نصرالله قطع الطريق على الحوار الداخلي ليصبح الحلّ في يد سوريا
ما هو الثمن الذي يطلبه الأسد لتسوية في لبنان؟

"قطعت جهينة قول كل خطيب" هذا هو تعليق بعض المراقبين السياسيين على المواقف التصعيدية للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فهو لم يعد قابلا بمحكمة ولا بحكومة بل يطالب بانتخابات نيابية مبكرة يعرف انه يصعب اجراؤها خلال الفترة الباقية من ولاية الرئيس لحود واقتراب موعد اجراء انتخابات رئاسية وفي غياب قانون جديد للانتخابات، وفي ظل اكثرية نيابية ترفض حل نفسها وتقصير ولايتها. وهذا معناه ان "حزب الله" يسعى الى الحكم من خلال وضع لبنان بين خيارين: اما القبول بشروطه، واما الفوضى والفراغ...
يقول ديبلوماسي لبناني سابق انه لم يعد يرى بعد هذه المواقف المتشددة، اي جدوى من حوار لبناني – لبناني من اجل التوصل الى حل الازمة السياسية لان مفتاح الحل هو في دمشق، حتى انه لو صار التسليم جدلا بان الحوار قد يستأنف وينتهي الى اتفاق بين الزعماء اللبنانيين فانه يتعذر تنفيذه اذا كانت سوريا غير قابلة به، بدليل ان قرارات مؤتمر الحوار الوطني التي اتخذت بالاجماع ظلت حبرا على ورق لان سوريا رفضت استجابة طلب تنفيذها.
ويضيف ان المشكلة القائمة بين لبنان وسوريا هي مشكلة انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي وسوريا تخشى ان يؤدي انشاؤها الى زعزعة النظام فيها. لذا فهي تهدد بزعزعة الاستقرار في لبنان اذا مضى لبنان قدما في انشاء هذه المحكمة، والدليل على ذلك انها طلبت من كل مسؤول عربي او اجنبي زارها صرف النظر عن انشاء المحكمة كي يسهل حل الازمة السياسية في لبنان، كما انها طلبت من حلفائها في لبنان عرقلة انشائها بشتى الوسائل، بدءا باستقالة الوزراء الشيعة، لشل عمل الحكومة مرورا بشل عمل مجلس النواب وانتهاء ربما باستقالة نواب المعارضة كما يهددون توصلا الى شل عمل كل المؤسسات، وتعريض البلاد لفراغ حكومي وفراغ رئاسي ونشر الفوضى.
وهكذا تضع سوريا لبنان بواسطة حلفائها بين خيارين: اما صرف النظر عن انشاء المحكمة كشرط لجعل لبنان ينعم بالهدوء، واما الاصرار على انشائها فيكون ردها على ذلك زعزعة الاستقرار فيه، واحتمال قيام حكومتين ورئيسين. اذاً فلا حل للازمة السياسية المتفاقمة في لبنان، الا بحوار مع سوريا تجريه اي دولة لها تأثير عليها ويكون لها مصلحة او رغبة صادقة في ذلك سواء كانت السعودية او مصر او ايران او روسيا او تركيا. فكما كان للبنان مشكلة مع سوريا تتمثل بوجودها العسكري فيه، وقد تم التوصل الى حل له في لقاءات الطائف بمسعى عربي وتحديدا سعودي، ومسعى دولي وتحديدا اميركي، فان المشكلة القائمة حاليا بين لبنان وسوريا هي مشكلة انشاء المحكمة ولا بد من مسعى عربي او اقليمي او دولي من اجل التوصل الى حل لها.
ويذكر من شاركوا في لقاءات الطائف ان الرئيس حافظ الاسد كتب بخط يده العبارة المتعلقة بوجود القوات السورية في لبنان، ونصها: "تقوم القوات السورية مشكورة بمساعدة قوات الشرعية اللبنانية لبسط سلطة الدولة اللبنانية في فترة زمنية محددة اقصاها سنتان تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني واقرار الاصلاحات السياسية بصورة دستورية، وفي نهاية هذه الفترة، تقرر الحكومتان، الحكومة السورية وحكومة الوفاق الوطني اللبنانية اعادة تمركز القوات السورية في منطقة البقاع ومدخل البقاع الغربي في ضهر البيدر حتى خط حمانا – المديرج – عين داره، واذا دعت الضرورة في نقاط اخرى يتم تحديدها بواسطة لجنة عسكرية لبنانية – سورية مشتركة. كما يتم الاتفاق بين الحكومتين بحيث يجري بموجبه تحديد حجم وجود القوات السورية ومدته في المناطق المذكورة اعلاه وتحديد علاقة هذه القوات مع سلطات الدولة اللبنانية في اماكن وجودها، واللجنة الثلاثية العربية العليا مستعدة لمساعدة الدولتين في الوصول الى هذا الاتفاق اذا رغبتا في ذلك".
وعندما زار الاخضر الابرهيمي المكلف تأمين حضور النواب لقاءات الطائف العميد ريمون اده في باريس حيث كان يقيم قال له العميد انه لن يشارك في هذه اللقاءات الا اذا طرحت على البحث ملاحظاته على مشروع الاتفاق وهي الآتية:
اولا: ابدال عبارة "اعادة تمركز القوات السورية في منطقة البقاع" بعبارة "انسحاب القوات" لان اعادة التمركز تعني البقاء الى اجل غير معروف.
ثانيا: ابدال عبارة "حكومة الوفاق الوطني اللبنانية" بعبارة: "الحكومة اللبنانية" لئلا تتذرع سوريا بالقول ان الحكومة غير وفاقية اذا لم يكن يتمثل فيها على سبيل المثال حزب البعث او الحزب السوري القومي الاجتماعي فلا يحق لها عندئذ اتخاذ قرار حول وجود القوات السورية في لبنان.
ثالثا: لا حاجة الى اعادة نشر القوات السورية في نقاط اخرى غير تلك المحددة في الاتفاق لئلا يفقد ذلك معنى الانسحاب الى منطقة البقاع تمهيدا للانسحاب الكامل من لبنان.
لكن الاخضر الابرهيمي قال له ان كل بند من بنود الاتفاق قابل للتعديل ما عدا هذه البنود المكتوبة بيد الرئيس الاسد، عندها اجابه اده بانه غير مستعد لحضور لقاءات ممنوع عليه فيها تعديل ما يرى وجوب تعديله في مشروع الاتفاق.
وقد صح ما توقعه العميد ريمون اده، فلم تتمركز القوات السورية في منطقة البقاع خلال الفترة الزمنية المحددة بسنتين، بل ظلت سنوات في لبنان بعد اقرار اتفاق الطائف، واصبحت اللجنة الثلاثية العربية العليا للمساعدة على تطبيق الاتفاق في خبر كان. ولم تعد سوريا في حاجة الى تشكيل حكومة وفاق وطني تتخذ قرارات باعادة تمركز القوات السورية في منطقة البقاع، بعدما اصبح الحكم كله في لبنان خاضعا للوصاية السورية وصارت الحكومات اللبنانية تدعو في بياناتها الوزارية الى بقاء القوات السورية لان لبنان لا يزال في "حاجة ماسة اليها" او ان بقاء هذه القوات هو بقاء "شرعي وضروري وموقت"...
ويختم الديبلوماسي نفسه بالقول ان مشكلة انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي هي اهم من مشكلة وجود القوات السورية في لبنان، لان هذا الوجود اذا كان يضمن الامن فيه كونه من امن سوريا، فان انشاء المحكمة قد يهدد الامن في لبنان كما قد يهدد النظام في سوريا اذا ما تم انشاؤها خصوصا بموجب الفصل السابع. وما لم يتم التوصل الى حل لهذه المشكلة، كما تم التوصل الى تسوية مشكلة الوجود العسكري السوري في لبنان بموجب اتفاق الطائف، وعندما لم ينفذ هذا الاتفاق لجهة هذا الوجود صدر القرار 1559 عن مجلس الامن وارغم القوات السورية على الانسحاب انسحابا كاملا من لبنان.
الى ذلك، فان على سوريا وحلفائها في رأي بعض المراقبين ان يختاروا بين كحل انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في اطار الاجراءات الدستورية اللبنانية، وعمى انشائها بموجب الفصل السابع، وليس لهؤلاء الحلفاء وحدهم ان يقرروا بل على سوريا ان تقرر ما عليها ان تفعله بعدما اصبح الحوار معها هو المجدي وذلك كما حصل بالنسبة الى وجودها العسكري في لبنان. فلقاءات الطائف لم تعقد الا بعدما سبقتها محادثات ولقاءات مع القادة السوريين انتهت بوضع مشروع "وثيقة الوفاق الوطني" وبعد ان اشترط هؤلاء عدم تعديل اي بند من البنود المتعلقة بالوجود العسكري السوري في لبنان. ولا حوار ايضا يمكن ان يكون مجديا سواء في لبنان او في السعودية او في اي مكان آخر، ما لم توافق سوريا على الاسس التي تقوم عليها المحكمة، ومعرفة الثمن السياسي الذي تطلبه ومن هي الجهة المستعدة لدفعه. فنجاح لقاء مكة بين حركة "فتح" و"حماس" كان لسوريا مساهمة فيه من خلال جعل خالد مشعل يحضر هذا اللقاء. وما لم يتم الاتفاق مع سوريا على اسس اجراء حوار معها للبحث عن حل للازمة السياسية المتفاقمة في لبنان، فان عقدة انشاء المحكمة لن تحل، وهي المدخل لحل المشكلات الاخرى. فهل ثمة جهة عربية او اقليمية او دولية قادرة على اجراء هذا الحوار والتأثير على سوريا، وما هو الثمن الذي يطلبه النظام السوري، اهو استعادة الجولان، ام استعادة نفوذها السياسي في لبنان؟

اميل خوري/ النهار

:Asmurf:

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	هل بدأ العد التنازلي لتفتيت العراق ؟ : انزال علم العراق باقليم كردستان	ابن نجد	222	49,255	10-14-2007, 02:11 AM آخر رد: ابن نجد
	العد التنازلي	AhmedTarek	1	429	09-27-2007, 10:12 AM آخر رد: AhmedTarek
	اسطورة البرفسور "الاسرائيلي" الذي ضحي بحياته من اجل طلابه الامريكان	طنطاوي	4	890	04-28-2007, 09:43 PM آخر رد: فرناس
	اسطورة المظلومية الشيعية - محمد البغدادي	النجم اللامع	5	1,306	01-08-2007, 08:37 PM آخر رد: journalist
	هل بدأ العد التنازلي لانهزام الغازي بالعراق ؟؟؟؟	نسمه عطرة	2	497	11-30-2005, 02:01 PM آخر رد: طريف سردست