في ذكرى ادوار سعيد .. ذاك المشعل
السلام عليكم
عزيزي ابراهيم , اعتقد ان مفهومك للمنفى نوعا ما , جدا مبسط , المنفى في الاساس هو حالة من الانفصام ما بين الذات وصاحبها , وما الوطن والبعد عنه الا اضافة مؤلمة وجرعة لا بأس بها من الاغتراب الذاتي للنفس , حالة بشعة ترابط بين جوانح الانسان حتى الابد , وليس البعد عن الوطن الى اخر الامر وليس بدايته وكما قال درويش :
من انا , دون منفى ؟
صرنا طليقين من جاذبية ارض الهوية .
ماذا سنفعل.... ماذا
ماذا سنفعل من دون منفى , وليل طويل
يحدق في الماء
وكون ادوارد من عائلة برجوازية مستورة وتعلم في افضل المدارس في مصر والغرب , لا يغير في حقيقة الامر انه كان لاجيء , وهذا الامر مهم كونه قبل كل شيء حقيقة تاريخية , ولا بأس من قراءة ادوارد سعيد لمفهوم المنفى عند الفلسطنيين خاصة كتاب :
After The Last Sky
المقارنة مع ماركس جدا مطلوبة لسبب بسيط , وهو ما ذكرته انت , لقد حاول ماركس تغيير الموازين في ما حاول من ذلك , ولكن اتعرف كيف حاول ؟ حاول ذلك منفيا بعيد عن المانيا , وايضا محمد عبده . اما بالنسبة " للدليل المادي " , اعتقد عندما تقارن بين ماركس وادوارد سعيد والنتيجة المباشرة لارث الرجلين , ولو ان المقارنة ليسن بعادلة , فأنني افضل الارث السعيدي عليه من الماركسي لما تعرض هو الاخر لتحريف ناتج عن اتباع ومفسرون ليسوا بمستواه , وهو حالنا الاخر مع ادوارد سعيد , وهو يدفعنا بمحاولة اعتقد انها غير ناجحة لانكار الثورة التي نتجت عن افكار ادوارد سعيد خاصة في مجال الاستشراق , فالاستشراق كمنظومة خطابية يؤرخ له كما تعلم , قبل ادوارد سعيد وكتاب الاستشراق وما بعد سعيد وكتاب الاستشراق , لا يمكن انكار هذا الامر , وانا افهم يغضب هذا المر البعض , لكن عندما ينتشر الفكر السعيدي الى مجالات اكاديمية اخرى مثل الادب والفلسفة وحتى علم النفس كما بينت جاكلين روز بعد ظهور كتاب ادوارد سعيد عن فرويد فالامر يتحول الى مسألة شخصية اكثر منها موضوعية , وللتذكير فقط , قرار الكونجرس الامريكي بمحاربة فكر ادوارد سعيد واستخراجه قرار بتحريم الجامعات المدعومة حكوميا من الميزانيات اذا قامت بتدريس افكار معادية للامبراطورية , ولا حاجة للتأويل , المقصود هو ادوارد سعيد , ولا حاجة الى التذكير بما حدث الى الدكتور جوزيف مسعد ورشيد الخالدي وحميد ديباشي وحتى حوان كول , حيث الكل يصب في مصب " المعاداة السعيدية " .
بالنسبة للغة العربية , ليست المقارنة بأمين معلوف بمقارنة ناجحة او حتى عادلة , حيث ان الحال يختلف , اي ان الحالة الفرانكفونية جدا بعيدة عن ادوارد سعيد , واذ استمرينا معا , دعني اسأل : ما المشكلة اذا كتب عربيا باللغة الانجليزية ؟ او الايطالية او حتى الفرنسية ؟ اليس هدف كل باحث هو ايصال افكاره الى اكبر عدد من الناس ؟ هل كنا سنسمع بمحمد اركون او هشام جعيط او يوسف صديق لو انهم كتبوا بالعربية ؟ ليست اللغة هي الاشكال هنا , الاشكال هو في الكتابة , وهذا قبل كل شيء مسألة شخصية بحتة كما اظن . لهذا كون ادوارد تعلم اللغة العربية متأخر ( في الثلاثينات من عمره ) مسألة تحسب له وليس عليه , ان تاتي متاخر خير من لا تأتي ابدا .
|