سؤالٌ بات يتردّدُ في بالي معظم الوقت مُؤخرا، وبحُكم الأماني التي تملأ رأسي دائما بوصول الإسلاميين إلى الحُكم وإصلاحِ الأحوال وإقامة العدل كانت تلك الفكرة تُسعدُني كُلما تطرّقتُ إليها، لكن الآن باتت تلك الفكرةُ كالكابوس تؤرّقني وتُخيفني كُلما تخيّلتُها! ليس لأنني ألحدتُ مثلا أو تلبرلت أو تعلمنتُ أو غيّرتُ مُعتقدي بأي أسلوب من الأساليب.

أسئلةٌ تطرحُ نفسها كُلّما طُرحت في رأسي مسألةُ وصول أي حركة إسلامية في أي مكان في العالم إلى الحُكم يتردد السؤال التالي:
* هل تملكُ تلك الحركاتُ برامج مُحكمة ومتكاملة؟
من مُلاحظتي لتجارب الحركات الإسلامية سابقا وجدتُ أن التجربة تقف ضد وصول الحركات الإسلامية بأي شكل من الأشكال، فمن حُكم طالبان في أفغانستان، مُرورا بوصول حماس إلى السلطة في فلسطين، وانتهاءا بالحُكم في العراق الذي سيطرت عليه المراجع الشيعية أو السّنية. كُل تلك التجارب لم تجلب للشعوب إلا الويلات والمصائب من قتل وتهجير وتجويع إلى آخره، لكن ما هو السبب؟

برأيي الخاص واستنادا إلى ملاحظاتي الشخصية وجدتُ أن ولا أي حركة من تلك الحركات كان لها أدنى مستويات التنظيم السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، لكن كُلها اشتركت في وجود تنظيماتٍ (على الأقل يمكن إطلاق كلمة "تنظيم" عليها) عسكرية وإن اختلفت في أساليبها ومدى تطوّر تجهيزاتها.

إذن، تلك الحركات بكاملها لا تملكُ رؤيات أو تخطيطات مُعيّنة مهما كانت لإدارة دولة اجتماعيا أو سياسيا أو اقتصاديا، بل ترتكزُ بشكلٍ أساسي على تنظيماتها العسكرية التي ما لبثت أن تحوّلت إلى أدواتِ إرهابٍ للآخر فور وصول تلك الحركات إلى مراكز السّلطة.

فطالبان وصلت إلى السلطة في أفغانستان ذلك البلد الفقير، فقامت بتطبيق الأحاكم الإسلامية من ناحية الحدود فقط لا غير ولم نجد أي خطابٍ سياسي للحركة بعيدا عن دعوة الدول الغربية للاستسلام واعتناق الإسلام بأسلوب أبعد ما يكون عن السياسة الحقيقية.

حركة حماس وصلت إلى السّلطة في فلسطين، لكن أحسبُ لها وقوفَ العالم ضدّها منذُ اللحظة الأولى لاستلامها السّلطة، إلا أن نشاط الحركة الرئيسي منذُ استلامها للسلطة تمثّل في تدعيم سيطرتها العسكرية فقط لا غير، ولم نسمع عن مُحاولات لتحسين الأوضاع الداخلية للفلسطينيين سوى بضعِ مُحاولاتٍ لجمع مُساعدات من الدول التي لم ترضَخ للضغوطات الأمريكية والإسرائيلية، إلا أن إفلاس الحركة السياسي أتى عند اصطدامها بحركة فتح عسكريا فاتحةً بذلك الباب أمام قتل الفلسطيني للفلسطيني وابتعدت تماما عن الأهداف التي "ادّعى" مؤسسوا الحركة إيجادها لأجلها، بل بات صراعُها أخيرا صراعاً على الكراسي وتوزيع مراكز القوى بينها وبين فتح، باختصار حوّلت حماس بالاشتراك مع فتح القضيّة الفلسطينية إلى "كيكة" يتقاتل عليها طفلان للحصول على القطعة التي تحوي الكم الأكبر من الكريمة أو الفواكه.

في العراق وبعدَ سقوط نظام صدّام حُسين وصلت تنظيماتٌ دينية شيعية وسنية إلى السُّلطة، والسنواتُ الثلاث الماضية تُغنيني تماما عن تقديم أي وصف.

حاصل الكلام أعلاه، الحركاتُ الإسلامية للأسف الشديد هي عبارة عن حركات "مُفلسة" سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفي كُل المجالات الأخرى التي تهمّ أي شعبا يُريدُ الحُريّة، فهل فعلا وصولُ الإسلاميين إلى الحُكم في الوقت الراهن أو حتى بعد سنين من الآن من مصلحةِ الشّعوب؟

(f)

ملاحظة: كُل هذا الموضوع عبارة عن رأي شخصي بحت، مُستندٌ بكامله على ملاحظات شخصية ولم أجمع أي مراجعٍ أو حقائق بل أتيتُ بكلامي من مُلاحظتي ك"مواطن".