التحكم بالذاكرة، هل يسبب ازمة اخلاقية؟
في السنوات الاخيرة تمكن العلماء من الكشف عن الكثير من اسرار عمل الدماغ ,وخصوصاً في حقل الذاكرة وميكانيزم عملها. هذه المعلومات الجديدة ستساعد على توجيه الجهود لخلق وسائل طبية جديدة لمساعدة ضعيفي الذاكرة، وفقدان الذاكرة عند الكبار.
تحسين الذاكرة
عند حجز فأر في زجاجة، تحتوي على لعبتين، يقوم الفأر بفحصهم بإهتمام. إذا ابقينا الفأر في الزجاجة ، لمدة ثلاث دقائق فقط، لن يتمكن الفأر ان يتذكر هذه الالعاب في اليوم التالي، ولن ينتبه الى ان الباحث قام بتبديل احدهم الى اخرى، إلا إذا أعطينا الفأر حبة تقوية للذاكرة. عندما ركض الفأر الى اللعبة الجديد، عنى ذلك اننا نجحنا بإختصار الزمن الضروري لخزن المعرفةفي الذاكرةالى ثلاثةارباعها بالمقارنة مع ما كان ذلك سيتتطلبه في الظروف الطبيعية. هل سيؤدي ذلك الى ثورة في المعرفة؟
هذاالنوع من الحبوب يجري تتطويره اليوم لدى شركة Helicon Therapeutics الامريكية، وعام 2004 بدأت الشركة بإجراء تجاربها على البشر. وهناك انواع اخرى عديدة من حبوب الذاكرة تحت التطوير الان، بهدف مساعدة المرضى بالشيزوفرينيا، . جميع هذه الادوية تنطلق من معلوماتنا الجديدة عن شكل تخزين المعلومات في الدماغ، التي جرى إكتشاف ميكانيزمها مؤخراً.
في البداية تتبادل الخلايا الدماغية العصبية بين بعضها في منطقة Hippocampus, وفي منطقة القشرةالدماغية، مواد للتنبيه . هذا الامر يؤدي الى تنشيط الذاكرة القصيرة او ذاكرة العمل المؤقتة، التي عادة تساعدنا بتذكر المكان الذي وضعنا فيه المفاتيح قبل ساعة. الذاكرة الطويلة تتنشط عادة عندما نركز إهتمامنا بالدراسة او عند الاحداث التي تترك تأثيراً عميقاً. عندما تقوم الخلايا العصبية بتشكيل بروتين، الذي يكون من مهمامه تقوية الاتصال بين الخلايا العصبية، synapserna. تقوية السينتاسبيرنا يؤدي الى نقل الانطباعات والمعرفة الى الذاكرة الطويلة. ولذلك لاننسى ابدا، ان 2-2=0.
الشركات تقوم بتتطوير ادوية يمكن استخدامها في احدى المراحل الثلاثة التي تتكون منها عملية خزن المعلومات في الذاكرة، او خلق الذاكرة. احدى الشركات تقوم بتتطوير دواء يبدأ تأثيره في المراحل المتأخرة من نشوء الذاكرة، مايسمى CREB. هذا النوع يرفع كمية البروتين CREB ، في الخلايا العصبية، مما يقوي الذاكرة الطويلة، تماما كما حدث مع الفئران في التجربة اعلاه.
شركة اخرى تتطور دواء آخر يسعى لتقوية الذاكرة القصيرة. هذا الدواء يؤثر في المراحل المبكرة من مراحل عمل الذاكرة، ويعمل من خلال إتاحة المجال امام كمية كبيرة من ايونات الكاليوم ان تتدخل الى الخلايا العصبية، وبالتالي تقوم بتنشيط عملية التخزين.
شركة ثالثة انتجت دواء في مراحله الاخيرة، ampakin, ويتفاعل منذ بدء العملية من خلال تنشيط حساسية الخلايا العصبية لهرمون glutamat. نتائج تجارب هذه الشركة التي جرى اعلانها اظهرت، أن عند إستخدام جرعات مختلفة من هذا الدواء على 16 رجل، في الاعمار مابين 18-45 ومن ثم منع عنهم النوم، واجريت عليهم مجموعة إختبارات على التركيز، والقدرة على حل المعضلات، وعلى وضع الذاكرة القصيرة، اعطت تأثيراً مدهشاً، بالمقارنة مع نفس عدد الاشخاص الذين اعطوا دواءا وهميا إعتمادا على ظاهرة Placebo المعروفة.
لقد ظهر انه بمافيه اصغر جرعة من الدواء، يقدم تحسين ملحوظ لقدرات الذاكرة، وكلما كبرت الجرعة كلما تحسنت النتائج اكثر. في نفس الوقت لم يكن للدواء اي تأثيرات جانبية سيئة، مما يجعله افضل من الامفيتامين والكوفائيين. لهذا السبب تجري الان دراسة تأثيرات الدواء على المصابين بالزيهميرس (Alzheimers). (معطيات عام 2005)
العلماء يعلمون ان هذه الادوية ليس لها القدرة على منع موت الخلايا العصبية الذي هو سبب مرض Alzheimers، ولذلك فمن المشكوك فيه ان يتمكن هذا الدواء من مساعدة المصابين بالمراحل المتقدمة من المرض. ولكن، ولكون بالامكان تشخيص المرض في مراحله المبكرة، يآمل الباحثين ان يتمكن الدواء من مساعدة المصابين، في المراحل المبكرة من المرض على الاقل.
أزمة أخلاقية
نجاح هذه الادوية سيفتح الطريق للاصحاء لإستخدامها من اجل تحسين القدرة على التذكر، للحصول على نتائج افضل في الامتحانات مثلا. نحن نعلم بمجموعة من الادوية التي انتجت من الجل المرضى، والتي تستخدم اليوم على نطاق واسع من قبل الاصحاء، مثل: Epo, anabola steroid, كمخدرات، وقد اضطرت الدول الى منعها، Viagra, Cialis, Levitra,وهي ادوية لمعالجة القصور الجنسي Ritalina, Modiodal، وهو دواء لمعالجة النشاط المرضي عند الاطفال، واسئ استخدامه من الطلبة في فترة الامتحانات، من اجل تقليل فترات النوم ورفع النشاط. البعض يقف مترددا امام هذا السيناريو، بسبب ان إستخدام الحبوب لتحسين القدرات سيغير قواعد اللعبة البيلوجية، المستقرة.
هذا النجاح يشير الى ان العلماء قد تمكنوا فعلا من البدء في إجلاء متاهات عمل الدماغ، وانهم على الطريق الصحيح لفهمه وكشف اسراره والسيطرة عليه ولكن الناحية الاخلاقية لهذا الفتح يعبر عنها Leon Kass, الناطق الرسمي بإسم مجلس "الاخلاق والبيلوجيا" الامريكي، فيقول: حتى الان كان الانسان يحصل مكاسبه الابداعية من خلال الالتزام بالنظام والعمل الكادح. وإذا تمكنا من الوصول الى النتائج نفسها من خلال حبة دواء، سيظهر الامر وكأنه خداع غير عادل.
البعض يشير الى ازمة اخلاقية سيقف امامها اهل الاطفال، هل سيسمحون بإعطاء ابنائهم جرعة من الدواء، لتحسين قدراته، ام سيقبلون بصراع غير متكافئ بين اطفالهم واطفال سمح لهم اهلهم بتعاطي الحبوب؟
هل سيشعر العاملين انهم مضطرين الى تعاطي هذه الادوية لتحسين قدراتهم، تحت ضغط متتطلبات العمل ورب العمل؟
ترقبوا الجزء الرابع: النصف المجهول من الدماغ
مصادر:
The authors claims and disclaims
vad beror minnesproblemen på?
18/2005 s.66-69