شكرا أورفاي فقد أبدعت حقا (f)

ودعني أضيف شيئا ليس ذا بال!!

فالشيخ هنا لم يعد أن يظهر لنا جبنا ليته توارى به بدلا من أن يتباهى

فالقضية -كل القضية- أن السياسة لها ثمن وأي ثمن، وهذا في نظر الشيخ الجليل -الذي كانت تجتمع لخطبه الألوف المؤلفة-، سبب كاف لتركها ولعنها والاستعاذة منها!

والسياسة في نظر الداعية الحصيف ليست أكثر من تهالك على المناصب، ولا أدري إن كان إصراره على ولوج موائد الأمراء والساسة ونواديهم اليوم خارج إطار هذا التهالك الذي يذمه؟!

تراه غدا بعيدا عن السياسة وهو الذي تحول بين طرفة عين وانتباهتها من واعظ ناري -لم نكن نحتمل ثقيل نقده-إلى شاعر من شعراء البلاط -لم نعد نحتمل بارد سخافته-، خاصة وهو يرتجز مع صاحبه الزهراني ناصر بن مسفر القصائد بين عامي وفصيح ليهنئ أمير في الوصول وآخر بالسلامة وثالث بوليمة يحلو له أن يصف لنا أطايبها وبهرجها وبواقيها!!!

تراه غدا بعيدا عن السياسة وهو الذي يستخدمه أولي النعمة ليكون العلم الفرد الذي يسمح له بلقاء المساجين السياسيين في زنازينهم ليحاورهم ذلك الحوار المفبرك على سمع التلفاز والمباحث وبصرهما!!!

تراه غدا بعيدا عن السياسة والتهالك عن المناصب وهو الذي غدا من بعد فتنة التسعينات واتهاماتها القبيحة الفاجرة، ابن السلطة البار الذي لا يخاطبه رجلها الأول بغير الأخ الحبيب _أي والله_ من بعد أن كان مرذولا منبوذا محروما من المنابر، متهما بأشنع الاتهامات الخسيسة!

وكما قال آورفاي فإن لك من تراثك يا شيخ عائض ألاف الأمثلة عمن خاض في منكرات السياسة من الأئمة مثلما تطرح من أمثلة العزوف والاعتزال!

أم ترى أن علينا أن نخوض ونتلهى أبد الدهر بشرك القبور والتوسل بالصالحين، بينما نلعن من يتجشم الخوض في شرك القصور والتوسل بالحاكمين؟!!

لو أنك جبنت فسكتت لعذرناك والتمسنا لك ألف وجه نعتذر به عما ألم بك، ولظننا بك خيرا أنك تريد اقتحام بطانة هؤلاء لتخفف من الشر بوسعك، أما أن تتمادى كل هذا التمادي، وتجاهر بخسيستك، لتطعن به كل من قام بواجب المحاسبة والنقد الذي سمته شريعتك -التي نذرت نفسك في خطبك القديمة دفاعا عنها- بواجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحسبة على الآئمة والسلاطين، أما أن تنقلب وتطعن بمن يقوم بدورك القديم دون تطرفك وغلوائك وحماسك الناري الذي برد سريعا، فحنانيك حنانيك!

نعم لو قلت لنا بأن السياسة أمانة عظيمة لا يلقاها إلا الأقوياء العالمون، أما الضعفاء فهي خزي وندامة لهم فنعمى تقول، أولم يقل هذا نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر الغفاري نفسه؟

ومع هذا فلم يكن أبو ذر نفسه، مع ضعفه الذي شهد به الرسول نفسه، ليواطئ من هو أشرف ممن تتفيأ بلاطهم من الراشدين الأولين، أقول: لم يكن مع ضعفه ليخون أمانة الله في تبيين منكرات أهل السلطة، بل ما أظلت السماء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة منه، لم تمنعه سطوة معاوية ولا عثمان -رضي الله عن الصحابة أجمعين- من أن يداهن في دين الله، بله أن يقول: (أعوذ بالله من السياسة)!

وكيف يقولها، وهو يعلم أن السياسة مجداف المجتمعات والدول لتبحر في بحر الحياة المتلاطم، أم علينا أن نطوع شريعة الله لأهواء البلاط حتى يرضوا عنا؟

شتان شتان بين أن يرضى الله عنا يا عايض وبين أن يرضى عبد الله

ومن ابتغى رضى الله ولو بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من يشاء من الناس

فليتك تحلو والحياة مريرة...........وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر........وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين........وكل الذي فوق التراب تراب

قالتها رابعة العدوية في الجليل الأعلى
وقاله المتنبي في كافور الأخشيدي

فتراك تقولها لو أنك هجرت السياسة-وليتك تفعل- في الجليل أم كافور؟!


نعوذ بالله من الحور بعد الكور

:redrose: