{myadvertisements[zone_1]}
وجود الجنّ، السحر والعين الشريرة : لا لوم ولا تثريب على النبي
arfan غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,378
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #1
وجود الجنّ، السحر والعين الشريرة : لا لوم ولا تثريب على النبي
يشبه الجنُّ البشر لكنهم لايُرَون في العادة . وثمّة جنٌ ذكور ( المفرد جنّي) وجنٌ إناث ( مفردهنّ جنيّة) ، جنٌ أخيار وجنٌ أشرار . ويمكن في حالات نادرة أن يُرى الجنيّ أو الجنية من قبل بشريّ، ويمكن لأميرة من الجان أن تقع في حبّ إنسيّ أو لجنيّ أن يقع في حبّ إنسيّة. وثمة بَعـْدُ أرواح شريرة ، تدخل في بعض الأحيان أجساد البشر وتصيبهم بالصّرع. ولقد وُجِدَت مثل هذه التصورات منذ القديم بين الشعوب جميعاً ولدى الجماعات كلّها .
ومن الاعتقادات القديمة وواسعة الانتشار ثمّة الاعتقاد بالسحر . وهو تصور مفاده أنّ الرقي ، والتعاويذ، والعقاقير وسواها من المواد يمكن أن تُحْدِث نتائج ما كانت لتنتج بالوسائل العادية ؛ ومن ذلك مثلاً أن تؤدّي هذه الأشياء إلى موت شخص ، أو وقوعه في الحبّ ، أو جنونه ، أو أن يؤدي صنع دمية من الشمع ثم غرس الدبابيس في عينيها إلى عمى شخص على بعد مئات الأميال في التوّ واللحظة . ولقد راجت مثل هذه الحماقات بين الأمم جميعاً منذ فجر التاريخ المكتوب ، ولا تزال شائعة على نحوٍ يبعث على الأسى حتى لدى أكثر الأمم تقدماً .
والحال ، أنّ تفسير هذين النمطين من الأوهام ليس بالأمر العسير . فالإنسان حيوانٌ مدركٌ وفضولي . والعقل البشري يسعى وراء أسباب الظواهر التي يدركها ، ويجد صعوبة في التوصّل إليها ، وحين لا يتمكّن العقل البشري الواهن من النفا ذ إلى عتمة المجهول، فإنه يلوذ بالتخمين والتهويم . لكأنّ إخفاق الملكة العقلانية يفسح المجال للملكية التخيّلية . والإنسان ضعيف أمام الطبيعة ، وتعتريه المخاوف والرغائب التي لا يمكن تسكينها بالوسائل العادية .
ومثل هذه العوامل تدفع البشر إلى هاوية الخرافة . وبذلك تلقى تصوّرات مثل إمكانية التنبؤ بالمستقبل عن طريق العرافة ، أو التنجيم ، أو الضرب بالرمل ، أو حساب الجمّل بقبضتها على العقول الجاهلة ، وتتكاثر الأشباح من كل صنفٍ وشكل. ولا عجب أنّ العرب في القرن السابع الميلادي كانوا غارقين في الخرافة . ما يُدْهش هو أن الوهمين اللذين سبق ذكرهما ليسا مذكورين في القرآن وحسب بل يُقـدَّمان فيه على أنهما حقيقتان واقعتان .
فالآثار المترتبة على السحر والعين الشريرة هي موضوع سورتين ، هما سورة الفلق وسورة الناس . والتفسير الذي يقدمه معظم المفسرين لهاتين السورتين هو أنّ مشركي قريش دفعوا لبيد بن الأعصم على أن يسحر النبي سحراً يقعده عن النهوض برسالته ، فمرض النبي إلى أن أتى جبريل وأعلمه بالأمر . وبحسب تفسير كيمبرج، فإن النبي وهو نائم في مرضه ، حلم بأنّ ملاكين أتياه فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب . قال : من طبّه؟
قال: لبيد بن الأعصم وقد دفنَ سحره تحت صخرة في بئر ذروان . فلما أفاق النبي , بعث علياً بن أبى طالب وعمار بن ياسر ، فنزحا الماء من البئر ورفعا الصخرة فوجدا السحر ، كما قال الملاكان ؛ فإذا وترٌ فيه إحدى عشر عقدة جاءا به إلى النبي .
فاُنزلت السورتان ، وفيهما معاً إحدى عشرة آية فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، حتى خرج إلى أصحابه صحيحاً . ونجد مثل هذه الرواية لدى كل من الطبري وتفسير الجلالين ، أما الزمخشري ، فإنه لم يكن يعتقد بالسحر وأثره فيُسْقِطُ هذه القصة في الكشّاف ويعمد ، شأن سواه من المفكرين العقلانيين ، إلى تفسير ( من شرّ ما خلق ) –الآية 2 من سورة الفلق- على أنها ربما كانت تشير إلى سمّ أو سواه من الأشياء المخلوقة التي لبشري أن يستخدمها في أذيّة الغير .
بيد أنّ ما من مفسّر أو فقيه أنكر وجود الجنّ، ذلك أنهم ذُكِروا في أكثر من عشرة مقاطع في القرآن وقيل صراحة ، في الآية 15 من سورة الرحمن ، إنّ الله خلقهم من ماجٍ من نار وهو لهب النار الخالص من الدخان . بل أنّ سورة الجنّ تنص في أول آيتين منها على أنّ نَفراً من الجنّ استمعوا إلى تلاوة القرآن فقالوا : ( إنا سمعنا قرآناً عَجَباً* يهدي إلى الرُّشد فآمنا به ولن نُشرِكَ بربّنا أحدا ) .
والعرب القدماء ، شأنهم شأن الشعوب البدائية الأخرى، كانوا يعتقدون بوجود الأرواح الخيّرة والشريرة ، حيث هيأتهم لمثل ذلك أكثر من سواهم بيئتهم الصحراوية القاسية والمعزولة . وثمة رواية مفادها أنّ العربي حين ينزل لقضاء ليلته في الفلاة كان يخاف فيتعوّذ بملك الجان من شرّ سفهائهم . والآية 6 من سورة الجنّ تحذر من أنّ التعوذ بالجنّ إنما يزيدهم سفاهة وشراً.
وفي حين يَسْهُل أن نفهم شيوع الأوهام والأفكار اللاعقلانية لدى الشعوب البدائية والطبقات الدنيا من الأمم المتقدّمة ، فإنّ من المدهش أن نجد مثل هذه الأوهام والأفكار في كتاب يُؤخَذ على أنه كلام الله وفي دعوة رجلٍ تحدّى خرافات قومه وسعى إلى إصلاح عاداتهم وأخلاقهم .
ويمكن لنا أن نتصور أن ما تشتمل عليه سورة الجنّ إنما يصف حلماً رآه النبيّ . فرؤيته الأولى للملاك عند الوحي الأول . حين بُعِثَ نبياً ، وُصِفَت بأنّها رؤيا صالحة ، ورؤيته الثانية للملاك في إسرائه إلى المسجد الأقصى فُسّرَت على أنها حلم .
والفرضية الأخرى المحتملة هي أنه كان لأفكار خصوم محمد تأثير قوي على عقله المتّسم بسعة الخيال فجعله يتصوّر وجودَ جنس يتصف بما يتصف به البشرمن ملكات الإدراك العقلي ويحتاج كما البشر ، لأن يُدعى إلى الإيمان بالله الواحد ، واليوم الآخر . غير أنّ السؤال الذي يمكن أن يُطرَح في هذه الحالة ، لماذا لم يُبْعَث إلى الجنّ برسول من جنسهم يهديهم سواء السبيل ، حيث يُقال في مقاطع قرآنية متعددة – كالآية 47 من سورة يونس، والآية 36 من سورة النحل – إنّ الله يبعث في كلّ أمّة رسولها، أي الذي ينتمي إليها وينطق بلغتها . بل أنه يقال في الآية 95 من سورة الإسراء إنه لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزّل الله من السماء ملاكاً رسولاً .
ويمكن أيضاً أن نعدّ سورة الجنّ قطعةً من الوعظ المجازي . وكما قال جلال الدين الرومي: حين تُعْنى بالأطفال ، فلتكن لغتك طفولية . فلعلّ النبي ، في التماسه الأعذار لذهنية قومه ، ابتدع قصة الجنّ وسماعهم للقرآن وما كان من تأثرهم الشديد حتى آمنوا وغدوا مسلمين .

كائناً ما كان التفسير ، فإنّه لا لوم ولا تثريب على النبي . فالفلاسفة العظماء في اليونان القديمة ، بكلّ ما لديهم من أفكار رفيعة ومآثر في الرياضيات وعلوم الطبيعة والمجتمع ، ما استطاعوا تجاهل أفكار قومهم ، بل انغمسوا في الأساطير الدينية اليونانية . ومع هذا فإنه تبقى هنالك معضلة . فالمسلمون يؤمنون بأنّ القرآن هو ما أوحاه الله لمحمد وينكرون أن يكون محمد قد وضع أي شيء منه . ثمّ إن سورة الجنّ تبدأ بالأمر ( قـُل ) فهل وافق الربّ عرب الحجاز على إيمانهم بوجود الجنّ والأرواح ؟ أم أنّ أقوال محمد هي التي نشرت هذا الإيمان وعزّزته ؟

من كتاب : 23 عاماً دراسة في الممارسة النبوية المحمدية
الكاتب : علي الدشتي ، ترجمة ثائر ديب ، إصدار رابطة العقلانيين العرب
01-12-2007, 04:00 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
وجود الجنّ، السحر والعين الشريرة : لا لوم ولا تثريب على النبي - بواسطة arfan - 01-12-2007, 04:00 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أضرار السحر رضا البطاوى 0 294 06-24-2014, 09:13 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  تعليم السحر رضا البطاوى 0 311 06-23-2014, 07:54 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  أنواع السحر رضا البطاوى 0 260 06-22-2014, 06:10 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  حقيقة السحر رضا البطاوى 0 312 06-21-2014, 07:54 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  النبي الكذاب JOHN DECA 107 8,791 06-12-2014, 05:40 AM
آخر رد: zaidgalal

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS