خلط الاوراق سلاح المفلسين

جمال محمد تقي





احتلال العراق وتدميره هو اول واكبر عمل اجرامي وارهابي منظم في القرن الحادي والعشرين، ليس له اي دوافع شرعية او مسوغات قانونية او اخلاقية، وقد اتضح ذلك جليا حتى للذين لم يكونوا على مرام مع صدام حسين، بعد ان انجلت غبرة الضربات الاولى وتحديدا بعد احتلالهم بغداد، فاحت روائح المؤامرة وظهرت حقيقة دوافعهم الاجرامية، انها حلقة من المشروع الامبراطوري الامريكي لا اكثر ولا اقل، هذه الحقيقة باتت معروفة حتى للمخدوعين بالشعارات الامريكية التي تاجرت بها قبل غزوها للعراق.

ان ثبوت هذا الوصف على واقع الحال يجنبنا الرد على المتخرصين من المفلسين والباحثين عن الادوار والدولار، والذين يتخفون وراء شعارات الديمقراطية والليبرالية واليسارية المزيفة!

وعليه ان وجدت عدالة حقيقية فيجب ان يقدم لها المحتلين اولا يجب ان يقدموا كمجرمي حرب ومنظمي لعمليات القتل والابادة الجماعية، اذا بقيت هناك عدالة ـ رغم اعتقادنا بانها اغتصبت مثلما اغتصب سجناء ابو غريب ـ قبل اي احد اخر يجب ان يقدم بوش ورامسفيلد وغيرهم من طغمة الشر لياخذوا جزاءهم العادل، ويقدم معهم كل الذين سهلوا واعانوا وطبلوا للمحتلين وجرائمهم، اي يجب تقديم اعضاء مجلس الحكم وكل الوزارات الاحتلالية للعدالة، لانها هي المسؤولة وليس غيرها عن حمامات الدم الجارية في العراق ـ بميليشياتهم واجهزة مخابراتهم وبفرق الاغتيالات التابعة لهم ـ والتي راحت تعيث بالناس فسادا بعد ان سهل لهم ذلك المحتل بتفكيكه الدولة العراقية واطلق العنان لكل عنعناتهم الطائفية والعرقية التي استعملوها كواقي يغلفون به نهجهم اللصوصي الذي طال كل مناحي الحياة في عراق مابعد الاحتلال !
اما عن القاعدة وعناصرها في العراق، فان وجودها جاء نتيجة وليس سبباً. فالامريكان استدعوهم ووفروا لهم حدودا سائبة لتجري مواجهتم على ارض العراق، ليدفع ثمنها شعبنا من دمه وماله وكرامته واستقراره ومصيره الذي بات على كفوف اكثر من عفريت متعفرت كالسي اي اية والموساد واطلاعات والبقية تاتي !

القتل والتدمير وامتهان كرامة الانسان سببه ومن يقوم به هم الامريكان انفسهم وميليشيات الحكومة ووزارة الداخلية وجماعة البيشمركة والجميع فرق موت، يضاف لهم جماعة القاعدة ان بقي لهم وجود.

الذي يقاوم الاحتلال في العراق وهذا ايضا بات معروفا حتى للجهلة هم ليسوا جماعة القاعدة التي ليس لها فيه جذور، والذين دخلوا منها قلة قليلة، انما الذي يجري هو مقاومة شعبية منظمة يخوضها ابناء الشعب والجيش العراقي الاصيل وتخوضها معه كل الفئات ذات الحس الوطني من فصائل وطنية وقومية واسلامية، ان هدفها الاول والاخير هو المحتل واعوانه الدخلاء وليس غيرهم وقد اجادت في هذا النهج بحيث جعلت الامريكان قاب قوسين اوادنى من الهزيمة المنكرة، حتى راحوا يستجدون التفاوض، ان خسائرهم التي تجاوزت الثلاثين الف بين قتيل وجريح ومعوق والخسائر المادية الكارثية التي تسببت في سقوط الحزب الجمهوري في الانتخابات النيابية، كلها اسباب جعلت ادارة بوش تفكر بالخروج سريعا من هذا المأزق غير المحسوب وستفعل مكرهة ذلك متنكرة لكل الشعارات البراقة التي تبجحت بها.

نجحت المقاومة العراقية السياسية منها والمسلحة في تعطيل المشروع الامريكي وفضحت زيف دعواته وزيف عمليته السياسية المخادعة والمغالطة، الشيخ حارث الضاري وجواد الخالصي والبغدادي وغيرهم رموز سياسية كبيرة لهذه المقاومة الباسلة هؤلاء هم من يتصدى لارهاب الاحتلال واعوانه هؤلاء وامثالهم هم عناوين ثورة العشرين الجديدة.

مانديلا وعرفات وجيفارا وشافيز ودانيال اورتيغا ومهاتير محمد هؤلاء جميعا اتهموا بالارهاب من قبل امريكا ومن يدور بفلكها فصارت تهمة الارهاب هي تهمة شرف لهم لانها بالمعنى الامريكي تعني كل الذين يتحدون جبروتها، ونفس التهمة كان يتهم بها الشيوعيون المناضلون ضد الافتراس الامبريالي.

انه وسام شرف جديد يعلقه شيخ العراق على صدره لانه استطاع ان يسهم بتعطيل المشروع الامريكي في العراق وهذا ما اغاض امريكا واعوانها وهذه شهادة من العدو