في الحقيقة .. أعتقد أنّ الدين "المسيحي بشكل خاص" في حقبة تاريخيّة ما .. أرى أنّها بدأت تسطع في أوروبا .. لن يستمرّ بالاهتمام بإثبات وجود الله من عدمه .. ولا التعنّت بصحّة النصوص الدينيّة من عدمها .. الدين يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى شكل من التفريغ الروحي .. عبارة عن علاقة بمجال ما .. لا يهمّ حقيقة هذا المجال وتركيبته الكيميائيّة .. ومساره في حال "قذفناه" شاقولياً ..

الكنيسة أمست عبارة عن وسيلة للتفريغ النفسي .. لإشباع المرء بالراحة والاطمئنان .. وإن سألت من خرج لتوّه من "الكنيسة" عن إيمانه بحياة آخره .. سيجيبك "أظنّها موجودة" .. "يُفترض أن تكون موجودة" .. وإن صرح بوجهك "بل هي موجودة حتماً" .. فلأنّه يرتاح بهذا الخيار .. ويشبعه نفسياً .. وسيتمسّك به للرمق الأخير إن كان الله هو "الرب" أو "يهوة" أو "الله" .. أو "إلهاً لا نعرف اسمه" .. إلخ .. إلخ .. لكنّه في الحقيقة لا يتمسّك بتبعات هذا الخيار .. لا في حياته اليوميّة .. ولا في أولويّاته .. فالدين أمسى روحياً .. ولم يعد "سلوكياً" جامداً .. هو أمسى -أو سيمسي- كأي نظريّة فلسفيّة يرتاح معتنقها بها .. لكنّها لا تختزل النظرة إلى الحياة من خلالها .. وإن مات الله .. فسينفخون الروح به من جديد .. ليس أسهل من ذلك .. والكنيسة قد تمسّكت "بقشّة" أمام الصدمات التي واجهتها عبر التاريخ .. ورغم "هشاشة القشّة" .. يتمسّك بها مليارات البشر .. فهم بدونها يموتون .. واللاهوت المسيحي يستطيع الاستمرار .. حتّى بدون إلهه ..


سمعنا عن اعتراف كنائس في أمريكا بنظريّة التطوّر .. وقرأنا عن النقد والتفنيد للتاريخ المسيحي .. والذي قام به رجال دين في بعض الأحيان .. ورأينا كيف يعيش المسيحيّون -في أوروبا- يومهم لا يعرفون من المسيحيّة إلا صليبها .. ومن ثمّ ينهمرون في عيد "الفصح" نحو الكنيسة ..

هذه نظرتي الخاصّة .. لم تعد الحرب في أوروبا -على الصعيد الشعبي أتكلّم- بين أناس ينادون بوجود الله من عدمه .. بل بين فسطاط :10: يلبّي له الله حاجات نفسيّة ما .. وفسطاط تأثّر بالثورة الماديّة ومنجزاتها فحوّلها لإله .. ويرى في البعد عن خزعبلات التاريخ "موضوعيّة" ما ..

خوليو