{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
فولتير يردّ على ... قداسة البابا
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
فولتير يردّ على ... قداسة البابا
مقال أعجبني في اللوموند ديبلوماتيك لهذا الشهر في النشرة العربية.


فولتير يردّ على ... قداسة البابا
سمير العيطة*

ما الذي ذكّر قداسة البابا بالأب الأستاذ عادل تيودور خوري وترجمته وتحقيقه لمناظراتٍ عن الدينين الإسلامي والمسيحي جرت في العصور الوسطى؟: إنّه تساؤله المشروع حول العلاقة بين العقل والإيمان. لينتهي قداسته بالتوسّع في البحث الفلسفيّ حول العلاقة بين الدين (الإسلامي هنا) والعنف.

كثيرون حتّى في الغرب تساءلوا بدورهم إن كان هذا الخيار مقصوداً، خاصّةً وأنّ قداسته لم يستشِر أحداً من أعوانه قبل قراءة نصّه. حتّى أنّ البعض ذهب إلى أنّ هدفه كان جلب الانتباه لدورٍ يمكن أن يلعبه على ساحة الحوار والسياسة في زمن "صراعات الحضارات"، بعد سلفٍ لعب دوراً رئيسيّاً في سقوط منظومة الاتحاد السوفياتي.

ولقد اعتذر البابا عن خياره هذا، وقد قُبِلَ اعتذاره. كما قام قداسته لوقف التداعيات بفتح جولة حوارٍ جديدة مع الفقهاء والمفكّرين الإسلاميين، لا يمكن لأيّ عاقلٍ إلاّ أن يتمنّى استمرارها وتطوّرها كي تُمكن على الصعيد العالمي ترسيخ أجواء الحوار التي تعيشها منذ قرونٍ بلادٌ عربيّة متعدّدة الأديان، لا تتعايش فيها فقط الديانات التوحيديّة الثلاث، بل أيضاً كل تنويعاتها وطوائفها الأكثر إثارةً للجدل داخل "الدين" الواحد منها بين الأديان المختلفة. فالله سبحانه هو وحده الواحد الأحد وليس الأديان ولا البشر.

هذا الخيار من بابا كاثوليكي لنصٍّ إمبراطورٍ أرثوذكسي يحاجج فارسيٌّ مسلم (كما حاجج أيضاً الكاثوليكيّة)، لا نعرف إن هو سنيٌّ أم شيعيّ، في وقتٍ كان فيه تيمورلنك يجتاح ويخرّب الحضارة الإسلاميّة بعد أن كان قد أشهر هو أيضاً إسلامه، كان فعلاً غير موفّقٍ. خاصّةً وأنّ الأب عادل تيودور خوري ينتمي إلى كنيسةٍ شرقيّة عانت في تاريخها من كاثوليكيّة روما أكثر منها من الإسلام (فقد كان للمسيحية الشرقيّة حصّتها من الحروب الصليبيّة) قبل أن تنضم إليها، وهو أحد المتأصّلين في دفع الحوار الإسلامي المسيحي عبر توثيق تاريخ هذا الحوار. وخاصّةً أيضاً أنّ جوهر المناظرة المذكورة لا يمكن أن يكون أرضيّةً للحوار اليوم بين الأديان إذ أنّه بني أساساً على سؤال الإمبراطور: ما فائدة الإسلام (كدين)؟ إذ أنّه لم يأتِ بجديدٍ للإنسانيّة، وهو ليس سوى عودة لليهوديّة. فلا يمكن أن يبدأ الحوار بإلغاء (فائدة) الآخر.

الأطرف من ذلك، وبما أن الحديث هو في سياق ماهيّة العلاقة بين العقل والإيمان، هو أنّ فلاسفة الأنوار، مؤسسو الفكر العقلاني الغربي في القرن الثامن عشر، قد قاموا بمواجهة مباشرة لأفكار هذه المناظرات وللفكر البيزنطي بشكلٍ واضح، كمواربة في مجابهة الكنيسة الكاثوليكيّة. على الأخصّ فولتير بذاته.

