{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
هكذا يبرمج المجتمع مفاهيمنا وعقائدنا
نبيل حاجي نائف غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #1
هكذا يبرمج المجتمع مفاهيمنا وعقائدنا
هكذا يُبرمج المجتمع مفاهيمنا وعقائدنا

الانتشار الواسع للأديان والتمسك القوى بها والمحافظة عليها وعلى استمرارها، لابد أن يكون له دور ووظيفة هامة اجتماعية وفردية نفسية وفكرية.

لقد عرف غالبية الفلاسفة والمفكرين دور وأهمية الدين وسعوا للدفاع عنه وعن استمراره، حتى وإن وجدوا بعض الثغرات والتناقضات فيه، كل منهم بطريقته، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.

فهناك حاجة الإنسان النفسية للدين، فهو يؤدى عدة وظائف تمكن الإنسان من تحمل مشاكل الحياة والتحقيق للرضا النفسى والفكري، والأمل فى معونة الخالق والشكر على ما يصيب الإنسان من حظ سعيد.

نعم، لقد حقق التقدم الحضارى والعلمى الكثير للإنسان وسهل له حياته، ولكن تبقى أهم مشكلة وهى مشكلة الموت التى لم يستطاع حلها، ولكن الدين حقق حلها بطريقة فعالة ومجدية.

وكذلك للدين دور ووظيفة اجتماعية هامة جداً، فى تحديد أطر الأخلاق والتشريعات الاجتماعية. فهو يضع ويحدد وينظم العلاقات الاجتماعية ويجعل الأفراد يتبنون نظم وعلاقات محددة بإرادتهم الذاتية ودون فرضها عليهم، لأن هذه النظم والعلاقات والمناهج فى التعامل والتقييم للعلاقات الاجتماعية، تلقن للأفراد منذ ولادتهم فتكون بمثابة برمجة أولية وأساسية لهم يتم اعتمادها والمحافظة عليها بقية حياتهم. وذلك حتى وإن كانت بعض تلك الأنظمة والتشريعات بسيطة ومحدودة ولم تعد كافية لتناسب الأوضاع الاجتماعية المعقدة الحالية.

وهذا بعكس الأنظمة والقوانين الحديثة التى تفرض أثناء حياة الفرد ويكون تقبلها واعتمادها لا يتم بسهولة، بالإضافة إلى تطور وتسارع ظهور قوانين جديدة باستمرار لكى تجارى التطورات الاجتماعية والحضارية السريعة، صحيح أنها بعد فترة تنتشر وتعم بين الأفراد ويتم اعتمادها من قبل الأغلبية ولكن هذا يستغرق وقت طويل بعكس المبادئ والقيم الدينية التى ترسخ منذ الولادة.

فللدين والعقائد دور ووظيفة اجتماعية وفردية ذاتية هامة، فهو غالباٌ ما يحقق الكثير من الانسجام والتوافق والسعادة للأفراد ويساهم فى تماسك ونمو المجتمع، إى له موجباته الواقعية وإلا لما كان هذا الانتشار والنمو له، فكل موجود له مكونات وجوده. والمهم لدى كل منا هو المفيد والسعيد أولاٌ، أما الصحيح فيأتى لاحقا.

ولكن الدين لا ينظم حياة المجتمعات من دون معوقات، منها:

أ - عدم عموميته، فتعدد الأديان له تأثيراته السلبية الكبيرة جداً، وهو يؤدى إلى تعدد الانتماءات وظهور العنصرية وتولد الصراعات بين العقائد الدينية المختلفة. فلو كان هناك دين واحد لكل البشر، لأمكن حل الكثير من المشاكل، فالصراعات بين أديان مختلفة لن توجد، وتنتظم العلاقات الاجتماعية حسب الدين الواحد وتكون سهلة التوحيد.

ب - تطور المجتمعات الحضارية والفكرية المستمر، وهذا يؤدى إلى ضرورة أن يكون الدين متطورا، ولكن هذا يتضارب مع أهم خصائص الدين التى هى الثبات وقدسية المبادئ.

فالتطورات الاجتماعية والاقتصادية وتطور ونمو المعارف أصبح حتميا، وهذا يفرض على الأديان أن تجاريها وتتطور معها ولكن هذا غالباً يصعب تحقيقه، فمن أسس الدين المبادئ الثابتة المقدسة وهذه توجب عدم تغيرها.

والأوضاع والظروف الاجتماعية ليست ثابتة فهى فى تغير وتطور مستمر بطيء أو سريع، وحدوث التغير فى الأوضاع تستدعى تغير فى الاستجابات والتصرفات. فلو لم يكن هناك تطور للمجتمع لكان الدين المعتمد بعد تبنيه من كافة أو أغلب الأفراد، سوف ينتظم مع خصائص هذا المجتمع خلال فترة زمنية، وتستقر الأمور وتصبح التناقضات والصراعات بين أفراده فى حدها الأدنى.

أن هذا يفرض على الأديان أن تتطور لتناسب الأوضاع الجديدة وتتكيف معها، وإلا سوف تسير نحو الانتهاء. وهناك الكثير من المفكرين الذين أدركوا ذلك ويسعون إلى تطوير دينهم، مثل نصر حامد أبو زيد وغيره بالنسبة للدين الإسلامي.

إننا الآن فى وضع تغيرات سريعة إن كانت مادية أو اجتماعية أو ثقافية، فنحن فى مرحلة تطور سريعة تساهم فى هز الأسس الثقافية والعقائدية الموروثة، والغالبية تسعى للمحافظة على الموجود، وهى تستطيع دوماً أن تجد المبررات له، ونحن نشاهد كيف يبرر المفكرون والعلماء إى وضع أو فكرة أو أى دين وبشتى الطرق. ولكن هل هذا التبرير دقيق؟

من أين يستمد الفكر الدينى قوته الأساسية؟

الدين، فى رأى الكثيرين، يستمد قوته من الأم ومن الأسرة وفى مرحلة الطفولة. فكما تورث الأم أطفالها لغتها تورثهم أفكارها وقيمها وبالتالى عقائدها، التى ورثتها عن أمها وأسرتها.

فكل إنسان ينطلق من دين وعقائد آبائه، وقلائل الذين يسعون الى تطويرها أو تغييرها.

لذلك نلاحظ هذا التمسك القوى من غالبية الناس بعقائدهم الموروثة من آبائهم، وهذا لأن هذا الموروث هو أول ما يسجل فى عقلهم، وهو يكون الأساس الذى سوف يبنى عليه.

وهذه الأفكار أو البنيات الفكرية أو الكائنات الفكرية التى تموضعت فى دماغهم أولاً، سوف تسعى للمحافظة على نفسها وتقويتها وانتقالها إلى الآخرين، فهى تسعى بكافة الطرق لتبرير وتقوية نفسها، وهذا نلاحظه بوضوح على كافة البشر. فالفكر الدينى أو العقائد الموروثة هى "الإعلام الأول" الذى يدخل إلى عقل الإنسان، لذلك هو الأقوى، وهذا تابع لخصائص وآليات عمل الدماغ أو العقل.

فمهما كان "الأعلام اللاحق" قوى يصعب عليه التغلب على الأفكار الموروثة، وفى الواقع هذه الأفكار والعقائد الموروثة هى التى تؤثر وتوجه هذا الإعلام، طبعاً ضمن حدود معينة.

لنأخذ اليهود ودولة إسرائيل مثلاً. إن اليهود يرثون أفكار دينية قديمة جداً وهى متواضعة الدقة بشكل كبير، ومع هذا يقومون بتبنيها والمحافظة عليها ويستخدمون فى ذلك أحدث الأفكار وكافة القدرات المادية وغير المادية، وهذا التناقض ظاهر بشكل جلي.

فالفكر الدينى أقوى بكثير مما يتصور الكثيرون. إن استجاباتنا وتصرفاتنا الموروثة اجتماعياً والتى هى نتيجة حياتنا الاجتماعية كثيرة جداً، فالمجتمع الذى نعيش فيه يبرمجنا فكرياً وعقائدياً ويبرمج غالبية تصرفاتنا.

إننا مقلدون ومحافظون فى أغلب تصرفاتنا واستجاباتنا ونادراً ما نغير ونجدد، وعندما نفعل ذلك تُقاوم تصرفاتنا من قبل غالبية أفراد المجتمع.

إن كل منا تبرمجه الحياة الاجتماعية حضارياً وثقافياً وعقائدياً، وعندما نتقدم بالعمر تصبح أكثر من 90 بالمئة من استجاباتنا محددة بالذى اكتسبناه من مجتمعنا.

فنحن إذا دققنا بتصرفات كبار السن نجد أنها ثابتة ومحددة، وهى تتكرر فى كافة الظروف المشابهة ونجد أنه يصعب تغييرها أو تعديلها، فانفعالاتنا بكافة أشكالها السارة أو المؤلمة أو الغاضبة، وكذلك أحكامنا وأهدافنا وغاياتنا وأفكارنا، تصبح محددة بشكل كبير، ونحن حتى بعد معرفتنا ذلك نواجه صعوبات كبيرة عند محاولتنا تغيير ما تمت برمجتنا عليه.

فالإنسان يرث خصائصه الفيزيولوجية والبيولوجية عن طريق الجينات من أسلافه، وهذه تحدد الكثير من خصائصه، وكذلك يرث من مجتمعه غالبية أنماط استجاباته وتصرفاته، فهو يرث لغته ودينه وثقافته... وما يرثه غالبا ما يكون متوافقا ومنسجما ومتكيفا مع الأوضاع والظروف المادية والاجتماعية والفكرية الموجود فيها. لذلك فان الموروث غالبا ما يكون هو الأفضل والمفيد والسعيد للفرد، والمفيد للمجتمع، هذا إذا لم تحدث تطورات كبيرة تؤدى إلى تغيير خصائص هذا المجتمع.

البعض وجد الدين متناقضا مع المعارف العلمية الدقيقة ومع التفكير المنطقي. وهناك عشرات الأدلة الواقعية والمنطقية والعلمية التى تؤكد أن الديانات نشأت فى مرحلة معينة من تطور الإنسان بعد أن كان يعيش حياة اجتماعية بلغت حداً معيناً من الثقافة.

مع ذلك، تقتضى الضرورة أن نميز بين >المفيد< و>الصحيح<، لأنه ليس ضروريا أن يكون الصحيح هو المفيد.

ولتوضيح ذلك نورد المثال التالي: إنسان مريض بمرض سوف يميته بعد بضعة أشهر.

أقرباؤه علموا بذلك. فهل يقولون له الوضع الصحيح لحالته أم لا. طبعا، لن يقولوا له الحقيقة، فالمهم بالنسبة لنا فى الدرجة الأولى هو الأحاسيس والمشاعر. فما هو تأثير معرفة الحقيقة بالنسبة لهذا المريض. إنه تأثير مؤلم، لذلك يفضل اعتماد الكذب أو إخفاء الحقيقة. وأغلبنا يقول "نريد العنب وليس قتل الناطور"، أى اننا نريد المفيد والمفرح السعيد لنا بالدرجة الأولى ثم المفيد والسعيد للآخرين، ثم المفيد للمجتمع ككل.

ونحن نعلم أن كل شيء وكل بنية موجودة مهما كانت طبيعتها وخصائصها، لا بد من وجود عناصر وقوى أدت لوجودها، وبما أن الأديان موجودة فلابد من وجود عناصر وعوامل وجودها.

أن الأفكار والعقائد والعادات.. يرثها الإنسان كما يرث لغته الأم، ومثلما يرث خصائصه البيولوجية من عائلته أولاً ثم من مجتمعه، فهى تنتقل إلى عقله وتتموضع فيه لأنها تلقن له فى بداية حياته.

فهناك صفات بيولوجية ونفسية وفكرية أيضا، تهيئ الفرد ليكون محافظا أو مجددا. فالمجدد يمكن أن يطور أو يغير الموروث الفكرى ضمن حدود معينة، بعكس المحافظ الذى يتبنى ما ورثه ويحافظ عليه.

ومن هذا المنظور نجد أن الديانات التى تدعم الإنسانية ككل، هى الأفضل، وبهذا تتشارك عدة أديان فى أفضليتها.

وغالبا ما تلصق بالدين تهمة انه مصدر التعصب والتطرف والعنف. فهل هذا صحيح؟

إن التعصب والتطرف والعنف هم نتيجة الانتماء القوى والمحافظة على المبادئ الأفكار والعادات المكتسبة والتشدد فى التمسك بها. فالمحافظ المتعصب لا يقبل برأى الآخر، ويسعى لفرض مبادئه وقيمه على الآخرين. وهذا الأمر لا يقتصر على الدين. كما اننا لا نجده فقط عند المتدينين فهو موجود فى عدة مجالات. ولقد كانت الشيوعية الستالينية تعصبا وتطرفا، كما كانت النازية هى الأخرى تعصبا وتطرفا.

فالمحافظة والتزمت ورفض التطور والتجديد، موجودة فى غالبية مناحى حياتنا، وكل هذا ليس حكراً على مجتمع أو مجموعة معينة أو على ديانة معينة، فهو مرتبط بطبيعة وخصائص الأفراد.

فالفرد المحافظ والمتشدد والمتطرف موجود فى المجال الدينى والمجال السياسى والمجال العلمى والمجال الفني. وكذلك موجود الفرد المرن والمتسامح والمجدد والمتطور.

والتعصب والتطرف هما صنوان للأنانية والفردية والعنصرية المحدودة الأفق والانتماءات القوية، أن كانت مادية أو فكرية.

الى ذلك فان المحافظة والتعصب خاصيتان بشريتان، لا تحدهما حدود معينة، وليستا مرتبطين بالأديان فقط، وهما ليستا غريبتين جداً على الطبيعة البشرية. وكل إنسان هو محافظ فى بعض الأمور ومجدد فى بعضها الآخر، وتختلف نسبة المحافظة أو التجديد من إنسان لآخر. وكذلك تزداد أو تنقص المحافظة أو التجديد حسب الأوضاع التى يمر بها الفرد أو التى يمر بها المجتمع.

ويجب أن ننتبه إلى أن المحافظة أو التجديد يمكن أن يكون كل منها مفيد ومناسب أو ضار وغير مناسب وذلك حسب الأوضاع والظروف. أما علاقة المحافظة والتجديد بالصحيح وغير الصحيح فهى بشكل عام ليست حتمية فى أن يكون الجديد هو الصحيح.

وهناك تأثير متبادل بين التطرف والأنانية والعنصرية من جهة، وبين اللاتطرف أو الجماعية أو العمل فى سبيل الآخرين أو المجموع من جهة أخرى أى الانتماء.

ونتيجة هذا التأثير المتبادل بين التطرف واللا تطرف "فى رأيي" سوف تنتهى إلى توحيد البشرية كلها نتيجة توسع الانتماء المستمر لينتهى فى انتماء واحد: العالمية.

03-31-2007, 09:39 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
هكذا يبرمج المجتمع مفاهيمنا وعقائدنا - بواسطة نبيل حاجي نائف - 03-31-2007, 09:39 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الله هو المجتمع Egyptian Humanist 0 662 04-27-2010, 10:17 AM
آخر رد: Egyptian Humanist
  ما سبب تدين المجتمع الامريكي مقارنة بالمجتمعات الغربية الاخري؟ السلام الروحي 16 3,162 09-14-2007, 02:39 AM
آخر رد: السلام الروحي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS