"في العين دمعة"
كان الطقس شتاءً، شتاءً ماطراً كما تحبه هي، وشتاءٌ بقلبي كما أكرهه، أعتقد بأني لم أعرف في داخلي غير الشتاء رغم صيف الجسد، وحرّ الوجدان، ولظى الرغبة والشوق لحبٍّ ما.
لم يكن قلبي يقسو طوعاً كما اعتقدت، ولكن بين مليون شخص يمكن أن تتعرف عليهم بحياتك قد يفهمك ويناسبك شخصٌ أو "شخصة" واحدة. كنت أحس بقلبي غريباً في هذا الكون، وهي، هي كانت هنا، كنت أحدثها عن مغامراتي كما لو أني أحدثها عن طرائق تقطيع البصل في الموزمبيق. لا شيء شخصي ولا شيء مفرح، مجرد دموع كتلك التي تنتج عن تقطيع البصل .... في الموزمبيق.

"لقد ارتحت لكِ"
كان هذا أول ما قلته لها، بعد أول اتصال بيننا؛ "لو أني متأكد بأنك ستحبيني لتزوجتك الآن، لأني ارتحت لك فوراً"، وأنا الذي كنت أحبها فكرياً منذ زمان.
حين عرفتها أحببتها فوراً، عشقتها وغرت عليها، لم نكن بعد عاشقين، ولكني كنت فعلاً أغار، والغيرة دليل برهان للحب، ليس مثله برهان.
هناك هدوء يسبق العاصفة، وهناك غيرة تسبق الحب. فحبنا كله جنون منذ بدايته، ويقشعر بدني حين أفكر بها "جنوناً"، فهذا هو الحب إذاً؟! آها !


"لا تجعلني أحبك أكثر"
لربما كررت هي هذه العبارة أكثر من عشرين مرة، كانت خائفة مرتعدة، لم أكُ قد فعلت شيئاً لتحبني بهذا القدر، ولم أكُ خائفاً من حبها، كنت أحبها فعلاً، دون غموض، دون وجل، ودون أمل، ربما علمتني تجارب الحياة ألا أتأمل شيئاً من أحد، وأن أمضي وحيداً بأحلامي ورغباتي.
لكني كنت خائفاً عليها، لم أكن راغباً بأن أؤذيها، ما الذي سيخبئه الغد لنا؟ من يدري؟
قبعت أحتل مكاناً منزوياً من غرفتي طافقاً أعض على حروفٍ من كلماتٍ تتأوه في مخيلتي، أعض على الحاء والباء بلا هوادةٍ، ثم أضفت حرفين آخرين ووضعتهما على وسادتي وتلوت "أحبك". في البداية كانَ حرفُ الكافِ عفوياً جاءَ هكذا لينضمَ للحرفينِ بكل أدبٍ وتلقائية (حبكِ آهٍ من حبكِ)، لكنَّ حرف الألف المزدان بالهمزة تعذر علي، ذلك الأنا، والمعبر عن الأنا يغدرني كثيراً، لكنه فجأة فرض نفسه قوياً جباراً واثقاً من نفسه، وقال بصوتٍ خطابيٍّ جهوريٍّ ترتجُّ السماواتُ له : "نعم أنا، أنا هنا .. أنا من انتظرني صاحبي طويلاً فجئته دون ميعاد".
تبخر الوهم، الخوف، الوجل، التردد، الجن، الضحالة، اضمحلت كل الأشياء العادية، واستبدلت باليقين : "يقين حرفي الحاء والباء، يقين الحب".


يتبع .. أو لا :)