كل ذلك لم يضع المناضل الأصولي في مأزق، فقد كانت لديه طريقته في تجاوز الأحداث والعبور عليها بعدد من الطرق منها ـ وأهمها في الحقيقة ـ إلقاء اللوم على الآخرين في العالم، ............................................ الخ .وبينما يتوزع اللوم في الفشل بين أطراف أخرى غير الطرف الأصولي، يجري رسم صورة مثالية لمنجزات الجماعة الأصولية ....................................... الخ .

ولكن المناضل الأصولي يشعر بمأزق حاد الآن لم يكن يشعر به من قبل، وظهر هذا المأزق خلال المؤتمر الذي عقد في الدوحة أخيرا للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وما أعقبه من زيارات لعدد من المثقفين الأصوليين إلى طهران لتقريب وجهات النظر. كما ظهر هذا المأزق ـ وكل المآزق متصلة ومرتبطة ـ عندما انفجر الموقف في العراق بالمواجهات بين «أصوليات» سنية وشيعية انطوت على القتل والتهجير وانتهاك المقدسات الإسلامية على الطرفين والذبح الفردي والجماعي لرجال دين على الطرفين..................................... الخ . ولأول مرة كان على الأصولي السني أن يستمع إلى ما يقوله الأصولي الشيعى حول التفرقة بين السنة والشيعة في بلدان الأغلبية السنية؛................................. الخ .

ويرى بعين رأسه ما الذي يمكن أن يفعله مقتدى الصدر الذي صفقت له دوائر «الممانعة» في السابق عندما يتمكن من فرصة محاكمة وإعدام سجين أعزل.

وفي مثل هذا المأزق فإن المثقف المناضل الأصولي الممانع يكتشف فجأة أن مرجعيته الأصولية لا تحل مشكلة، ولا تخرج من مأزق، ولا تسترد حقوقا، ولا تفلح معها كثيراً نداءات الوحدة والتضامن في وجه العدو المشترك. ولا تحل المشكلة تلك الأوصافُ التاريخية المطلقة للمثقف الأصولي السني أن الشيعة قد عاشوا في «كنف» السنة في سلام ودعة، والعكس يقال من قبل الشيعي على السني، وكما يقوله كلاهما عن المسيحي وأصحاب العقائد والملل والديانات والأعراق الأخرى. ومن هنا يصير مأزق الأصولي أكثر من مأزق لأنه سوف يعاني من أزمة مصداقية دينية مع نفسه ومع الآخرين من أصوليات أخرى، ومن أزمة مصداقية سياسية بين الفكر والواقع. وهنا تبدأ مآزق من نوع جديد ؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------


بداية ، أرى انه كان يفترض بالكاتب ان يصف موضوعه بانه المأزق السياسي للمناضل الاصولي . لان المثقف الاصولي حتى اللحظة لم يستشعر انه في مازق ، بل ان السياسي الاصولي هو الذي بدا يعاني من مازق و امثلة الكاتب اعلاه كافية للتدليل على ذلك . و للاسف فان الكاتب لم ينتبه الى انه كان يقفز بين المناضل الاصولي و المثقف الاصولي في خلط جعلنا نشعر ان الكاتب لم ينتبه الفرق بين المصطلحين!

ثانيا ، ان ما استشعره الكاتب على انه مازق المثقف الاصولي لا وجود حقيقي له بل ان الكاتب قد توصل الى هذا الاستنتاج المبالغ به و خاصة فيم يتعلق بالموضوع العراقي ، ربما نتج ذلك عن قراءة خاطئة للاحداث . فما هو سياسي يفسره كاتبنا على انه ثقافي . فالسياسي الاصولي هو من يشعر الآن بانه في مازق و ذلك لا يعود للبعد الثقافي للاحداث او للاختلاف في المرجعيات بل يعود الى ان الارهاب كنضال سياسي و من خلفه الفكر الاصولي يتحول تدريجيا الى الازق الذي بدا السياسيون الاصوليون يستشعرونه قبل مثقفيهم الاكثر تعصبا و حقد على الخصوم .

ثالثا ، يستدل الكاتب على ما وصل اليه مؤخرا الموقف العراقي من تغيرات متحدثا و كان للمثقف راي يخرج عن الموقف السياسي . فانا ارى بانه لا يمكن للمثقف الوقوف على الحياد . و المثقف ، شاء ام أبى ، عرف ام لم يعرف ، هو يسير في تيار او مساق يتبع به السياسي شاء ام ابى . اذ لا يوجد تيار ثقافي لا يعمل على مساق سياسي اكان في اليارات الاصولية او الليبرالية الاكثر انفتاحا . مثالا على ذلك ان الليبراليين يدعون ان السعودية تدعم التيارات الدينية و خاصة الوهابية لدرجة انها ما عادت تسيطر عليها . بينما مثقفي الاصوليين يدعون ان الليبراليين تدعمهم امريكا و الغرب وهم كفرة او عملاء .وفي زجهتي النظر التي ذكرت بعض من الصحة لا يمكن نكرانه اذا ما اردنا التحدث بموضوعية و ابتعاد عن الفكر الايديولوجي !

رابعـــا ، وجدنا ان اللقاء الذي تم منذ فترة بين القرضاوي و رفسنجاني كان لقاءا بين مثقفين اصوليين ، لكنه لم يوفق في تقديم اي شيء لصالح حل المشكلة العراقية . بينما ان الضغط السياسي من قبل السعودية على المالكي قبل مؤتمر شرم الشيخ لدرجة رفض مقابلته ،الى ان لان ، اديا الى موافقته على خطة عمل تتعلق بالمصالحة داخل العراق و كان من ضمنها تركيع مقتدى الصدر . وهذا ما دفع مقتدى الى تغيير منهجه تقريبا و فصل بعض كوادره السياسية محملا اياها اخطاءه الحزبية و الارهابية ثم بدا بالانفتاح على القبائل السنية لتبييض سياسته التي كانت وما زالت تعمل باجندة ايرنية معروفة ولم تعد خفية .
فالاصولي السني او الاصولي الشيعي ليس بقادر على قراءة الموقف السياسي و كيف ترتبط النتائج بالمتغيرات ليميز كيف تغير المرجعيات رايها . لكن المثقف السياسي كتابع بمعرفته او بدونها لمرجعية سياسية يدور في فلكها ، هو الذي يمكن ان يستشعر التغيرات و اسبابها لدى الصدر او لدى المالكي او لدى المقاومة العراقية قريبا . لان تغيرات المالكي و الصدر يفترض ان تقابلها تغيرات على الضفة الاخرى ، هكذا وعدت السعودية المالكي ، و الا فلن تكن هناك مصالحة حقيقية !

خامسـا ، اختلف مع الكاتب في ان هناك مأزق حقيقي يتعرض له المناضل الاصولي او المثقف الاصولي او حتى الاصولي بشكل عام ، كما تحدث الكاتب في آخر مقالته ! و السبب هو انها ليست نهاية العالم الىن ، و ان المشكلة الاصولية لنم تصل بعد الى المنعطف الذي يبشر بما ينادي به الكاتب . ثم ان الحرب على الارهاب لم تستنفذ اغراضها بعد .

سادسا ، الاصوليات لا تستمع الا لنفسها . ولو كانت الاصوليات تصغي حقيقة لغيرها لما بقيت اصولية و لكنا قلنا بان هناك من يصغي للراي الآخر ! و هكذا لو كانت تصغي الاصوليات لغيرها بديموقراطية و تفهم لوصلت الى تلك النتائج الطيبة التي توصل اليها الغرب بين اصولياته نتيجة الاصغاء للراي الآخر .

شكرا للعزيز بهجت على نقل هذا الموضوع . (f)

:Asmurf: