مصادر ديبلوماسية ترى في خطاب نصرالله إحراجاً لبرّي
تساءلت «لماذا وافق على الانتخابات النيابية وهو يعلم ان الأميركيين يطلبونها؟» ...
«14 آذار» تعتبر انه قرر الخروج نهائياً على الدولة

بيروت - محمد شقير
سألت مصادر ديبلوماسية عربية وأوروبية عما اذا كان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله مضطراً للذهاب بعيداً في رفع سقف خطابه السياسي، موحياً بأن كل شيء في لبنان سيبقى معلقاً الى حين إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بعد تعذر انجازها في وقت مبكر. فيما اعتبرت اوساط قيادية في الأكثرية انه قرر الخروج نهائياً عن هذه الدولة التي تشكل مساحة مشتركة لكل اللبنانيين خصوصاً انه طرح جميع المشكلات العالقة من وجهة نظره من دون ان يعرض تصوره للحلول.

ورأت المصادر الديبلوماسية نفسها في خطاب السيد نصر الله انه كان في غنى عن تقييد نفسه بأطروحات تتجاوز الحال السياسية الراهنة، الى ما سيكون عليه الوضع في المديين المتوسط والبعيد في ظل نعيه الحوار بعدما وصل بحسب قوله الى حائط مسدود.

وأضافت ان السيد نصر الله، من خلال أطروحاته، أقفل الباب في وجه معاودة الحوار، وقرر ان يقيد نفسه بالنيابة عن المعارضة بمواقف شبيهة بتلك التي اتخذتها الأكثرية وكأنه يدعو كل فريق الى البقاء في غرفة مقفلة من دون نوافذ.

ولفتت المصادر عينها الى ان بعض ما ورد من مواقف على لسان السيد نصر الله شكل إحراجاً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري على رغم ان الأخير بدأ يفقد الأمل من إمكان الوصول بالحوار الداخلي الى نتائج ملموسة من دون تدخل المملكة العربية السعودية، لكنه لم يدع لليأس لأنه لا يزال يراهن على ان لا مستحيلات في السياسة وأن مداخلات عربية ودولية يمكن ان تحصل في الوقت المناسب لتعيد الاعتبار للحوار، فيما السيد نصر الله اكد رفضه للصيغة الحكومية من 11 وزيراً للمعارضة في مقابل 19 وزيراً للأكثرية.

وتابعت ان استفاضة السيد نصر الله في الحديث عن المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تسببت بإحراج للرئيس بري شخصياً وأنه كان من المستحسن أن يربط الإفراج عن ملاحظاته على المحكمة بتشكيل حكومة وحدة وطنية بدلاً من ان يستفيض في التفاصيل.

وأشارت المصادر نفسها إلى أنها لم تعرف الأسباب التي دفعت بالسيد نصر الله وللمرة الأولى منذ توقيف الضباط اللبنانيين الأربعة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، الى المطالبة بإخلاء سبيلهم بعدما أدرجهم على لائحة المعتقلين السياسيين بينما يحرص الرئيس بري على عدم تناول هذا الموضوع بالذات نظراً الى حساسيته ودقته.

بدورها قالت الأوساط القيادية في الأكثرية لـ «الحياة» ان من اولى ملاحظاتها على ما ورد في خطاب السيد نصر الله، هو انه كان وعد جماهير المعارضة عندما بدأت اعتصامها في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الماضي في الوسط التجاري لبيروت بأن الانتصار آت وقريب جداً، بينما أطل عليها بالأمس طالباً تمديد الاعتصام والانتظار في ظل تعذر الحلول الى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري لتأتي نتائجها بمثابة خطوة اولى على طريق اعادة انتاج السلطة.

وأضافت ان السيد نصر الله كرر في خطابه رفضه تسليم الملاحظات على المحكمة الدولية الى اية جهة محلية أو خارجية باستثناء حكومة الوحدة الوطنية التي يطالب بتشكيلها، لكنه في الوقت نفسه ابدى مجموعة من الملاحظات على هذه المحكمة عندما اعتبرها قائمة وأن لا سابقة لنظامها في تاريخ المحاكم في العالم وأن قراراتها صادرة ومنتهية وأن إعلان نظام المحكمة هو لتظهير هذه القرارات.

وتابعت ان مطالبته بإخلاء سبيل الضباط الأربعة الموقوفين، تأتي «من وجهة نظرنا» في سياق إبداء الملاحظات على المحكمة حتى ولو جاءت من باب الاحتجاج على استمرار توقيفهم من دون محاكمتهم «وهو يعرف ان الإبقاء عليهم موقوفين هو لمصلحة التحقيق الدولي».

واعتبرت الأوساط نفهسا ان السيد نصر الله تحدث عن توقيف الضباط الأربعة ليوحي بأن ظلماً لحق بهم، وقالت: «نحن لا نعترض على موقفه منهم، لكن أليس من الظلم ان لا تشكل المحكمة الدولية بعد مرور عامين وشهرين على اغتيال الرئيس الحريري؟ وكيف يمكن جلاء الحقيقة في هذه الجريمة في ظل استمرار تأخر ولادة المحكمة الدولية؟».

وقالت: «السيد نصر الله يرفض باستمرار تسييس المحكمة، ويريد وضع ضوابط لعملها، ونحن لا نختلف معه على هذا الصعيد، لكن حديثه عن توقعه بأنه عندما تشكل المحكمة وفق النظام المعمول به سيكثر عدد المعتقلين السياسيين في سجونها وكل ذلك تحت لافتة دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري... ألا يشكل تسييساً للمحكمة انطلاقاً من الحكم على النيات استباقاً لصدور الأحكام؟».

وأضافت ان السيد نصر الله اكد رفضه الانجرار الى الاقتتال الداخلي وإصراره على منع الفتنة، «لكن ما هي الضمانات لترجمة اقواله الى افعال؟».

وقالت: «نحن لا نقول هذا بالكلام من زاوية توجيه التهمة الى «حزب الله» وإنما على خلفية ان تثبيت الاستقرار السياسي العام يبقى صمام الأمان لتنفيس الاحتقان الداخلي واستيعاب كل اشكال التوتر، لكن ما الضمانة لمنع الفوضى في ظل دفع اللبنانيين الى اليأس من الوصول الى حل للأزمة الراهنة؟».

وتابعت: «السيد نصر الله ضد الفتنة وهو صادق في كلامه، لكن الأمن لا يحمى إلا بقرار سياسي لمنع اية ارتدادات سلبية على الوضع الداخلي، والمقصود بذلك الوصول الى توافق داخلي يضع حداً لاستمرار استنزاف القوى الأمنية من جيش لبناني وقوى أمن داخلي».

كما ان اصراره، كما تقول الأوساط، على تخوين الأكثرية وربط مشاريعها بالخارج «ألا يشكل حالة دائمة من التوتر السياسي طالما ان جميع المحرمات في الخطاب السياسي لهذا الفريق او ذاك قد سقطت أو أُسقطت».

وأضافت: «كنا نأخذ على المعارضة او بعض القوى الأساسية فيها انها من خلال مطالبتها بـ 11 وزيراً، تحاول ان تتصرف وكأن المشكلة في لبنان هي بالأرقام بينما نقول ان لا قيمة لأي تفاهم يقوم على نظام المحاصصة لحكومة الوحدة الوطنية ما لم يكن مقروناً بالاتفاق على البرنامج السياسي، وها هو يتفق مع وجهة نظرنا من الموقع المعترض عندما أكد رفضه لهذه الصيغة وحدد العناوين الرئيسة لبرنامجه السياسي الذي سيتأخر تطبيقه الى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري».

واعتبرت «ان السيد نصر الله في خطابه، أوحى بأنه القادر وحده على وضع جدول أعمال للمرحلة المقبلة متجاوزاً طرح أي حلول ولو بحدودها الدنيا لتأمين شكل من اشكال المساكنة الإيجابية بين الأكثرية والمعارضة، حتى لو اقتصرت على ابتداع الوسائل لتدبير شؤون اللبنانيين وهمومهم اليومية».

ناهيك بأن السيد نصر الله ربط مصير الوضع في لبنان بالتطورات في المنطقة مع انه لم يشر بصراحة الى هذه النقطة، لكن استحضاره الوضع المتوتر بين ايران والولايات المتحدة الأميركية على قاعدة اتهامه الأكثرية بأنها كانت تراهن على بدء الضربة الأميركية لطهران في 6 نيسان (ابريل) الماضي، «يتيح لنا الاجتهاد بأن كل شيء في لبنان يراد له ان يبقى معلقاً على مصير ما يدور في المنطقة من تطورات ومستجدات سواء حصلت المواجهة او استبعدت كلياً من خلال الدخول في تفاهم بين واشنطن وطهران برعاية أوروبية».

كما ان السيد نصر الله لم يلزم نفسه بتمرير استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية في موعده الدستوري وإنما ذهب بعيداً في إقحام الحزب في مواجهة سياسية مع مجلس المطارنة الموارنة عندما اكد ان رئيس الجمهورية اميل لحود باق حتى آخر يوم في ولايته، ما يعتبر مخالفاً لما تردد من ان البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير بعث برسالة الى الأخير يتمنى عليه فيها التنحي إفساحاً في المجال امام استعادة موقع الرئاسة الأولى.

وتوقعت الأوساط في الأكثرية ان تكون لمواقف السيد نصر الله تداعيات في الشارع المسيحي لن يوقفها الحضور الفاعل لحليفه العماد ميشال عون فيها، وقالت انها ستأتي في سياق الشعور العام الذي اخذ يتنامى في هذا الشارع، وعنوانه اذا كان محظوراً المس برئاستي المجلس النيابي والحكومة فلماذا يسمح لفريق أو فرقاء من طائفة معينة بتعطيل استعادة مكانة رئاسة الجمهورية وموقعها في الحياة السياسية اللبنانية؟.

وبكلام آخر، تعتقد هذه الأوساط بأن الكنيسة المارونية تصر على استرداد موقع الرئاسة وتنظر الى استحقاقه كمحطة فاصلة تعيد للموارنة دورهم الى جانب الطوائف اللبنانية الأخرى في اعادة انتاج الحياة السياسية، كما انها تسأل السيد نصر الله: «لماذا وافقت على موعد اجراء الانتخابات النيابية الأخيرة مع معرفتك بأنها مطلوبة من الإدارة الأميركية؟ وذلك بحسب ما قيل لك في المفاوضات التي أدت الى قيام الحلف الرباعي الانتخابي.

وفي الختام لا بد من الإشارة كما تقول المصادر الديبلوماسية، الى ان ارتفاع منسوب التوتر السياسي الذي ينذر بمزيد من التأزيم يعود اولاً وأخيراً الى انعدام الثقة بين الأكثرية والمعارضة التي ستضغط ما لم يصر الى تعويم الحوار باتجاه الوصول بالبلد الى شلل دائم تتفاعل آثاره السلبية على المستويات كافة، ولن توقفه رغبة هذا الطرف او ذاك بمحاصرة من يحاول اللعب بأمن البلد، وخصوصاً ان الأزمة ستستمر لعامين ولن تنتهي في إجراء الانتخابات النيابية في ظل سقوط منطق التوافق.

عن ايلاف /
و الحياة اللندنية
.
:Asmurf:

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	هل بدأ العد التنازلي لتفتيت العراق ؟ : انزال علم العراق باقليم كردستان	ابن نجد	222	49,255	10-14-2007, 02:11 AM آخر رد: ابن نجد
	العد التنازلي	AhmedTarek	1	429	09-27-2007, 10:12 AM آخر رد: AhmedTarek
	اسطورة البرفسور "الاسرائيلي" الذي ضحي بحياته من اجل طلابه الامريكان	طنطاوي	4	890	04-28-2007, 09:43 PM آخر رد: فرناس
	اسطورة المظلومية الشيعية - محمد البغدادي	النجم اللامع	5	1,305	01-08-2007, 08:37 PM آخر رد: journalist
	هل بدأ العد التنازلي لانهزام الغازي بالعراق ؟؟؟؟	نسمه عطرة	2	497	11-30-2005, 02:01 PM آخر رد: طريف سردست