الأخ العزيز وليد .(f)
Array
الزميل المحترم / بهجت

ففي الوقت الذي قد يبدو فيه كمثال الدعوة لمساندة الإخوان المسلمين و الدفاع عن حقوقهم الدستورية المهدورة في ممارسة العمل السياسي - في الوقت الذي يبدوا فيه مثل تلك الحملات متسقة تماما مع ما تؤمن به تلك المنابر من قيم ليبرالية - إلا أنه و للأسف - فعمليا و تطبيقيا تلك الدعوة هي بمثابة العمل على تدمير أي ما يتعلق بالليبرالية من بعيد أو قريب إذا ما تركناها بأيدي الإخوان المسلمين.

[/quote]
يا عزيزي من يتحدث عن حق الإخوان في ممارسة السياسة تحت شعار الديمقراطسة هو أول من يعلم ألا علاقة بين الإخوان و الديمقراطية سوى الود المفقود ، و لكن هناك مصالح عديدة تربط بعض الجهات مثل صحيفة الدستور و الإخوان ، فهناك 50000 تسخة يشتريها الإخوان يوميا من الصحيفة وهو مايعادل تقريبا 15-20 مليون جنيه سنويا ، و لعلنا نلاحظ أن كل انتهازي لا يجد له مكانا في الجزب الوطني يحمل عصاه و يرحل إلى الإخوان ، فالإخوان يستقون الان بأمريكا و ينافسون الأنظمة التقليدية في خدمتها ، فهم شركاء الحكم في العراق ،و هم شركاء المعارضة المدعومة أمريكيا في سوريا ، أما الإتصالات المستمرة بين الإدارة الأمريكية اليمينية و إخوان مصر سواء خلال وسطاء مثل سعد الدين إبراهيم او مباشرة فلم تعد سرية منكورة و لكنها علنية مشهورة ، و لعل آخرها لقاء زعيم كتلة الإخوان البرلمانية مع وفد الكونجرس الأمريكي في القاهرة ، ففي إطار خلق تحالف سني تقوده السعودية لمواجهة إيران تمضي أمريكا في عقد تحالفات جديدة مع الإسلاميين السنة خاصة حركة الإخوان المسلمين ، وهي محاولات نجحت أمريكا سابقا في توظيفها ضد النظام الناصري والإتحاد السوفيتي في زمن الحرب الباردة ،و بالفعل خصص الكونجرس الأمريكي مبلغ 1.3 مليار دولار لمشاريع تهدف إلى تطويع و ترويض الإسلاميين المعتدلين ( تعبير يعني تقليديا الإخوان ) كما أعلنت رايس في الواشنطن بوست " أننا لا نخشى وصول الإسلاميين و المتطرفين إلى الحكم " ، إن صلف و تهور مهدي عاكف الذي يدفعه حتى لإحتقار مصر و المصريين بتظطيظاته الشهيرة ليس بدون أساس فهو يعلم أن أمريكا متشوقة كي يحرك الذيل الكلب ، لقد كان أمام النظام 27 عاما كاملة كي يعيد تشكيل الحياة السياسية في مصر على أسس صحية و لكنه لم يفعل ، بل ترك موظفين لا يتمتعون بأي رؤية سياسية يديرون السياسة الداخلية للنظام وها هي النتيجة بادية للعيان ، إن المصريين مدعون الآن لدفع فاتورة متضخمة من الممارسات الخاطئة و الثقافة المنتكسة و القبول بامتطاء أعداء الديمقراطية لهم باسم الديمقراطية مرة و الإسلام مرات .
Arrayفالليبرالية لم و لن تكون منتجا شيطانيا جاهزا للتطبيق - أو للولادة - تحت ضغوط دعاوى سياسية أو حتى تدخلات خارجية - بل هي نتيجة لغيرها من التغيرات الإجتماعية و أولها الحالة المعرفية للمجتمع.[/quote]
ربما نكون أمام قضية فكرية من الطراز الممتاز ، العلاقة بين البناء العلوي الليرالي الديمقراطي و بين القاعدة المعرفية ، سؤال في حاجة للإثراء و الإبحار العميق في علوم المعرفة ، لدي فكرة مبدئية و لكنها ليست واضحة تماما هي أن هناك علاقة جدلية بين البناء العلوي و القاعدة المعرفية ، فكلاهما يؤثر على الآخر و يتأثر به ، أي علاقة مزدوجة في اتجاهين ، فكما أن القاعدة المعرفية العلمية تؤدي إلى بناء سياسي ليبرالي متطور ، فأيضا توفر مثل هذا البناء العلوي المتطور يساهم في تحويل القاعدة المعرفية بالتراكم من الإطار السلفي النصي إلى الإطار العقلاني الوضعي و هكذا ، و لعل تجربة الهند هي التي توحي لي بهذه العلاقة ، تشكل البناء السياسي العلوي في الهند خلال حاضنة نخبوية هي التي حافظت على تقاليد ديمقراطية علمانية راسخة في شعب أصولي متدين و متعدد الأعراق ، و قد أدى ذلك البناء العلوي إلى ظهور قاعدة معرفية علمية عصرانية تتمدد بشدة خاصمة من الفضاء الديني السلفي ، لا أنكر أن الحسد كان يتملكني عندما أشاهد شباب من الهنود يقودون العمران و التطور في دول الخليج و ليس في الهند فقط ، و عندما نسمعهم يقولون انهم سعداء لأنهم كانوا هناك عندما تحركت الهند ، أتسائل متى سنقول شيئا مماثلا في مصر ، بدلا عن الحديث عن الموت الثقافي و الهلاك السياسي و نردد مع الزعيم الكبير مهدي عاكف طظ في مصر و في المصريين !.
هل تراني متشائما أيضا ..
لا يمكن للإنسان أن يكون متفائلا في هذه الملابسات دون ان يتحلى بالبلاهة .