لا أعتقد أننا بصدد نكران الإنجاز، وموقفي أثناء الحرب كان معروفا، غير أن الموضوعية تقتضي أن ننظر للخسائر بذات الطريقة التي نقرأ فيها الإنجاز...

المجتمع الإسرائيلي أكثر انقتاحا وشفافية على بعضه، ولذلك فإنني أتصور منه مثل هذه الملامة وأكثر، غير أن الذي لا أتصوره بأن نقوم بدور النقد الذاتي في صفنا كما فعلوا هم، بل سنبقى نحتفل بإنجازنا في خضم مناكفات سياسية مع الإخوة الأعداء، بينما سيبقى الصديق اللدود يقرأ المغامرة قراءة معادية!

لا أعتقد أن جولدا ماثير ولا موشي دايان ولا بيغن وشامير حظوا بعشر مهرجانات التأييد التي حشدها الإخوة في حزب الله مع كل إنجازهم في الحروب السابقة، ذلك انجاز الذي حققوه على أرض الغير ولم يكن على أرضهم خسائر تذكر، بينما أمة القطيع مستعدة أن تخرج مليونا ومليوني مصفق ومطبل وبالكاد ترى فيهم من يكون له وجهة نظر مستقلة عن سيده المعمم!!

أخي رحمة
نعم قال التقرير أن إسرائيل فشلت، لكن ألا يمكن أن نكون قد فشلنا نحن أيضا!

ألا يمكن أن تكون حربنا كحرب أحد وحنين فشل فيها الطرفان، ولا غالب البتة بل كل مغلوب!

أوليس الهدي النبوي -وأنت رجل مؤمن- يقتضي أن نأخذ العبرة من أحد التي فشل فيها مشركو مكة نعم، ولكن القرآن علم النبي وأصحابه أنهم فشلوا أيضا، وأن هزيمتهم من قبلهم أنفسهم لا من قبل عدوهم! (قل هو من عند أنفسكم) (ويوم حنين إذ أعجبتكم قوتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا).

أكان إنجازنا في تموز أكبر من إنجاز أحد وحنين؟!

نعم بشكل نسبي ومقارنة بمسرحيات الجيوش الشعبة وجيش الإنقاذ وحرب حزيران والصمود المصدي يمكن أن نسجل تقدما بمسافة يمكن احتسابها إنجازا حقيقيا، ولكن، أليس من حقنا أن نولي خسائرنا بعض الاهتمام على كل اعتبارات؟


على أن أحدا لا يخفى عليه تلك المتاجرة الرخيصة بتموز من قبل السيد نصر الله مرفوضة، ولنتذكر أن ميليشيا حزب الله استثنيت ابتداء من اتفاقية الطائف -مع التحفظ على آلية التطبيق من البداية أصلا- لأن سلاحها للمقاومة الوطنية فحسب، أما حين يتحول السلاح لقوة ردع يراد منها الهيمنة على الحكومة والبرلمان، فإن من حق الجميع أن يذكروا حزب الله بدواعي خصوصية السلاح المؤقتة والتي يبدو أن دعاة الثلث المعطل شردوا عنها بعيدا ليبلطجوا أمام جامعة بيروت العربية بلطجة لا تليق بشرف المقاومة التي كنا نفتخر بها جميعا يوم كنا نحسن الظن بأهدافها

لم أبدل موقفي من السيد نصر الله، ولكنني أذكر بمقال كتبته أبان الحرب مباشرة، بعنوان: (نصر الله المقاومة لا نصر الله الحزب)

للمقاومة اللبنانية سنبقى أوفياء فخورين، على أن حق الإخوة يقتضي أن نذكرها بأن تكون وفية للبنان، لا لتنفيس الاحتقان عن البعث أو طهران، كما نذكرها بأنها أدت ومن سبقها على الدرب دورا ضروريا في مرحلة اللادولة، أما ولبنان يكتوي اليوم من هذا الظرف الذي يتنادى كل العقلاء لتحرير لبنان منه، سعيا وراء وطن حر مستقل يتداعى كل أبنائه بكل طوائفهم وأحزابهم لتنفيذ أجندته الوطنية وفق مصالحه فحسب، فإننا نقول بود لا يخلو من عتاب، كل ما حققه نصر الله المقاومة، ضيعه نصر الله الحزب، فهل إلى الحكمة والحس بالمسؤولية الوطنية من سبيل، أم أن قعقعة السلاح واستعراض الميليشيات يعمي ويصم؟!!