Arrayفرنسا تدخل هدوء ما قبل عاصفة الانتخابات
رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو يتلقى وردة من رويال في حملة انتخابية لها في تولوز أمس (أ ب)
محمد بلوط
باريس :
قبل ساعات فقط من حظر نشر بيانات استطلاعات الرأي، الذي يبدأ العمل به صباح اليوم، وقبل 48 ساعة من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية، يتعزز الاتجاه نحو مواجهة كلاسيكية بين اليسار، ممثلاً بالاشتراكية سيغولين رويال، واليمين النيوديغولي الذي يحمل نيكولا ساركوزي راياته، الأحد المقبل أمام 44.7 مليون ناخب فرنسي.
وتقاطعت توقعات مسائية أخيرة بين مختلف معاهد الاستطلاع، لتبيّن انحداراً متزايداً في الخط البياني لمرشح الوسط فرانسوا بايرو، الذي هبط من 18 إلى 15 في المئة. ووضع الثنائي الرئيسي المتنافس: رويال ـ ساركوزي، بينه وبايرو، مسافة 10 نقاط على الأقل، وارتقت الاشتراكية سدة الـ25 في المئة، فيما ذهب ساركوزي إلى 29 نقطة.
وباتت المفاجأة الوحيدة المعقولة هي عدم حصول أي مفاجأة، بعد أن أفقدت الاستطلاعات، بالفارق الكبير الذي تتحدث عنه، بايرو، والزعيم اليميني المتطرف جان ماري لوبن، القدرة على إحداث أي اختراق، أو الاستفادة من هامش الخطأ التقليدي في الاستطلاعات والذي يبلغ 3 في المئة، والذي تقتصر فائدته المباشرة، أو ضرره، على مرشحَي الطليعة رويال وساركوزي، بسبب تقارب التوقعات بشأنهما في الاستطلاعات، لمن يصدقها.
لكن عزاء بايرو في الساعات الأخيرة قد يكون في بقاء ربع الناخبين ممن لم يفصحوا بعد عن آرائهم، والأمل أن تشكل ذخيرته الأخيرة لقلب التوقعات المتشائمة بشأنه.
إلا أن تكذيبها بشكل كبير سيكون شاقاً، لأن الدراسات التي أجريت على الجسم الانتخابي الذي يحترف الصمت عن نواياه حتى النهاية، لا يظهر خلافاً كبيراً في سلوكه، عندما يقترع، عن سلوك المجموعة التي تفصح عن نواياها مسبقاً، ويمكن افتراض أن نسب التأييد لساركوزي ورويال وغيرهما عند «الناطقين»، ستكون ذاتها تقريبا، عند «الصامتين».
وباستثناء مرشحي اليسار الثلاثة جوزيه بوفيه المناهض للعولمة، والتروتسكي أوليفييه بزنسنو، والعمالي جيرار شيفاردي، الذين يقيمون آخر مهرجاناتهم الانتخابية اليوم، يخلد إلى الراحة تسعة مرشحين، عملاً بهدنة 48 ساعة قانونية في الاجتماعات والمهرجانات، تاركين الناخبين بسلام، بعد أشهر صاخبة من حصار المناكفات الانتخابية.
ورغم أن منع نشر الاستطلاعات يبدأ صباح اليوم، لإخلاء المكان والوقت للتفكير والتقرير بسكينة، فلن تعدم الاستطلاعات شرارة تبدد عتمة الساعات الأخيرة، للتلصص على أمزجة الفرنسيين، ولكن من وراء الحدود، عبر مواقع الصحف الناطقة بالفرنسية في سويسرا وبلجيكا، حيث لا يسري لا منع فرنسي ولا هدنة في التوقعات.
وكانت المهرجانات الأخيرة شهدت خطباً بلورت الإستراتجيات التي رست عليها آمال المرشحين، فتبنى بايرو اللون البرتقالي لمهرجاناته تعويذة لدفع شؤم التوقعات، كما قالت بعض الصحف، ووعد بثورة برتقالية إسوة بثورة أوكرانيا. ولم يكن حاسماً في الرد على رويال، التي رفضت دعوات للتحالف معه، ولم يجد جواباً على ساركوزي الذي اتهمه باليسارية، وتوعد بتفاؤل غريب «أن الفرنسيين سيدقون جدران القلعتين (اليسار واليمين)، الأولى في الأحد المقبل، والثانية في 6 أيار»، موعد الدورتين الأولى والثانية.
أما ساركوزي فأدخل «المربع الأمني وحزب الله» في الساعات الأخيرة لحملته، مخاطباً الخوف الفرنسي من الإسلام، منذراً بأن ضم تركيا المسلمة الآسيوية إلى أوروبا سيعني نهاية المشروع السياسي الأوروبي.
وقال ساركوزي، النيوديغولي، «لست من سيذهب ليشرح لتلامذة المدارس الفرنسية أن حدود أوروبا هي العراق وسوريا، ولست من سيشرح كيف جعلنا من حزب الله مشكلة داخلية لأوروبا».
وكان ساركوزي قال في رسالة لجمعية المواطنين اللبنانيين وأصدقاء لبنان في فرنسا «إن حزب الله ميليشيا مسلحة تخضع لسوريا وإيران وينفذ أوامرهما».
وركّز ساركوزي في المهرجان الأخير الذي عقده قرب باريس، كل هجماته على بايرو، لأنه يدرك أن الفوز عليه في دورة ثانية سيكون مستحيلاً. وترك لسيمون فايل، رفيقة درب بايرو ومرشدته السياسية القديمة، أن تقول للناخبين أن «ساركوزي ضحية النوايا السيئة، وهو الوحيد الذي يتيح لنا أن نختار بحرّية رئيسنا المقبل».
ومع اقتراب الساعات الأخيرة للحملة الانتخابية، يستقبل المرشحون تأييد ناخبين غير منتظرين، فبالإضافة إلى «معاريف» الإسرائيلية، التي اعتبرت ساركوزي صديقا لإسرائيل، ومرشح اليهود الطبيعي خلال حديث مع لوبن، تساءلت فيه عما إذا كان الفرنسيون قادرين على انتخاب يهودي رئيساً، أجاب لوبن أن «ساركوزي اليهودي الأصل، يستفيد من أصوله لجذب أصوات بعض اليهود». وقد اختارته «الإيكونوميست» مرشحها المفضل.
أما رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو فتخلى عن تحفظ دبلوماسي، لمصلحة الرفيقة الاشتراكية الملقبة بـ«ثاباتيرا»، وحضر مهرجانها الأخير في تولوز القريبة من إسبانيا، تأييداً لها.
كما حازت رويال على تأييد صحيفة «لوموند» التي اختارت أن تقف في صفها، حيث كتبت «بالرغم من التشويش الذي يسود الحملة الانتخابية، فإن المشروع الوحيد الذي يتصدى لمشروع ساركوزي، ويستند لقوة سياسية حقيقية قادرة على حكم فرنسا، هو مشروع سيغولين رويال».
أما ماذا تفعل الاشتراكية خلال هدنة اليوم والغد؟ كل ما يقوم به المرشحون الفائزون بالرئاسة بالتأكيد!. فتنظم تسريبات إلى الصحافة بأسماء وزراء حكومتها المقبلة: ومنهم الوزراء الجدد من أركان حملتها المغمورين، لمكافأتهم، كـ«العائد» الذي يعرف قصور الجمهورية جان بيار شوفنمان (إلى الدفاع ربما)، وجاك لانغ للخارجية، وميشال سابان للمالية. أما رئيس وزرائها فسيكون إسمه رهناً بالرقم الذي يحققه بايرو، فإذا هددها بحصاد أصوات كثيرة، فلن يكون أمامها مناص من دعوة الأقرب إليه في الحزب الاشتراكي دومينيك شتراوس كان، لمساندتها في الدورة الثانية لإقناع من صوتوا لبايرو، بالتصويت لها، لقاء وعد بأن يكون شتراوس كان، فتنفذ ما يشيعه بايرو أنه يريد أيضا تعيينه رئيسا للوزراء، في قصر ماتينيون،
[/quote]
http://www.assafir.com/Article.aspx?Editio...ChannelId=13432