اقتباس: Gramsci كتب/كتبت
(واذا أردنا أن نُهلك قرية أمرنا مُترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمّرناها تدميرا) سورة الاسراء آية 16 .
آية واضحة الدلالة وتدفع رأسا للسؤال : هل يأمر الله بالفسق ؟؟
ربما تنتمي هذه الآية إلى مجموعة آيات "المكر" الإلهي.
(يمكرون ويمكر الله..)
مضمون هذه الآية يشبه تلك الآيات الأخرى عن أن الله يهدي من يشاء، ومن يضله الله فلا هادي له..الخ
انطباعي الشخصي عندما أسمع هذه الكلمات هو أنها تعبر عن تخبط بين فكرة الإله مطلق القدرة ورغبته في أن يعبده البشر، وبين عدم حدوث ذلك في الحياة حولنا.
فيقوم "بالهروب إلى الأمام"، أي اعتبار العنب الذي لا يطاله حصرم".
أي أن هؤلاء لم يؤمنوا بالله، لأن الله نفسه لا يريد لهم ذلك.
وفي قصة إهلاك القرية، أشعر بعقلية "معقب معاملات" وراءها.
أي أن القوانين لا يمكن خرقها، حيث لا يجوز إهلاك قرية دون أن يكون أهلها قد أفسدوا.
ولكن "معقب المعاملات" (حربوق)، فيكتشف ثغرة في القانون، أي حيلة تمكنه من معاقبة القرية عبر دفع بعض أفرادها إلى الإفساد.
وما أن يحدث ذلك، إلا ويكون قد أمسكهم متلبسين بالجريمة، أو كما يقول الأمريكان Gotcha!!
قصة سوريالية عبثية مأساوية، تذكر بقصص كافكا عن المحاكمة أو القصر أو غيرها.
حيث أن الرجل متهم بجريمة لا يعرفها، ولا يحق له أن يسأل عنها.
والأنكى من ذلك هو أنه يشعر بالذنب وأنه يستحق ما يحدث له..
الله يتحكم في كل ما يحدث في الكون، فيشد الخيوط من وراء الكواليس.
ولكن يبدو أنه غير قادر على إلغاء الحرية الفردية بشكل كامل.
بذلك ينشأ توتر غريب بين الحرية الفردية ومسئولية الإنسان عن أفعاله، ورغبات الله وقدرته على تنفيذ مخططه الكوني.
لذلك يحاول الله أن يتلاعب بالظروف بحيث "يمسك" ضحاياه بالجرم المشهود.
فيبتلي البعض، أو يهدي آخرين، ثم يعاقب ثالثين.
بذلك يبدو هذا الإله محدود القدرة، ويقوم بأفضل المتاح ضمن إمكانياته.
أي أنه "ديميورج" كما تحدث عنه أفلاطون أو الغنوصيون المسيحيون. إله "صغير"، يتحكم بالكون الذي نعيش فيه، بعيدا عن أعين الآلهة العليا التي لا تلتفت إلى سفاسف العالم المادي.
ولكن هذا الديميورج مليء بالعقد النفسية التي يحاول تنفيسها على البشر.
مع أطيب التحيات