ففي "بحثه حول عادات وأخلاق الأمم"، ينتقد فولتير هذه المناظرات كالتالي: "كان المؤرّخون وقتها إمّا أباطرة أو أمراء أو رجال دولة؛ ولم يكونوا يكتبون أفضل من ذلك: فهم لم يتحدّثوا سوى عن الورع (الديني). كانوا يموّهون كل الحقائق. ولم يبحثوا سوى عن صفٍّ عبثيٍّ للكلام. ولم يكن لهم من الإغريق القدماء إلاّ الفصاحة: فالمناظرات كانت وسيلة الدراسة في البلاط". ثم يتابع: "وكان هناك كتاب تعليمٍ للدين المسيحي يهاجم باشمئزاز السورة الشهيرة جداً في القرآن حيث أنّ الله هو الواحد اللانهائي الذي لم يلد ولم يولد. وقد أراد مانويل (وهذا ليس نفس صاحب المناظرات) إلغاء هذا الهجوم من كتاب التعليم (...). إذ أنّه لم يكن يريد أن يُذمّ، في كتاب تعليمٍ دينيّ، شعبٌ منتصر، لا يقبل إلاّ بربٍّ فوق قدرات البشر، يرفض ثالوثنا" (الفصل 51).

وفي فصلٍ آخر من كتابه (الفصل 6)، لا يخفي فولتير إعجابه بسيرة النبي محمّد التي سردها بتفصيلٍ كبير كما بالثقافة العربيّة والإسلاميّة: "ولكن، إذا ما اكتفينا هنا بالأمور الإنسانيّة، وإذا ما تركنا جانباً حكم الله وسبله التي لا يمكننا الوصول إليها، فلماذا وصل محمّد وخلفاؤه إلى تشييد أمورٍ بهذه العظمة، مع أنّهم بدؤوا فتوحاتهم كاليهود، وفي حين لم يصل اليهود إلى شيءٍ يُذكَر؟ هل هذا لأنّ المسلمين اهتمّوا اهتماماً شديداً بإخضاع من غلبوهم إلى دينهم، أحياناً بالقوّة وأخرى بالإقناع؟ (...) يبدو أن العرب قد أبدو حماساً على قدرٍ أكبر من الشجاعة، وسياسةً على قدرٍ أكبر من الكرم والجرأة.(...) فإذا كان أبناء إسماعيل يشبهون اليهود في حماستهم وعطشهم للغزو، فهم كانوا أعظم منهم بكثير من حيث الشجاعة وسموّ القيم والشهامة (...) هذه السمات تصقل الأقوام". ثم يخلص قائلاً: "أنّ العرب أصبحوا، ومنذ القرن الثاني للهجرة، معلّمو أوروبا في العلوم والفنون، مع أنّ دينهم يبدو معادياً للفنون".

ويخصّص فولتير فصلاً كاملاً تحت عنوان: "عن القرآن، وعن القانون الإسلامي. دراسة إن كان الدين الإسلامي قد أتى بجديد، أو ما إذا ما كان اضطهاديّاً".(الفصل 7، الذي يدلّ على أنّ فولتير كان ربّما على معرفة بالمناظرة التي ذكرها قداسة البابا). نصّ فولتير يشير إلى أن معتقدات الإسلام المختلفة موجودة في معتقدات وتراث الشعوب والديانات التي سبقته، وهذا بالمناسبة لا يتنافى مع ما يقوله الدين الإسلامي. ولكنّ أهمّ ما في النصّ هو بالذات حول العلاقة بين هذا الدين والعنف. فها هو يقول: "سمّي هذا الدين بالإسلام، أي الخضوع إلى إرادة الله، وكانت هذه الكلمة كافية كي تهدي الكثيرين. ولم يفرِض هذا الإسلام نفسه على أكثر من نصف كرتنا الأرضيّة الشمالي بالسلاح، بل بالحماسة وبالإقناع وبالمثال الذي أعطاه المنتصرون الذي كان له الأثر الكبير على المهزومين. (...) ولنكتفي بهذه الحقيقة التاريخيّة: المُشرّع الإسلامي كان قويّاً ورهيباً، ثبّت عقيدته بالشجاعة والسلاح؛ ولكن دينه أصبح متسامحاً وحليماً. أمّا المعلّم الإلهي للمسيحيّة، فقد عاش متواضعاً وبسلام، وقد دعا إلى المغفرة على الإساءة؛ ولكنّ دينه المقدّس واللطيف قد أضحى، من جرّاء جنوننا، الأقل تسامحاً بين كلّ الأديان والأكثر بربريّةً".

