دُهشتُ قبل قليل - يا دكتور -، وأنا أرى كلماتك في بعض "حارات الانترنت" عن أسباب تركك "لنادي الفكر العربي". وحزنتُ على "مقامك" قليلاً وأنا ألاحظ أنك كنت هناك "كالكريم على مائدة اللئام"، ثم تململتُ وامتعضتُ عندما رأيت بعضهم يتطاول عليك بسخافاته وهو يحسب بأنه "يفلّ المحزّ ويطبّق المفصل".

حاولت أن أدخل حارة أصحابنا هذه، فوجدت أن ذاكرتي لم تعد تحتفظ بكلمة سر "العلماني". وعندما تفكرت قليلاً وجدت بأن نسياني لكلمة السر قد يكون أفضل لي ولك ولهم. ولكني بين هذا وذاك، لن أترك "هجومك" علينا يمر مرور الكرام، ولن أعتبر "طعنك" لنا "غيمة صيف عن قليل تقشع". ذلك لأنني وجدت في كلماتك الكثير من "التجني" على النادي وعلى إدارته، في أيامك وبعدها.

صحيح أنك قلت في "مداخلتك الثانية" يا دكتورنا ما يلي: " لم تكن مداخلتي السابقة لفضح احد, فليس من طبعي ولا من خلقي ان ادخل في تلك المتاهات الغبية والصبيانية. ولا اريد ان اتعرض لأشخاص بعينهم لإعتقادي ان تبادل الفضائح على صفحات الإنترنت هو نوع من الجبن لا يليق بطبعي وخلقي. وبإختصار لست من اصحاب متابعة المسلسلات الفضائحية, لا على شاشات السينما ولا التلفزيون ولا الكمبيوتر". ولكن للأسف يا دكتور "لن تذهب هذه الضمّادة بألم الجرح النغّأر"، ولن تستطيع أن تعتصر الخمر من عنقود أكلته الدبابير، فالبكاء (كما يقول أولاد عمنا) على الحليب بعد أن ينسكب الكأس ... لا يفيد.

أفتح هذا الموضوع كعتاب لصديق أعزه وأحترمه، ولكن يهمني في هذا المضمار، وقبل أن نضع النقاط على الحروف، أن تتذكر بأنك أنت من بدأ ... والباديء أظلم. لذلك، إذا ما سمعت هنا ما لا يسرك ولا يروق لك، فلا تتململ ولا تغضب ولا تحرق الأرم، فكل خطاب له جوابه و"كل طنجرة وإلها غطاها". تذكر هذا يا دكتور، وتذكر بأن "العلماني" - حتى اليوم - كان يعتز بصداقتك ولا يوفر مناسبة إلا ويؤكد على أصالتك وطيب أرومتك حتى لو أعلن مخالفته لك في الرأي، وحتى لو أذاع بأن زيتونك مر على لسانه وبيدرك يعج بالزوان (المقصود طبعاً أيديولوجيتك القومية العربية).

بعد أن تقرأ الكلمات السابقة يا دكتور، دعنا نستعرض ما جاء في مداخلتك هناك، في "حارة كل من إيدو إله" ... تقول - يا عافاك الله - ما يلي:

بالحقيقة انني لم اتحدث سابقا عن نادي الفكر العربي , ولكن بعد ان قرأت هذا الموضوع رأيت ان من واجبي القيام بتصحيح معلومة ذكرها الصديق الكندي وهي كما ذكر انني اردته ناديا قوميا عربيا.
وللحق اقول ان ذلك غير صحيح.

نعم انا من اسس نادي الفكر العربي وقبل ذلك موقع ارابيا . وكانت الفكرة بالأساس ان يكون مننتدى حوار عربي يناقش كل المواضيع التي تخص الأمة العربية من كل اطياف المجتمع العربي. وكنت اؤكد دوما على طرح جميع الآراء بكل حرية شريطة ان تكون مسؤولة. وكنت اؤكد دوما ان تتكون الإدارة من مختلف الأطياف السياسية العربية.
نعم انا مسيحي عربي قومي حتى النخاع ولكن كان رأيي ان يكون في الإدارة احد الإخوة ممن يمثلون التيار الإسلامي. وهذا ما حصل والكل يشهد على ذلك.ولكن ذلك لا يعني ولا يمكن ان اقبله ان يتحول النادي الى منتدى يحارب كل توجه قومي عربي. فإذا كان من رأيي ان نسمح للجميع ان يشارك في الحوار واخذ القرار كان على الآخرين ان يحترموا على الأقل التوجهات القومية الموجودة في الشارع العربي دون شك.
أما ان يتحول نادي الفكر العربي الى منتدي يهتم في محاربة الفكر القومي فهنا وقع الخلاف بيني وبين الآخرين.
كان بالإمكان ان استمر في النادي وليرحل غيري. ولكنني فضلت ان ارحل كي لا يقال انني اردته ناديا قوميا.
نعم وكما ذكر الأخ الكندي حصل افتراء على من هذا القبيل بأنني خرجت لأنني اردته ناديا قوميا وتم طرح هذا الأمر في احد المواضيع وقد اجبتهم على هذا الإفتراء في حينه.

وقع الخلاف ابان الغزو الأمريكي على العراق. فانتعش التيار الليبرالي المتأمرك انتعاشا مسعورا, واعترف انني بدأت اعاني من شعور اشمئزازي كيف يهلل البعض للإحتلال الأمريكي والعراق تذبح . هذه الحالة الشيزفرونية لم استطع قبولها والتعامل معها. وطني العربي والعراق الجريح جزء منه اهم لدي من معاشرة ما يسمونها الديمقراطية وحرية الرأي المزيفة.

مع كل ذلك تركت بالنادي العديد من الإصدقاء الذين اعتز بصداقتهم , وليعذرني البعض إن قلت انه لا تزال تربطني بنادي الفكر العربي شعور بالحنين الذي سوف يبقى مجرد حنين ولن يتعداه.

لقد كانت تجربة نادي الفكر العربي فريدة ومميزة. ولا زلت اؤمن برسالته التي عملنا من اجلها. ولكن نادي الفكر العربي الآن ليس ولا يمكن ان يكون هو ذلك النادي الذي رعيناه وبذلنا الكثير من اجله.

تحياتي للأصدقاء وليعذرني الأخ الكندي على هذا التوضيح الذي رأيت ان من واجبي القيام به.

حسناً ... لقد وضعتُ خطاً - كما ترى - تحت الجمل التي أنتوي التعليق عليها. وأعدك بأن أكون في تعليقاتي كرخام المقلع؛ صريحاً ناصعاً لا يخفي لونه ولا يستحي بسحنته، شرط ألا تغضب من هذه الصراحة وما تحتويه من مكاشفات،، فأنت - كما قلت لك -هو من بدأ، وأنت هو من دعاني إلى هذا - ولو كانت دعوة غير مباشرة -. فأنا من ناحيتي، كنت قد نسيت هذه الفترة وحملها وولادتها بعملية قيصرية. وخسارة حقاً أن تعود إلى "فتح الدفاتر القديمة"، فهذا تاريخ ولّى واندثر وكان يجب أن يقبع في غياهب النسيان وليس أن يعود كي يحتل رؤوس العناوين في منتديات الحوار.

عموماً، لن أتسرّع، ولن أبادر الكتابة بعجلة وغضب، ولكني سوف أترك هذا الموضوع 24 ساعة أو أكثر قليلاً وأفكر ملياً في ضرورة الرد، حتى إذا لم أجد لي مندوحة فعلتُ ... حتى لو ندمتُ بعدها ... "ندامة الكسعيّ".

واسلم لي
العلماني