عودة الاضرابات إلى مصر


لأول مرة منذ عقود تعود لغة الإضرابات للساحة العمالية في مصر. وبدأت هذه الموجة من الاضرابات في ديسمبر/كانون الأول الماضي في قطاع الغزل والنسيج في دلتا مصر واتسعت بعد ذلك لتشمل قطاعات عمال ورش السكك الحديدية وعمال الأسمنت، بالإضافة لقطاع الغزل خاصة في شبين وكفر الدوار في منطقة الدلتا.

للتعرف على اسباب عودة هذه الظاهرة، وعن مدى تأثيرها على الاقتصاد المصري والخصخصة، استطلعت بي بي سي وجهتين مختلفتين للنظر.


حمدي حسين - نقابي مستقل بشركة الدلتا للغزل والنسيج، المحلة الكبرى

ما يحدث على الساحة العمالية في مصر هو انتفاضة عمالية تأخرت كثيرا. انتفاضة تعبر عن زيادة في الوعي العمالي كرد فعل على تزايد الضغوط عليهم بين غلاء أسعار، وأجور متدنية، وتعسف إداري، بيع شركات، وتقاعد مبكر.

وكان من الطبيعي أن يحدث الانفجار في أي لحظة. وفي هذه الحالة كان إضراب غزل المحلة في ديسمبر هو الشرارة التي أشعلت الموقف لأن جميع العمال نظروا لهذا الإضراب الناجح كمثل يمكن إتباعه للدفاع عن حقوقهم.

القطاع الخاص في مصر يفرض علينا ساعات عمل تصل لاثنتي عشرة ساعة يوميا

وطبعا لعبت القيادات العمالية المستقلة دورها في توعية العمال وقيادتها للوقوف في وجه التعسف وانتهاك معايير العمل الدولية. وهو الأمر الذي ترصده تقارير الاتحادات العمالية الدولية.

على الذين يدافعون عن الرأسمالية والخصخصة أن يعطونا على الأقل حقوق العمال في الدول الرأسمالية المتقدمة.

القطاع الخاص في مصر يفرض علينا ساعات عمل تصل لاثنتي عشرة ساعة يوميا رغم أن القانون ينص على ثمانية. القطاع الخاص يفرض ظروف عمل سيئة في غياب أي شروط للأمن الصناعي، والدولة تسانده في ذلك، ناهيك عن غياب التنظيمات النقابية عن أغلبية شركات ومصانع القطاع الخاص فيصبح العمال بلا حول ولا قوة أمام أي مساس بحقوقهم.

المهندس محسن الجيلاني - رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج - القاهرة

بالتأكيد هناك قلاقل على الساحة العمالية في مصر، وأسباب ذلك عديدة.

نحن نعترف بأن هناك نقص في استثمارات الدولة في مصانع القطاع العام على مدى سنوات أدى لتدهورها، وأن دخل العمال في قطاع الغزل والنسيج متدني لأنه يعد أفقر قطاع صناعي في مصر لكن الأساس، خاصة في حالة إضراب غزل شبين، هو التخوف من الخصخصة وهو في رأيي تخوف لا محل له. علينا أن نعيش الواقع.

نحن اخترنا الاقتصاد الحر والاندماج في الاقتصاد العالمي وإذا لم يستتبع هذا تدفق للاستثمارات الأجنبية تشغل العاطلين، فكل ما نفعله لا فائدة له. ولذلك يجب أن يعطي العمال المثل صحيح أن العامل قد يحس بالاطمئنان في حضن الدولة لكن الدولة ليست مدير.

لا يمكن فصل ما يحدث على الساحة العمالية عن عوامل أخرى سياسية وأمنية

الثقافة السائدة في المجتمع المصري ضد الخصخصة، وهذا شيء سيء لكن النشاط الاقتصادي يجب أن يترك للقطاع الخاص لأنه أكفأ وأقدر على التشغيل وعلى الإنتاج.

أخيرا، في رأيي أنه لا يمكن فصل ما يحدث على الساحة العمالية مؤخرا عن عوامل أخرى سياسية وأمنية، فالعناصر التي فشلت في الانتخابات النقابية الأخيرة أو التي لم تنجح في الترشح لها تلعب دورا في تأجيج الموقف.

لكننا يجب في النهاية أن نحافظ على بلدنا وعلى الإنتاج. ويكفي أن أقول إن إضراب غزل شبين وحده يكلف الدولة خسائر بمائة وخمسين ألف جنيه يوميا.