هذه روايتنا عن ما حدث في غزة يوم الخميس وأثار غضب حماس، وهي رواية رفضت القيادة السياسية للحركة خروجها بشكل رسمي، الآن على الأقل.

كان المحرك الأساسي لما حدث هو الدعوة السعودية لحماس وفتح للإلتقاء في مكة المكرمة، إضافة إلى تهديد مصري شديد اللهجة لفتح بان استمرار الاقتتال سيدفع مصر لنفض يدها من مسار العملية السياسية في فلسطين (حكم بالإعدام)

مساء الخميس كان مسرحا لثلاث حوادث
1) اجتماع برعاية الوفد الأمني المصري بين فتح وحماس
2) إدخال شاحنات محملة بالأسلحة إلى غزة
3) تحركات واسعة من قوى أمن الرئاسة والأمن الوقائي حاصرت مقار وزراء حماس ومنازلهم

ماذا حدث :
الدعوة السعودية والضغط المصري كانا يشكلان ضغطا هائلا على فتح لم يعد بالإمكان الوقوف أمامه ورفض تشكيل حكومة وحدة مع حماس، والدعوات والتهديدات كانت شديدة جدا ، حتى الحليف الأوثق عربيا لعباس، الأردن، وصل لقناعة أنه إزاحة حماس من المشهد السياسي غير ممكنة وقدم دعوة لاستضافة هنية وعباس في الأردن لحل الأزمة الفلسطينية ولكنها اصطدمت بتعنت من عباس، ولكن مصر والسعودية ليسا الأردن.
بناء على ذلك قررت قيادات انقلابية في فتح تنفيذ التالي :
التظاهر بالانصياع لمصر ، والسير في المحادثات تحت إشراف الوفد الأمني إلى أبعد مدى ، ففي مساء الخميس كانت وفدا حماس وفتح توافقا برعاية مصرية على تشكيل حكومة الوحدة مع الخروج بحلول للوزارات (العقدة) الداخلية والمالية.
وفي ذات الوقت المماطلة في تحديد من سيمثل فتح في اجتماعات مكة المكرمة ، ويمكن العودة للتاكد من أن فتح حتى الخميس لم تعلن من سيمثلها، مع الادعاء بأن مفاوضات مكة المكرمة ستكون لبحث إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
أثناء الاجتماع ، تسربت أنباء عن استعداد الحرس الرئاسي والأمن الوقائي لتنفيذ حملة اغتيالات تطال جميع قيادات حماس (سياسية وروحية) كما تم رصد الشاحنات والتأكد من محتواها.
وهنا وجدت القيادة السياسية في حماس أنها امام مأزق خاصة وأن الاتفاق بحضور الوفد الأمني المصري حظي بالنجاح، فكان القرار بالاكتفاء بمصادرة شاحنات الأسلحة ، وعند تنفيذ المهمة التي تولتها هذه المرة كتائب القسام في أول نزول لها إلى الشوارع (كان الطرف الأساسي في المواجهات مع إنقلابيي فتح قبل ذلك هو القوة التنفيذية)
عند تنفيذ المهمة بدأت القوات الانقلابية التي تحاصر مقر وزير الداخلية سعيد صيام بفتح نيران كثيفة جدا استخدمت فيها المدافع المضادة للطائرات (رصاص من عيار 500 ، 1000) ولفترة لا بأس بها كان القلق عارما في حماس احتمال مقتل وزير الداخلية
هذا الهجوم أكد لحركة حماس صدق المعلومات عن قرار اغتيال قيادات حماس وكان الموقف الذي وجدت حماس نفسها أمامه هو نكون أو لا نكون، ولذلك صدر الأمر لكتائب عز الدين القسام (المظفرة :) ) للنزول إلى الشارع ومصادرة كل ما يحمله أتباع الحرس العباسي والأمن الوقائي من أسلحة مع الابتعاد عن إسقاط قتلى قدر الإمكان.
وهو ما حدث بالفعل وقد صادرت كتائب القسام (15 ألف مقاتل على مستوى عال جدا من التدريب) سلاح ما يزيد عن ألف وخمسمائة من القوات العباسية والوقائية :) كما تمر إخلاء 40 مقرا للأمن والمخابرات وتدميرها ومصادرة ما في مخازنها من سلاح مع الحرص على عدم استهداف منسوبي قوى الأمن ودعوتهم للاستسلام وإسعاف من أصيب منهم ، في البداية حاولت بعض قوى الأمن المقاومة خاصة جيوب للوقائي والشرطة الخاصة والحرس العباسي وهم على مستوى عال من التدريب كما يظنون (خمسة عشر عاما من التدريب المكثف ودورات كثيرة في والولايات المتحدة) ولكن المفاجأة لنا ولهم :) كانت القدرات الفائقة لدى كتائب عز الدين القسام (المنصورة :) ) حيث لم يستطع جنود التيار الانقلابي الصمود أو القتال بل سارعوا إلى إلقاء السلاح والاستسلام، وفي ذات الوقت سارعت قوات انقلابية أخرى إلى مهاجمة المباني الفارغة للجامعة الإسلامية بعد عجزها عن مواجهة كتائب القسام حرصا على إحراز نصر معنوي يشد من أزر عناصر التيار الانقلابي.
نزول كتائب عز الدين القسام إلى الشارع لأول مرة منذ بدء المواجهات بين فتح وحماس كشف للتيار الانقلابي حقيقة مرعبة ، حماس حتى الآن كانت تقاتل بخمسة آلاف جندي متوسطي التدريب (القوة التنفيذية) وكانت لدى فتح القدرة على الأخذ والرد معهم، ولكن عند نزول كتائب القسام بجنودها (15 ألف مدربين على أعلى مستوى) كانت طامة وباقعة جرتها عناصر التيار الانقلابي على نفسها.
وفورا وافقت قيادات التيار الانقلابي على العودة للحوار تحت الرعاية المصرية (دون تهديد هذه المرة) ، وبادرت إلى إعلان ان عباس سيصل إلى مكة المكرمة الثلاثاء ، وسارع عباس إلى الاتصال بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس طالبا منه إيقاف كتائب القسام (وهو الذي كان يرفض قبل ذلك اللقاء معه ولم يلتقه في دمشق إلا بعد وساطات مكثفة من عدة اطراف)

ما حدث الخميس كان محاولة من التيار الانقلابي لاغتيال قيادات حماس، ظنوا تقانا ضعفا، فكان الرد من كتائب القسام مزلزلا ، وكان ان عادت فتح إلى رشدها ، وبعد الخميس سترون إن شاء الله تفاهمات فتح وحماس تتحقق مع محاولات بالتاكيد من دحلان لإفسادها ولكنه لن يستطيع ، فحتى فتح الضفة بدأت تضيق ذرعا به فهو لوث حركة فتح بشكل كبير وكان أن خرج عزام الأحمد لينفى ما ذكره التيار الإنقلابي من وجود إيرانيين في الجامعة الإسلامية

نعيد التأكيد : الشاحنات كانت تحوي أسلحة وفتح كانت تدعي كل مرة انها تحوي شيئا ما يكفي أن دحلان أدلى خلال لقاء على قناة العربية مع جزيل خوري مساء الخميس باربع تصريحات مضاربة حول محتوى الشاحنات :)
قال دحلان ابتداء إنّ الشاحنات تحمل "كرفانات" فارغة لا يوجد فيها شيء، ثم قال في إجابته على سؤال تالٍ إنّ الشاحنات فيها معدات للشرطة الفلسطينية أما في إجابته على سؤال ثالث فقد قال دحلان إنّ في الشاحنات مكاتب لضباط الشرطة الفلسطينية ثم خلص إلى التلميح بوجود سلاح وذخائر داخلها بالفعل، بقوله "حتى لو كان فيها أسلحة فهذا من حق السلطة ولا يحق لحماس أو لغيرها الاعتراض والتدخل في ذلك"