الزميلة فلسطين .. المسيحية جاءت كمتمم ومكمل لعمل أنبياء العهد القديم اليهود .. جاءت المسيحية لتتميم عمل هؤلاء الأنبياء النبوى والتشريعى والتعليمى .. وكما يقول الكتاب المقدس لأن الناموس بموسى أُعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا .

فكما نعلم خلق الله الإنسان طاهراً بدون موت ولا فساد ولا خطية طاهراً نقياً حتى أنه كان هو وزوجته عريانان وهما لا يعلمان .. وهذا شئ بديهى لأن الله ليس فيه موت ولا خطية ولا شر فعندما يخلق لن يكون فى خليقته موت ولا شر ولا خطية .

ولكن كان فى خليقته إمكانية الوقوع فى الموت والشر والخطية .. وكان هذا نتيجة لأعظم نعمة أنعم بها الله على الإنسان وهى الإرادة الحرة العاقلة التى للإنسان والتى بدونها يتساوى الإنسان مع الحيوان ..

ولكن للأسف إستغل الإنسان تلك الإرادة أسوأ إستغلال وخالف أوامر خالقه وتحداه وعصاه وأكل من شجرة معرفة الخير والشر التى نهاه الله عن الأكل منها مع أن الله سمح له بالأكل من كل شجر الجنة الشهى والبهى .. ولكن الإنسان وقع فى خطية الكبرياء وتعظم المعيشة وعدم الإيمان وإستهان بوصية الله وتحذيره بألا يأكل من تلك الشجرة لأن يوم يأكل منها موتاً يموت .

وهكذا وقع الإنسان فى الخطية ودخلت فى طبيعته الخطية والفساد والموت والمرض والتعب .. وطُرد الإنسان من جنة عدن حيث لا تعب ولا عرق إلى أرض الشقاء حيث بعرق جبينك تأكل خبزك وحيث تلد المرأة بالأوجاع والأحزان ..

وتكاثر البشر وكثر شرهم وفجورهم وقتلهم ونسوا الله وتحدوه وحاولوا بناء برج بابل ليصلوا للسماء حيث مسكن الله فبلبل الله ألسنتهم وتعددت لغات البشر بعد أن كانت لغة واحدة .. ثم تفرق البشر فى أنحاء الأرض وكونوا قبائل وشعوب وكثر شرهم وفجورهم فأرسل الله على الأرض طوفاناً عاماً أهلك كل من عليها ما عدا نوح وإمرأته وأولاده الثلاثة وزوجاتهن .. أى ثمانى أنفس بشرية بقيت مع جميع أنواع الحيوانات .. حيث من تلك الخميرة تكاثروا وملأوا الأرض مرة أخرى .

وكثر شر الإنسان مرة أخرى حتى أن الله أهلك مدينتى سدوم وعمورة بنار وكبريت من السماء بسبب كثرة شرورهم وفجورهم وشذوذهم أيام أبونا ابراهيم .. وبارك الله ابراهيم أبو الإيمان الذى لم يضن بولده وحيده ابن شيخوخته اسحق عن أن يقدمه ذبيحة لله .. والله لا يقبل ذبائح بشرية بالطبع ولكنها كانت تجربة قاسية لإبراهيم الأب تزكى بها وأخذ وعداً بأن يصير شعباً عظيماً وأن من نسله تتبارك جميع الشعوب .

وهكذا من ابراهيم إبتدأ الله فى تكوين شعب خاص به أتى منه جميع أنبياء العهد القديم وهم اليهود .. فنجد ابراهيم ولد اسحق .. واسحق ولد يعقوب .. ويعقوب ولد الإثنا عشر سبطاً الذين تكون منهم الشعب اليهودى والذين جاء منهم أنبياء العهد القديم العظام الذين كتبوا أسفار العهد القديم إبتداءاً بموسى الذى كتب الأسفار الخمسة الأولى ومروراً بصموئيل النبى وداود النبى وسليمان النبى وارميا واشعياء وايليا واليشع وحجى ونحميا وحبقوق ودانيال وغيرهم الكثير .

كانت وظيفة الشعب اليهودى هى تكوين شعب نقى عرقياً معزول بقدر الإمكان عن نجاسات الشعوب الأخرى يخصه بأنبيائه القديسين الذين يمهدون الطريق لمجئ المسيا المنتظر .. وحسب نبوات أنبياء العهد القديم فإن المسيا المنتظر سيولد من عذراء فى بيت لحم إفراته من سبط يهوذا ومن نسل داود النبى ..

وكل تلك المواصفات كانت متوفرة فى السيد المسيح له المجد فلم يعترض اليهود على أنه ليس من سبط يهوذا ولم يعترضوا على أنه من نسل داود النبى لأن الهيكل اليهودى كان يحتفظ بسجلات دقيقة لكل إنسان يهودى من حيث آبائه وأجداده ولأى سبط ينتمى .

فإن كان من الغريب أن تنطبق كل تلك النبوات بدقه فى السيد المسيح فالأغرب والأعجب والمعجزى أن تنطبق النبوات حول حياته وطريقة موته ودفنه وقيامته بكل دقة فى ما حدث للسيد المسيح له المجد .

وهكذا جاء المسيح بتتميم نبوات العهد القديم بأكملها حوله .. وتستطيعى البحث فى الجوجل حول تلك النبوات الموجودة فى كتاب اليهود الحالى وكيف تحققت بكل دقة وبطريقة تفوق الخيال فى السيد المسيح له المجد .


ولم يقتصر التتميم والتكميل للعهد القديم حول النبوات فقط .. ولكن أتى السيد المسيح بشريعة العهد الجديد المتممة والمكملة لشرائع العهد القديم وتستطيعى أن تطلعى بكل تفصيل عليها فى الإصحاحات 4 و 5 و 6 من إنجيل معلمنا متى البشير .

فيقول السيد المسيح على سبيل المثال ما جئت لأنقض بل لأكمل .

سمعتم أنه قيل لا تزن .. أما أنا فأقول لكم كل من نظر لإمرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه .. وهكذا عالج السيد المسيح الخطوة الأولى فى الخطية وهى النظرة وصار مفهوم الزنى أوسع وأشمل .. حيث أن زنى العين هو الخطوة الأولى لزنى الجسد .

ويقول السيد المسيح سمعتم أنه قيل للقدماء إذا طلقت إمرأتك فأعطها كتاب طلاق .. أما أنا أقول لكم أن كل من طلق إمرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزنى .. ومن تزوج مطلقة فهو يزنى .. فقالوا له أن موسى سمح بالطلاق .. فرد عليهم بأنه سمح لكم بذلك بسبب قساوة قلوبكم .. أما فى عهد النعمة وشريعة النعمة فقد صارالزواج رابطة مقدسة فما جمعه الله لا يفرقه إنسان


وهكذا فالمسيحية هى التتميم والتكميل لليهودية .. فقد إرتضى رب البشر أن يتجسد ويأخذ جسداً بشرياً من الشعب اليهودى الذى إختصه بأن يكون شعبه المختار والذى كما قال السيد المسيح عنه أن الخلاص هو من اليهود .. وبمجئ السيد المسيح بطلت وظيفة شعب الله المختار وبطل الكهنوت اليهودى وبطلت الذبيحة اليهودية الدموية لأننا إنتقلنا إلى العهد الجديد حيث جاء السيد المسيح للجميع وأولاً لليهود بالطبع .. وقد رفضه اليهود وصلبوه وقتلوه وتمموا إرادة الله من حيث لا يعلمون بسبب فساد قلبهم وشرهم ..

وصار السيد المسيح هو الذبيحة الجديدة التى للعهد الجديد والتى أبطلت الذبائح الحيوانية اليهودية القديمة .. وصار دم السيد المسيح لكل من يؤمن به .. ليس يهودى ولا يونانى .. ليس عبد ولا حر .. ليس رجل ولا إمرأة .. بل صار الجميع واحداً تحت غطاء دم وجسد المسيح ..

صارت البشرية واحداً فى المسيح يسوع .. صُلب السيد المسيح على الصليب مادداً يديه شرقاً وغرباً ليجمع البشرية تحت غطاء دمه الكريم لكل من يؤمن به إلى واحد .. وإمتد بالصليب إلى أعلى وإلى أسفل لكى يصالح السماء بالأرض والسمائيين مع الأرضيين ويعطى للبشر فرصة الصعود إلى ملكوته السماوى من خلال صليبه ودمه الكريم لأنه لن يخزى كل من يؤمن به ويحفظ وصاياه لأن كل من يحبه يحفظ وصاياه .


أما من إحتقر دمه الكريم فقد حكم على نفسه بأنه لا يستحق هذا الدم الإلهى الكريم الطاهر المسفوك على عود الصليب لتطهيره وخلاصه وإستحق أن يمكث عليه غضب الله هالكاً فى خطاياه .