هروب امريكي من العراق سيعطي دفعة قوية للحركة الجهادية العالمية
في اسرائيل القيادة لا تسمع ولا تري ومشغولة بنقاشات حول تغيير طريقة الحكم
24/10/2006
نيويورك. الانعطافة في الرأي العام الامريكي ضد ادارة بوش عميقة، شاملة، موحدة لمعارضيه لدرجة أن الاسرائيليين العميان وحدهم لا يرونها ولا يأبهون لنتائجها.
وحتي زيارة قصيرة الي الولايات المتحدة تكشف حجوم النفور الذي يشعر به ثلثا المواطنين هنا من رئيسهم، ومن محيطه وقيمهم. وعلي مسافة لمسة من الانتخابات المرحلية ـ في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) سينتخب الامريكيون ثلث مجلس الشيوخ وكل مجلس النواب ـ فان البندول السياسي يوجد في ذروة المعارضة للجمهوريين. ومعاقل التأييد التقليدية لهم تُهجر، ومرشحوهم يجتازون الخطوط كي لا يكونوا متماثلين مع الادارة الفاشلة، ورائحة الهزيمة تنتشر في الهواء. وفقط حدث متطرف سيمنع الجمهوريين من خسارة الاغلبية في الكونغرس بمجلسين. قبل هذا الشهر كانت نبوءة شخصية، أما اليوم فهذا توقع دارج وشبه يقين.
عوامل عديدة اجتمعت في هذا: المعالجة الفاشلة لكارثة اعصار كاترينا، قضايا الجنس والفساد لسياسيين بارزين، أزمة الطبقة الوسطي المتآكلة، الغارقة في الديون الكبيرة والقلقة علي اماكن عملها وتعليم ابنائها؛ الارتفاع المجنون لاسعار الخدمات الصحية واحساس الكثيرين بأن السياسة الاقتصادية الاجتماعية للرئيس المحافظ ليست عادلة وتغذي الاغنياء.
ولكن فوق كل قائمة التذمر آنفة الذكر، والتي يمكن لها أن تقضم من الاغلبية الجمهورية دون أن تحولها الي اقلية، تحوم الحرب في العراق. الحرب التي تعقدت دون علاج، والتي تجبي الاف القتلي والجرحي والتي تعد مغامرة عديمة الغاية والاتجاه، والمعلقة كحجر رحي حول الرقبة. عظمة في الحلق، لا تلفظ ولا تبتلع. من الافضل لفظها، ولكن ليس مؤكدا أن هذا ممكن.
الاحداث في العراق تجلب آخر المؤيدين لبقاء الجيش هناك لتغيير موقفهم. فهم ايضا بات واضحا لهم بأن التواجد في ميادين القتل العراقية لا تحمي مواطني العراق من عصابات الموت المعربدة في شوارعه. والتواجد الاجنبي يشجع فقط عناصر الارهاب، يغذيهم ويوفر لهم المبرر لاعمال القتل الفظيعة، التي تعرض كـ حرب تحرير .
لثلاثة من كل أربعة امريكيين ـ ولكل اصدقائي ومعارفي في الولايات المتحدة، بعضهم في اليمين وبعضهم في اليسار ـ ملوا نهائيا الحرب البعيدة والمثيرة للاكتئاب هذه. ملوا صور العمليات في بغداد. ملوا متابعة أسماء السياسيين العراقين المتنكرين لواجباتهم الوطنية تجاه بلادهم. ملوا تخصيص عشرات مليارات الدولارات علي مذبح المعركة علي الديمقراطية في الشرق الاوسط ، والتي تظهر ضائعة مسبقا: القوة العظمي الاقوي في العالم لا تنجح في التغلب علي عصابات ارهابية. ومع جهاديين ليس واضحا من اين يحصلون علي الاموال، وموادهم المتفجرة وتدريباتهم. الامريكي المتوسط يفهم بان جيشه ليس مرغوبا فيه في العراق، ويدعو الي اعادته الي الديار. والمعركة، من ناحيته، انتهت. علي الشباب أن يعودوا الي الوطن. خسارة علي كل جندي آخر يقتل عبثا.
وحيال الموجة المتعاظمة هذه من المعارضة الداخلية، المعارضة التي تتقاطع فيها الاراء والاحزاب، بات بوش يتحدث عن تغيير التكتيك و اعادة النظر في الاستراتيجيات . هذه مجرد البداية. وربما حتي قبل الانتخابات وربما فورها (وفي ضوء النتائج) سيبدأ الانسحاب الكبير للولايات المتحدة من العراق. وهو كفيل بان يستمر اسابيع معدودة. ولن يفاجأ احد إذا كان حتي نهاية هذا العام ستبقي في العراق قوة عسكرية أمريكية رمزية فقط، هذا اذا بقيت. ولن يفاجأ احد ولن ينبس أحد ببنت شفة أو يعارض - وبالتأكيد ليس في قيادة الجيش العليا، التي تروج لذلك كثيرا وعلنا.
المتفاجئون الوحيدون قد يكونون نحن الاسرائيليين. ففي اللقاءات في أمريكا سُئلت غير مرة عن موقف اسرائيل تجاه الخروج الامريكي من العراق؟ هل اسرائيل عالمة بالمعاني العسيرة من ناحيتها، لمثل هذه الخطوة؟ فلا ريب أن هربا امريكيا من بغداد سيعطي دفعة هائلة لحركة الجهاد العالمية، وسيفسر من مئات ملايين المسلمين كهزيمة لامريكا المكروهة. وهكذا ايضا اسرائيل ستضعف، وصورتها ستتضرر ويحتمل أن تضع سيطرة ايرانية علي اجزاء من العراق أمامها تحديات عسكرية لم تعرفها من قبل.
كيف تستعد اسرائيل لذلك؟ ماذا ستفعل اذا وقع العراق في يد المتطرفين؟ هذه هي الاسئلة التي يطرحها اصدقاء اسرائيل، في ضوء الانعطاف الدراماتيكي في المزاج العام في أمريكا والتغيير المتبلور في سياستها. ولكن الاسئلة تبقي بيانية، معلقة في الهواء. فللقيادة السلطوية لدينا انشغالات عاجلة اخري مثل تغيير طريقة نظام الحكم . فهي لا تري، لا تسمع ولا تستعد للامكانية شبه المؤكدة لانسحاب امريكي عاجل من العراق. أوليس هذا موضوعا أمريكيا داخليا؟
لا علي الاطلاق، كما سنتبين لاحقا.

سيفر بلوتسكر
(يديعوت احرونوت)