات أو قنابل لم تنفجر في منطقة النزاع، حفاظا على حياة المدنيين. يد المساعدة

ويرى المدير التنفيذي في منظمة الوعي بالألغام أن عنصر الوقت عامل مهم في وقاية المواطنيين المدنيين.

ويقول ان من المهم في هذا المجال، الاستعانة بخبرات الأشخاص الذين تم تدريبهم بالفعل على ابطال مفعول المتفجرات للقيام بالمهمة، وتدريب الآخرين.

وكانت المنظمة قد بدأت هذا البرنامج في كوسوفو بعد انتهاء القتال هناك، حيث جرى ارسال خبراء مفرقعات من كمبوديا لتدريب أبناء كوسفو على ابطال مفعول المتفجرات.

لقد تعلمنا بعد الحرب على العراق، كيف نتعرف على المواد المتفجرة وابطال مفعولها، والوضع في جنوب لبنان لايختلف عن تلك الأيام
سلام أحمد، كردي عراقي خبير في ابطال مفعول المتفجرات

وقامت المنظمة هذه المرة باستقدام 19 خبيرا من أكراد العراق الى جنوب لبنان للعمل على ازالة المتفجرات، وتدريب السكان المحليين على كيفية التعامل معها. حرب العراق

وقال سلام محمد، وهو رئيس الفريق الكردي لتدريب اللبنانيين، انه استمد خبرته من تداعيات حرب العراق في عام 2003.

وأضاف سلام: " لقد تعلمنا آنذاك كيف نتعرف على المواد التي لم تنفجر بعد وابطال مفعولها، والوضع في جنوب لبنان لايختلف عن أيام الحرب على العراق".

ويرى سلام أن المهجرين العائدين الى بيوتهم في جنوب لبنان بعد الحرب، لايدركون مدى خطورة المواد المتفجرة التي خلفها النزاع.

ويضيف القول ان فريق العمل الذي يرأسه يقوم حاليا بتدريب المدنيين في جنوب لبنان على التعامل مع هذه المخاطر. ضربة موجعة

ومن غير المعروف عدد المواد المتفجرة التي ما تزال دفينة في الأنقاض التي خلفتها الحرب في جنوب لبنان.

وتتراوح التقديرات ما بين عشرات الألوف، ومئات الألوف.

وتحذر الأمم المتحدة من أن عملية تنظيف الجنوب اللبناني من المتفجرات والألغام والقنابل قد تستغرق عامين.

وتقول اسرائيل ان هدفها أثناء الصراع، كان ضرب حزب الله بصورة موجعة كي لايتمكن من مهاجمة المدنيين الاسرائيليين.

واعتبرت اسرائيل جنوب لبنان معقل حزب الله، لذا فقد هاجمته بضراوة.

وما تزال المتفجرات والقنابل الاسرائيلية ترقد في كل أنحاء الجنوب، في الشوارع، وحدائق البيوت، والحقول، وبين الأنقاض.

وعادة ما تكون تلك المتفجرات والقنابل صغيرة الحجم، ولايمكن اكتشافها الا بعد أن تنفجر ويسبق السيف العذل.

معضلة للمزارعين
ويواجه المزارعون في جنوب لبنان معضلة كبيرة، وهم يرون الأشجار تفيض بثمر التفاح، والبرتقال، والزيتون، والبرقوق، ولايستطيعون التقدم لجمع حصادها خشية المتفجرات والقنابل المتناثرة في الحقول.

ويعتمد 70% من سكان الجنوب على الزراعة كمصدر للدخل مما يجعل الحياة أصعب.

وتقدر الخسائر التي أصابت أولئك المزارعين في محاصيلهم وماشيتهم ومعداتهم الزراعية بعدة مئات من ملايين الدولارات الأمريكية.

ويسابق الأهالي في جنوب لبنان الزمن لابطال مفعول المتفجرات في أراضيهم، خاصة وأن أكبر المتضررين منها هم الأطفال.

اذ بلغ عدد الأطفال المصابين ربع رقم الـ 18 قتيلا، و80 جريحا الذين أصيبوا منذ انتهاء الحرب نتيجة تلك المتفجرات.

ومن هؤلاء طفل صغير قتل قبل أيام، عندما تسلق شجرة لقطف بعض ثمار التفاح، وعندما هز فروع الشجرة، تسبب في تفجير قنبلة صغيرة كانت عالقة بها، وقضى نحبه في الحال.

والتقينا برضوان غندور، وهو مزارع فقد عينه اليسرى وأصابع يده عندما حاول التخلص من بقايا قنبلة عنقودية كانت توجد في حديقة منزله، ليقي أطفاله الأربعة من خطرها.

وقال رضوان في أسى وغيظ : " لقد كنت أحاول فقط حماية أطفالي، وقريتنا تعج بعشرات القنابل والمتفجرات، ان ما حدث يجعلني أكره الاسرائيليين يوما بعد يوم".

:redrose: