كل عام وأنت ...

لا أدري ماذا أقول، وليست تعلمُ مُفرداتي السبيل للخروج من ذهني مُعطيةً ذلك الرجل العظيم حقه في يومِ ميلاده ... تاهت الأفكارُ عن مُخيّلتي، فما عرفتُ أن أبتدِعَ أجمل من عبارة "كل عامٍ وأنت بألفِ خيرٍ يا حج" (f)

رجُلٌ هو، غيرُ معروفٍ لكثيرين، لم يكُن لهُ تأثيرٌ في عجلةِ هذه الحياة سوى أنّهُ كافح وناضل لتربية ستةِ أطفالٍ وتقديمهم للعالم بأبهى حُلة، ولا أستطيع أن أقول سوى أنّهُ نجح في تحقيق ما عجز عنه كثيرٌ من البشر ...

"يوسف داود"

فلينحفر اسمُك في صميم الدّهر، وليمجد صبرُك بأجمل الكلمات والترانيم، ولتكُن حياتُك عبرة العبر ... لأنّك أنت أنت، ذلك الفلاحُ البسيطُ من جبال نابلس الأبية، من مزارع بورين، من أبٍ فلاحٍ وأمٍّ أبيّة...

هو ذلك الطِّفلُ صاحب البيت في حيفا، ذلك البيتُ الذي لازمت قصصهُ خيالي مُنذُ الصغر، ذلك البيتُ الذي طالما رسم ابتسامةً على وجه ذلك الشيخ، ماحيةً التعاريج التي خطّتها مصائب الدهر ونوابئهُ على مُحيّاه ... هو ذلك الطّفلُ الذي اجتثّهُ الغدرُ من بيته ومزرعته في بورين، فلا يُنيرُ مُحيّاهُ سوى تذكّر عبقِ الزيت والزيتون، ونكهةِ غداء الجبنة والبندورة التي لا زالت عالقة في مُخيّلته وذكراه ... هو ذلك الطِّفلُ الذي كافح كفاح الأنبياء، وربّى في نفوسنا كبرياء العُظماء، وعلّمنا من لم تحويهِ كُتبُ المدارس وأقلامُ الأُدباء، علّمنا ثقافة الكرامة، وشعرَ المَحبّة، وقُرآن المعرفة ...

قلت: "لا تُتعب نفسك يا والدي"، فما كان منهُ إلا أن قال: "عندما أتعبُ، أتذكّرُ أنني أتعبُ لأجلكم يا ولدي، فأستلذُّ بتعبي" ...

كل عامٍ وأنت بخير يا أبي
كل عامٍ وأنت مليكي
كُل عامٍ وأنت الرجُل الذي حلمتُ ولا أزال أحلمُ بأن أكون مثله ولو بمقدار ذرّة

جزاك الله عنّي كُل خير يا يوسف، وأمتعنا اللهُ بك

:redrose: