تعد امينة السعيد من أبرز داعيات تحرير المرأة في العالم العربي, تعرف بانها تلميذة لداعية التحرير الأولى (هدى شعراوي) من أبرز الأصوات النسائية المُطالبة بتحرير المرأة بعد "هدى شعراوي" و"سيزا نبراوي" و"درية شفيق، تقول أمينة السعيدعن نفسها
قبل اشتغالي بالصحافة ودخولي الجامعة وتخرجي منها، كنت أقوم بتمثيل بعض المسرحيات في الحفلات الخيرية التي كانت تقيمها الزعيمة هدى شعراوي لصالح الأعمال الخيرية التابعة لجمعيتها , ان المغفور له قاسم امين والمرحومة الفاضلة هدى شعراوي سيذكر لهما التاريخ ويحتفي بهما أشد احتفاء, انهما هما الذين جعلوا المرأة العربية ترفع رأسها امام المراة الاوربية وتتطابقها في معايير المساواة , لقد انهت لنا فكرة قيد النساء والحرملك وجاهلية الحجاب عندنا , لن يستطيع اي اوربي ان يعايرنا بعد الآن , ان نهضة المرأة العريبة سواء ان كانت هنا لنساء القاهرة والاسكندرية ودمشق وغيرهما, دمرت كلام المستشرقين المنحرفين الذين جعلوا من شرقنا عالم من الجواري واسواق النخاسة وان المراة ليست سوى مرادفا للمتعة بشرقنا
ولدت أمينة السعيد بمدينة "اسيوط" من اسرة ميسورة الحال عام 1914 في عام كان هناك غليان على أرض النيل والنور يكشف حقول الظلام , وهدى شعراوي بعد خمسة اعوام من تاريخ مولدها تدعوا الى تحرر المراة من نتف الماضي على درب قاسم بك أمين
في بيئة خصبة أمتلات باجواء الحرية والاشعاع الثقافي وأب متفتح درس باوربا , كانت المحصلة أمراة بحجم أمينة السعيد
التحقت أمينة السعيد بكلية الاداب لدراسة الادب الإنجليزي وكانت ضمن الاوائل من الفتيات الذي التحقن بالجامعة حين سمح أستاذ الجيل "لطفي السيد باشا" بالدخول لهن,
كان من تشربت على ايديه العلم والمعرفة هو "طة حسين" وعميد كليتها بنفس الوقت , حيث كان مثلها الاعلى فتأثرت به أشد التأثر
بعد تخرجها انضمت لفريق عمل مجلة "آخر ساعة" وكان من ضمن الفريق الصحفي الشهير "مصطفى امين" ثم انتقلت فيما بعد لدار الهلال حيث اتتها الفرصة الذهبية للكتابة في اهم مجلة مصرية في ذلك الوقت "المـصور" وبعد نجاحتها الصحفية , أفرد لها "إميل ذيدان" مجلة رأست تحريرها بنفسها وكانت "حواء" الذي صدر اول عدد بها عام 1954
وفي عام 1962 كانت رئيس مجلس ادارة "دار الهلال" بعد كارثة تاميمها وبقت حتى أقالها السادات , حيث ثارت ضده حين فتح السجون للجماعات التكفيرية , وألفت عددا من الكتب منها "آخر الطريق" و"الهدف الكبير" و"وجوه في الظلام"، "ومن وحي العزلة" و"مشاهدات في الهند"، منحها الرئيس جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي وأرسلها في بعثة مع د عبد القادر حاتم للولايات المتحدة لشرح موقف مصر في عدد من المواقف السياسية , كرمها الرئيس السادات في آخر عهده بوسام الجمهورية عام 1981 و حصلت علي جائزة الكوكب الذهبي الدولية لجهودها الكبيرة في خدمة المرأة
في ظل حركة التحرر النسوية بالخمسنيات و الستنيات كانت أمينة السعيد قد فتحت باب أكثر مطالبة بحقوق أفضل للمرأة مثل المساواة في الميراث مع الرجل , اعدام فكرة تعدد الزوجات ,حرية عمل المرأة , اشتراكها مع الرجل في حمل السلاح في حصون الجيش للدفاع عن الوطن مساواة للرجل , كانت بإختصار سابقة لعصرها,
كانت والاهم من ذلك قد كتبت تحقيقا صحفيا , دعت به لاقامة تشريع اسلامي جديد يستند إلى براهين العصر داعية من منبرها في "حواء" كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصر الظلام ونحن في عصر الصعود للقمر والذرة , ان من يريد التقدم إلى الامام عليه إرساء قاعدة لذلك , لا العودة للماضي.
خرجت امينة السعيد في عصور الانفتاح والتنوير لينهي الزمن رحلتها في عام 1995 , وهي في حسرة وآلم مما جرى لحركة تحرر النساء الذي رأتها بأم اعينها وهي تزول من الوجود وتتدهور اوضاء النسوة لتعود لعصور ما قبل التاريخ في ظل تذايد سطوة ونفوذ طيور الظلام .
لعل آخر كلمة قالتها وهي بفراش المرض , لقد افنيت عمري كله في خدمة المرأة ولكني متعبة ليس من مرضي ولكن مما جرى لها , لقد ضاعت الجهود التي بذلها قاسم امين و هدى شعراوي ثم جهودنا نحن طوال خمسين عاماً، وعاد الحجاب ثانية , أنا حزينة أن البنات اليوم لا يدركن حجم التضحيات التي قدمناها لتخلع المرأة الحجاب.. لقد ضربني العسكري في الجامعة بالكرباج لاننى أرتديت "تنورة قصيرة !!
المرجع
أمينة السعيد (قلب حرية) د.ليلى جبر
:redrose: