دارفور..
اسم إقليم يقع غرب السودان، والسودان دولة عربية (كما في دستورها، ومنضمة لجامعة الدول العربية، واستقلت عن بريطانيا في العام 1956م)، تقع في شمال أفريقيا، تقع بين مصر واريتريا ويحدها البحر الأحمر من الشرق.. مساحتها تقدر بمليونين ونصف كم مربع.. وأهم مواردها إلى جانب المياه، النفط والقليل من الحديد.. يسكنها حوالي 35 مليون نسمه (ربما أكثر اليوم).. 50% منهم سود وأصولهم أفريقية (في الجنوب والغرب)، و40% سمر البشرة وذو أصول عربية.. 85% منهم مسلمون سنة، والبقية أديانهم مختلفة كاختلاف لغاتهم المحلية.. يتحدث الأغلبية اللغة العربية.. وأعتقد أن لكل قبيلة أفريقية لغة ودين خاص بها..

دارفور أقليم واسع يقدر بخمس مساحة السودان (نصف مليوم كم مربع)، ودارفور منطقة جبلية وخصبة وتكثر فيها الغابات وتنتج الصمغ العربي والقطن والتبغ، ولديها ثروة حيوانية كبيرة، لكنها تعرضت مع مواردها الزراعية إلى الجفاف في الثمانينات (تعاني دارفور كحال معظم المناطق الأفريقية من موجات الجفاف).

نسمع عن دارفور من الأخبار، وأخبار الصراع في دارفور بالذات، ما الصراع؟ كيف نشأ؟
في الحقيقة دارفور منطقة صراع مزمنة (كما يصفها الصحفيون)، لعبت دورا قوياً في التسليح، وفي الانقلابات العديدة التي قامت في السودان وكذا في النزاعات الحاصلة في دول الجوار كتشاد وليبيا. إلا أن هذا الدور سببه الصراع القبلي بين قبائلها العربية والأفريقية والذي غالباً مايكون بسبب الوصول والسيطرة على الموارد الطبيعية للإقليم الشحيحة. تتدخل الدولة في فظ النزاعات غالباً بالمؤتمرات والاتفاقيات وابرام الهدن.

يسكن دارفور ستة ملايين نسمة من القبائل الأفريقية (60%) والعربية (40%) وتدين الإسلام السني. تتوزع القبائل العربية في الشمال وأهما الزيادية والزريقات الشمالية، وفي الجنوب قبائل فور (أعطت للإقليم اسمها).

الصراع القائم والأزلي والطبيعي في دارفور هو صراع اقتصادي تحكمه القبلية، ودائما مايكون حل الصراع بتدخل الحكومة ولكن بشكل قبلي، إذ تعطي زمام الأمر للقبائل في حل مشاكلهم وابرام الاتفاقيات وكأنهم سلطة محلية منفصلة.. نشأ عن هذه الممارسة السياسية القبلية تحالف عروبي في العام 1987 ضم قبائل الشمال وحتى قبائل الجنوب العربية، سمي بالتحالف العربي وله جناح عسكري اسمه ميليشات الجنجويد مزود بالسلاح (تقارير تقول من قبل تشاد لأن رئيس تشاد أصوله من قبائل الشمال العربية، وتقارير تقول من قبل حكومة السودان) .. اتهمت حكومة المهدي والبشير بأنها ساعدت وشجعت هذا التحالف على القيام (يعني مثل ما شجعت سوريا حزب الله في لبنان) ليكون لها داعماً غير مباشرا في الحكم وفي الصراع مع جنوب السودان (الجبهة الشعبية لتحرير السودان)، ويقولون أن جون قرنق شجع تحالفاً آخر في الجنور تقوده قبيلة فور.. وكما هو الحال في لبنان أو فلسطين أو العراق (العراق أكثر وضوحاً) كلما يشتد الصراع بين الحكومة السودانية وجبهة التحرير يزداد القتال والصراع في دافور والعكس صحيح.. وهذه الأخبار أكدها لي أحد زملائي من العاملين في بعثة الأمم المتحدة في دافور..

كيف أتت البعثة؟
في عام 2003، استباحت قوات الجنجويد مدينة كتم في الشمال، ونحن إذ نقول استباحت فنعني الكلمة.. زملائي وزميلاتي العاملين في البعثات الإنسانية يصفون المجازر والدماء بأشد مايمكن توقعه.. في 2004، ألزم مجلس الأمن حكومة السودان بفك سلاح الجنجويد (وعقبال حزب الله).. وظهرت أسماء قادة القبائل المتهمين بسفك الدماء والاغتصاب.. وأعتقد (والله أعلم) أن أربعة منهم مطلوبين أما المحكمة الجنائية الدولية..

تظل الفكرة الشمولية القومية سيدة الموقف، فالحكومة السودانية أو الصحافة أو المحللين يتهمون أمريكا وأوربا بأزمة دارفور لأغراض اقتصادية وسياسية منها تقسيم السودان والاستيلاء على ثرواته.. فصل دارفور في الشمال كما هو حال الجنوب، فرنسا أيضا تنظر لدافور كحزام فرنكفوني لبلدان فرنكوفونية بينهم مصالح تجارية.. السودان يعرقل قرار مجلس الأمن وبعثات الإغاثة.. وهكذا تبنى عمارة هائلة من المؤامرة الأمريكية الأوربية زائداً المصالح الزعامية السودانية القبلية الملقمة بالفكر الشمولي القومي وهذا الحال ينطبق على لبنان والعراق ومقديشو..


مقديشو..
عاصمة الصومال.. إن كان للصومال عاصمة..
تستولي القوات الصومالية بدعم من القوات الإثيوبية على العاصمة مقديشو في نهاية 2006.. أصفق وأزغرد، فيفاجئني أبي: تصفقين للقوات الأمريكية! ليش أمريكية يا أبي؟!!!

أعتقد أن كل ما هو تحرر ودعوة للاستقرار أصبح أمريكيا عند بعثي سوري قديم كأبي.. كنت أتمنى للصومال أن تكف عن الهبل.. والنزاع القبلي وتحتكم للإنسان والدولة.. وكنت أتمنى أكثر لو يحدث هذا فيعود الصوماليون في اليمن إلى بلادهم مكرمين وأرتاح عن رؤية مشاهد الفقر والبؤس والإهانة.. من سيحقق لي ذلك فسوف أوجله طول عمري: أثيوبيا، أرتيريا، الصومال أو أمريكا.. أو حتى أبي البعثي..

تاريخ الصومال مليء بالحروب والصراعات منذ القرن التاسع وتوالي الصراع الغربي عليه.. بدأ الفرنسيون والإيطاليون محاولاتهم للسيطرة على أجزاء من هذه المنطقة المهمة من القارة الأفريقية فأسست بريطانيا محمية لها هناك عام 1887م (في شمال الصومال). وفي العام التالي وقعت اتفاقية مع فرنسا تم بموجبها تحديد المناطق التابعة لهما.. الشمال لبريطانيا والشرق (جيبوتي) لفرنسا، الجنوب الغربي لايطالياK وبعد هزيمة الإيطاليين في الحرب العالمية الثانية تم ضم كل هذه المناطق إلى بريطانيا وسميت الصومال ومنحت حكما ذاتيا عام 1956م ثم نالت استقلالها عام 1960 وقدرت مساحتها آنذاك بـ350 ألف كم2.

ومنذ الاستقلال بدأت الحكومة الجديدة التي تشكلت في الصومال في المناداة بإقامة كيان سياسي موحد يضم أرض "الصومال الكبير" مما أدى إلى حرب طاحنة بينها وبين إثيوبيا عام 1964 على إقليم أوغادين.

وفي عام 1964 وقع انقلاب عسكري بقيادة الجنرال محمد سياد بري وأعلن بري على الفور أن نظامه يقوم على المبادئ وساعده على ذلك الاتحاد السوفيتي.

وفي عام 1977 انفجرت مرة أخرى حرب طاحنة بين الصومال وإثيوبيا على إقليم أوغادين واحتل الصوماليون أجزاء كبيرة من إثيوبيا ولكنهم تراجعوا تحت الضغوط الأميركية والدولية، مما أشعر المؤسسة العسكرية الصومالية وعندها بدأ الانتقام من حكم سياد، الذي سقط فعلا عام 1991م بعد حرب دموية متزامنة مع مجاعة أودت بحياة الكثير، بعدها دخل الصومال في دوامة الحروب الأهلية التي أتت على الأخضر واليابس.

في الشمال الصومالي "الصومال البريطاني" استطاعت الحركة الوطنية الصومالية المحافظة على نوع من الاستقرار وأعلنت من طرف واحد قيام جمهورية أرض الصومال بقيادة محمد إبراهيم عقال.

أما الأجزاء الجنوبية من الصومال ومنها العاصمة مقديشو فقد سيطر عليها المؤتمر الصومالي المتحد ولكنها لم تشهد استقرارا وتواصلت الحروب الأهلية بين القبائل المتناحر حتى اليوم رغم مؤتمرات الوفاق الوطني التي شهدتها جيبوتي وكينيا واليمن وإثيوبيا منذ العام 1994 إلى 2004. آخر الاجتماعات كان في إثيوبيا وأثمر عن تشكيل حكومة مركزية صومالية برئاسة محمد علي غيدي

وبالفعل عقد أول اجتماع في الصومال لأعضاء البرلمان الصومالي في فبراير 2006، وفي مايو 2006 نشب صراع دموي بين فصيلين من أجل السيطرة على العاصمة الأول هو المحاكم الإسلامية والثاني تحالف السلم ومكافحة الإرهاب.. كانت الغلبة لفصيل المحاكم الإسلامية..

تأسست المحاكم الإسلامية في يوليو2004 من حوالي تسع محاكم إسلامية كانت تسيطر على معظم وسط وجنوب الصومال، بما في ذلك العاصمة مقديشو.

يعارض اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال نشر أي قوات أجنبية في البلاد، ويقود المحاكم الإسلامية الشيخ حسن ضاهر عويس والذي يوصف على انه إسلامي متشدد ومن بين الأشخاص المدرجة أسماءهم في قائمتي الإرهاب للأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وقد أثارت سيطرة المحاكم الإسلامية تخوفاً لدى العديد من الدول في المنطقة و أنحاء أخرى من العالم لاعتقادها بان المحاكم ترغب في تطبيق نظام للحكم يشابه النظام السابق لطالبان في أفغانستان (خاصة في تكتيك حرب العصابات)، كما نفت المحاكم الإسلامية الاتهامات الأمريكية القائلة بأنها تخضع لسيطرة تنظيم القاعدة.

وحسب تقرير للأمم المتحدة حول خرق حظر السلاح المفروض على الصومال منذ عام 1992، فان المحاكم الإسلامية تتلقى الدعم من جيبوتي ومصر واريتريا وإيران وليبيا والسعودية وسورية وحزب الله اللبناني، كما إنها تلقت الدعم من رجال الأعمال الصوماليين.

اليوم، هناك محاولة لإنهاء هذا الصراع أو على الأقل لإنهاء سيطرة المحاكم الإسلامية، بيد أن المحليين يقوون أن الشعب الصومالي لن يقبل بتدخل إثيوبيا وان صراعا جديدا سينشأ وأن المحاكم الإسلامية وشبهها بطالبات قد انسحبت من المدن الرئيسية استعداد لحرب عصابات أخرى.. برأيي أن الصومال شعب منهك وأن من سحل الجنود الأمريكان في 1994هم جذور المحاكم الإسلامية التي ظهرت بعد 12 سنوات وبرأيي أن الصراع انتهى وأن حرب العصابات أو حرب القرن (كما يرددها الصحفيون ولا أدري هل هي حرب القرن الأفريقي أو حرب القرن الواحد والعشرين) لن تأتي.. لن تأتي من أجل الجياعي والمتشردين أرجوكم..

حاولت أن ألفت انتباهكم أيها العرب لما هو أكبر من عربي ولما هو أكبر من العراق على الأقل مساحة.. ولما هو أكبر من سني وشيعي وطائفي.. إلى الإنسان ولو كان أسوداً..

غبت عن النادي قبل حرب لبنان – إسرائيل وعدت في الصيف وأنا أرى صفحات النادي ملأ بالحديث عن حزب الله ونصره.. ثم غبت في إجازة العيد وعدت وأرى ذات الصفحات ملأ بإعدام صدام.. ننجر كما تريد لنا وسائل الإعلام أن نفعل.. رغم أنها كانت أكثر عدلاً منا ولم تغفل أبدا مايجري في الصومال ودافور..

لازلت أؤمن أن الصورة الأكبر هي الصورة الأوضح..

وبعدين آخر شي..
ممكن توقعوا هنا..
http://action.savedarfur.org/campaign.jsp?...mpaign_KEY=6300