لزوم السّترة
مشعل السديري


ظهر في المدة الأخيرة اكتشاف «مؤكد»، سوف يقلب الدنيا عاليها على سافلها، وأنا في كلامي هذا لا أريد أن ارهب أحداً، لأنني لو حاولت أن ارهب أحداً، لأرهبت نفسي قبل أي إنسان آخر، رغم أنني أول ما ولدت من بطن أمي، وأنا مفجوع واستمررت طوال حياتي غير النابضة بالحياة «الزينة الشينة» كذلك، وسوف أمضي قدما إلى ما شاء الله كذلك، أعزف على «الغيتار».
أقول: إن ذلك الاكتشاف اكتشفه كالعادة أهل «الكفر والضلال» ـ العياذ بالله منهم ـ إن هؤلاء «المهابيل» أرادوا أن يعرفوا ملامح «المومياءات» الفرعونيات، دون أن يعرضوا جثثهن للتلف، فيما لو كشفوا عن توابيتهن أو أربطتهن الملفوفة بالكتان، فسلط هؤلاء الكفرة الفجرة عقولهم الزنخة، «وكاميراتهم» المتطورة الآثمة، واستطاعوا والعياذ بالله، أن يخترقوا حجب «الخشب والألبسة»، ما ظهر منها وما بطن، ومن ثم استطاعوا أن يشاهدوا جسد المومياء، التي ماتت قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة، مخترقين كل السواتر والحجب ـ عني كأنها خارجة مبلولة للتوّ من الحمّام.
البياخة في الموضوع أو بمعنى أكثر صراحة الكارثة في الموضوع، أن هناك مؤسسات أو شركات تهافتت على ذلك الاختراع، الله لا يبارك فيه، ودفعت الملايين لكي تحصل على امتلاكه وترويجه ومن ثم تسويقه استهلاكيا وشعبيا، والمؤسف أنها سوف تحصل عليه بالتأكيد خلال سنوات هي اقل من عدد الأصابع.
[SIZE=5]عندها، فقط يستطيع أي إنسان «جربان»، أن يلبس بكل بساطة نظارة، ويشاهد ما لا عين رأت مما يسره أو يشقيه أو يقرفه.. ولن يستطيع أي لابس ثوب أو بنطلون أو مشلح أو «فنيلة علاقي» أو سروال سِنة، أن يستر نفسه ولا يستطيع أي وقور أن يحمي وقاره إلا إذا لزم بيته على شرط أن «يستخبى جوا الدولاب» ولا تشاهده إلا «ست البيت»، ولا تستطيع أية امرأة ـ وهنا مربط الفرس ـ مهما لبست من «الجلاليب والبراقع والقفازات» أن تذهب إلى السوق لكي «تفاصل»، أي بائع يلبس نظارة، ولا يستطيع أي صاحب عاهة داخلية مخجلة، أن يخاطر بعرضها على الملأ رغم انفه.. ولا شك أن المساجد سوف تمنع كل مصل من أن يلبس نظارة.. والمشكلة تكون اكبر لو أن المسألة تطورت ووصلت إلى عدسات العيون.
هناك احتمال بسيط، أن تصاب أسواق العالم بأسره بالكساد في أول ثلاثة اشهر، ثم بعد ذلك سوف تدب الحركة في الأسواق رويداً رويداً، أي إلى أن يختلط الحابل بالنابل من كثرة الزحام، وكل إنسان سوف يقول بينه وبين نفسه: «وأنا مالي»..! أو بمعنى آخر «طز»، إذا كنت أنا «الغريق»، فلماذا أخاف من البلل؟!، وسوف أشاهد ما أشاهد، ولن أغمض عيني، فعيني بعد شهر أو شهرين سوف تعتاد على ذلك، وكأنها تشاهد «خشبا مسنّدة» متحركة.. فالذهب وهو الذهب، إذا كان ككثرة التراب يتحول في آخر الأمر بقدرة قادر، إلى قيمة التراب نفسه.
أتمنى، أتمنى من غير «أعماق فؤادي»: أن يميتني الله قبل أن أشاهد ذلك الاختراع الأثيم، لأنني من الآن بدأت ألف نفسي «بفوطة» من البلاستيك الشفاف، وذلك لزوم «السترة».