عمر أبو رصاع
عضو متقدم
المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
|
الحجاب ليس فريضة الحجاب رمز تكفيري سياسي
المادة الأولى: الحجب في القرآن.
سنبدأ بدراسة هذه المسألة بالرجوع إلى المواد التي يستند إليها في نشر هذا الأمر الذي يسمى الحجاب ، وسوف نخضع هذه المواد لثلاثة مناهج تباعا منهج السلف في كتب التفسير وما صاحبه وحكمه ، ومنهج تحليل مساق اللفظ القرآني والمعاني الناجمة عنه ، ومنهج الإسقاط العلمي والثقافي المعاصر على الأحكام الناجمة عن القراءة التقليدية.
نبدأ مع مادة دليل الحجب في القرآن.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا } (1)
يقول الطبري في تفسيره لها:
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : وَإِذَا سَأَلْتُمْ أَزْوَاجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ اللَّوَاتِي لَسْنَ لَكُمْ بِأَزْوَاجٍ مَتَاعًا { فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } يَقُول : مِنْ وَرَاء سِتْر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ , وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِنَّ بُيُوتَهُنَّ { ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سُؤَالكُمْ إِيَّاهُنَّ الْمَتَاع إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ذَلِكَ مِنْ وَرَاء حِجَاب أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ مِنْ عَوَارِض الْعَيْن فِيهَا الَّتِي تَعْرِض فِي صُدُور الرِّجَال مِنْ أَمْر النِّسَاء , وَفِي صُدُور النِّسَاء مِنْ أَمْر الرِّجَال , وَأَحْرَى مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِنَّ سَبِيل . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ سَبَبَ أَمْر اللَّه النِّسَاءَ بِالْحِجَابِ , إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْل أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُل مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَة مَعَهُمَا , فَأَصَابَتْ يَدهَا يَدَ الرَّجُل , فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21836 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطْعَم وَمَعَهُ بَعْض أَصْحَابه , فَأَصَابَتْ يَد رَجُل مِنْهُمْ يَدَ عَائِشَةَ , فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب . وَقِيلَ : نَزَلَتْ مِنْ أَجْل مَسْأَلَة عُمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21837 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا حُمَيْد الطَّوِيل , عَنْ أَنَس , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَلَوْ أَمَرْتهنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب. * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا حُمَيْد , عَنْ أَنَس , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . 21838 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثني عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى " الْمَنَاصِع " وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح , وَكَانَ عُمَر يَقُول : يَا رَسُولَ اللَّه , احْجُبْ نِسَاءَك , فَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل , فَخَرَجَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ , زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتْ امْرَأَة طَوِيلَة , فَنَادَاهَا عُمَر بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى : قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَة , حِرْصًا أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَاب , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه الْحِجَاب . 21839 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن نُمَيْر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : خَرَجَتْ سَوْدَة لِحَاجَتِهَا بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَاب , وَكَانَتْ امْرَأَة تَفْرَع النِّسَاءَ طُولًا , فَأَبْصَرَهَا عُمَر , فَنَادَاهَا : يَا سَوْدَة , إِنَّك وَاللَّه مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا , فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ , أَوْ كَيْفَ تَصْنَعِينَ ؟ فَانْكَفَأَتْ فَرَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى , فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا كَانَ , وَمَا قَالَ لَهَا , وَإِنَّ فِي يَده لَعَرْقًا , فَأُوحِيَ إِلَيْهِ , ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ , وَإِنَّ الْعَرْق لَفِي يَده , فَقَالَ : " لَقَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ " . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا هَمَّام , قَالَ : ثنا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : أَمَرَ عُمَر نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَابِ فَقَالَتْ زَيْنَب : يَا ابْن الْخَطَّاب , إِنَّك لَتَغَار عَلَيْنَا وَالْوَحْي يَنْزِل فِي بُيُوتنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب } . * حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوب النَّهْرَانِيّ سُلَيْمَان بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن عَبْد رَبّه , قَالَ : ثني ابْن حَرْب , عَنْ الزُّبَيْدِيّ , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى " الْمَنَاصِع " وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح ; وَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْجُبْ نِسَاءَك , فَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل , فَخَرَجَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة مِنْ اللَّيَالِي عِشَاء , وَكَانَتْ امْرَأَة طَوِيلَة , فَنَادَاهَا عُمَر بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى : قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَة , حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَاب , قَالَتْ عَائِشَة : فَأَنْزَلَ اللَّه الْحِجَابَ , قَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا } . . . الْآيَةَ. (2)
وبغض النظر عن تأويلات الطبري للآية ، ما يهمنا مسألتين هما:
الأولى: أن الآية فيها حكم خاص بنساء النبي ، وليس حكما عاما ، نزلت في نسائه ، وزوجاته أمهات المؤمنين لا ينطبق عليهن ما ينطبق على باقي النساء فهن لا يرثن ولا يتزوجن بعده ....الخ.
ويؤكد هذا أن الحجاب هو الساتر الذي أمر بضربه بين نساء النبي والرجال حكم خاص بزوجات النبي وحدهن، فلا يمتد إلي ما ملكت يمينه من الجواري ولا إلي بناته، ولا إلي باقي المؤمنات. والدليل علي ذلك رواية عن أنس بن مالك أن النبي :
أقام بين خيبر والمدينة ثلاثاً يبني عليه بصفية بنت حيي فقال المؤمنون إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه . فلما ارتحل وطأ
لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس. (3)
الثانية : أن الحجب هنا بمعنى الإخفاء أن لا تعرف زوجه ، ولهذا قال عمر قد عرفناك يا سودة كما جاء في نص الطبري وغيره. (*)
لو تركنا الطبري ورواياته وأسباب النزول التي يسردها وما تدل عليه من أن الحكم نزل خاصا بزوجات النبي وليس بحكم عام وحاولنا أن نبحث عن كلمة حجب ومشتقاتها في القرآن فإننا نجد أنها وردت 8 مرات وذلك تباعا حسب الترتيب القرآني على النحو التالي:
{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُون َ} (4)
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا } (5)
{ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا } (6)
{ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ } (7)
{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } (8)
{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } (9)
{ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } (10)
بالاضافة للآية من سورة الاحزاب التي سبق وذكرناها.
سنعود لمفهوم الحجب القرآني بعد ان ننتهي من عرض أدلة ما يسمى بالحجاب تباعا أولا وتفاسيرها الكلاسيكية قبل أن نعود لأسلوب اللفظ وتحليله تباعا ، الجزء القادم سيكون لآية الخمار.
تحياتي ومحبتي
عمر أبو رصاع
www.mi3raj.com
(يتبع) ------------------
(1) الأحزاب : 33:53
(2) تفسير الطبري: أنظر الرابط
(*) بغض النظر عن الأسلوب الاستفزازي الذي استعمله عمر لإثارة غيرة النبي ومن ثم إنزال وحي بحكم الحجب.
(3) أخرجه البخاري ومسلم ، وقالا حسن صحيح.
(4) سورة الأعراف - 7:46
(5) سورة الإسراء : 17:45.
(6) سورة مريم : 19:17.
(7) سورة ص: 38:32.
(8) سورة فصلت : 41:5.
(9) سورة الشورى : 42:51.
(10) سورة المطففين : 83:15
|
|