لم يكتفِ بهذا، بل تابع متهكّماً: "لقد كان للمحمديّون مثلنا طوائفهم وصراعاتهم الفلسفيّة الدينيّة؛ ولكن ليس صحيحاً أن لديهم ثلاثٌ وسبعون طائفة؛ إذ أن هذا هو أحد أحلامهم. فهم يدّعون أن للمجوس سبعين طائفة، ولليهود واحداً وسبعين، وللمسيحيين اثنان وسبعين؛ أمّا المسلمون، فبما أنّهم أكثر كمالاً فلا بدّ أن يكون لهم ثلاثة وسبعين طائفة: يا له من كمالٍ غريب، جديرٌ بفلاسفة الدين في كلّ الأمصار".

وفي الحقيقة لا بدّ أن نعترف أنّ الإسلام والمسيحيّة دينان مختلفان راسخان ومتعددا الوجوه. فكما يقول البيروني في آثاره الباقية: "والنصارى مفترقون فرقاً (...) وفيما بينهم في الأصول التي هي الأقانيم واللاهوتيّة والناسوتيّة والاتحاد اختلافاتٌ يتباينون لها، ومنهم فرقةٌ تسمّى الآريوسيّة: ورأيهم في المسيح أقرب إلى ما عليه أهل الإسلام وأبعدُ ممّا يقول به كافّة النصارى، وفرقٌ أخرى كثيرة. ليس هنا موضع ذكر ذلك، وكتب المقالات والآراء والديانات والردّ على هؤلاء الفرق استغرقت ذلك وتتبّعت زواياه وكوامنه". الحوار بين هذين الدينين (ومع الديانات الأخرى) لا يمكن أن يبنى إذاً إلاّ على صيغ الاعتراف بالآخر وباختلافه وعلى أسس الدفاع عن القيم الإلهية والإنسانيّة، التي هي واحدة.

أمّا عن علاقة الدين الإسلامي بالعنف، فالسؤال الحقيقي هو عن الأسباب التي تدفع بعض المسلمين اليوم إلى الانتحار، ولو سمّوا ذلك استشهاداً، ومعالجة هذه الأسباب. وبما أننا في مجال ذكر المفارقات الطريفة، مع أنّ الموضوع هنا أكثرُ من جديّ، فلنذكِّر بما قاله أندريه مالرو (من كتابه المذكّرات الغابرة): "العرب صدفة في تاريخ البشريّة، والبرهان على ذلك هو أنّهم حتّى لا ينتحرون".

ثبّت الله علينا وعليكم العقل، وأعاد شهر الإيمان (رمضان) علينا وعليكم بالخير.





*
10-12-2006, 11:59 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
فولتير يردّ على ... قداسة البابا - بواسطة ابن سوريا - 10-12-2006, 11:59 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل من قداسة لشهيد ؟ Awarfie 13 3,134 05-30-2009, 09:44 AM
آخر رد: Awarfie
  بابا الفاتيكان عند الشيطان بوش ....والله عيب ياقداسة البابا بسام الخوري 7 1,561 04-19-2008, 12:39 PM
آخر رد: rambo
  الى فولتير Mozart 2 647 03-02-2007, 01:20 AM
آخر رد: lilly
  كتاب محمد عمارة "فتنة التكفير" يستبيح دماء الأقباط .. ثم يكلمونك عن إهانات البابا بنديكت !!! Beautiful Mind 13 3,746 01-16-2007, 01:14 AM
آخر رد: بهجت
  الترجمة الكاملة و المتخصصة لمحاضرة البابا في جامعة ريغينسبورغ ليلين 29 6,982 11-02-2006, 01:29 PM
آخر رد: اسحق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS