ما يظهر على الساحة أن مكانة سماحة السيد ميشيل عون لم تعد تحتمل، و لهذا دخل في اتفاق مسيحي-مسيحي ـ ربما عن طريق البطريرك ـ لوقف أي هجوم على أي رموز مسيحية، و هو ما يفسر شيئين:

1. خطب سماحة السيد ميشيل عون مؤخراً، خصوصاً آخر واحدة، عندما تحدث عن "هذا الاتحاد الشيعي-المسيحي".

2. الصمت شبه الكامل للأغلبية المسيحية الممثلة في قرنة شهوان (البطريرك) و القوات اللبنانية (جعجع)، و عدم قيام أي من قيادات الجهتين بالهجوم على 8 آذار مؤخراً بشكل كامل تقريباً.

لكن هناك عدة شواهد إضافية تقود إلى التفكير في اتجاه أكثر تطرفاً:

1. جنبلاط توقف تماماً عن الهجوم على أي جهة، و اكتفى بتصريحات مخافضة جداً في الحديث الأسبوعي لصحيفة الحزب.

2. التكثيف الهائل لإعلام حزب الله على أن تيار المستقبل كان يتحرك خارج سرب 14 آذار في المفاوضات، و ذلك من خلال مجموعة روايات شفهية عن مواقف لسعد الحريري بالذات تغاير المواقف المعلنة لـ14 آذار في مراحل بعينها. الحديث عن نصف الحكومة مقابل المحكمة، و وثيقة العمالة الإيرانية التي أظهرها الحاج قبل يومين، و كذلك واقعة الإسكوا الخاصة بالسنيورة (مرة ثانية حديث عن حكومة ’ثلاثينية‘)، و غيرها من الروايات الحزباللهية تشكل نماذج مثيرة للاهتمام.

3. هجوم التخوين الحزباللهي لم يطل شخصاً واحداً غير سني؛ الاتهامات المبطنة لحكومة السنيورة بالتعاون مع إسرائيل يظهر من وثيقة العمالة الإيرانية تبع مؤتمر الحاج أنها موجهة بشكل مباشر إلى الفريق السنّي من الحكومة و تيار المستقبل بشكل حصري.

4. الزخم الإعلامي الحزباللهي عن قمع تيار المستقبل لأي جهة سنية ـ دينية تحديداً ـ لا تتفق معه، بينما حزب الله لا يهاجم المرجعية الشيعية اللبنانية التي تعارض توجهه و انتماءاته بالكامل.

من هذه الشواهد تظهر مجموعة أفكار متطرفة نوعاً:

1. هناك تحركات لتحييد جميع فرقاء 14 آذار، و قصر المواجهة على الطرف السني وحده ممثلاً في تيار المستقبل.

2. هناك محاولات مستميتة للنيل من وطنية سعد الحريري بشكل شخصي، ربما لإنهاء أسطورة رفيق الحريري بإظهار وريثه في شكل منفر.

3. هذه التحركات الحثيثة تشير إلى محاولات لخلق نوع من التمهيد لتحويل القيادة السنية من معسكر تيار المستقبل إلى معسكر عمر كرامي و القوى السنية الموالية لسوريا، ربما لأجل عملية إحلال أو إسقاط للحكومة الحالية، و طرد تيار المستقبل من موقع القيادة فيها، و هو ما يتماشى و تهديدات حسن نصر الله في خطبته الهصورة الأخيرة بإقصاء الأكثرية و الإتيان بحكومة سنية من 8 آذار يكون للأكثرية فيها الثلث، و من قبله خطاب سماحة السيد ميشيل عون بضرورة "إسقاط حكومة السنيورة و الإتيان بسني آخر على رأسها".

هناك حاجة ماسة الآن لخلق نوع من الوعي العملي داخل 14 آذار تجاه هذه التحركات، هذا لو لم يكن التحالف قد سقط بالفعل.